في طريق طويلٍ طويل .. تدثّر نورٌ والتمع ..
كانت على جنباته شجيرات وورود .. وكانت سماؤه بيضاءَ محشوة بالسحب الثاقلات بالخير ..
الهواء كان رطباً بارداً يلتهب في الوجه لحظة التّماس ثم يسكن سلاماً ..
والنفحات الربانية تسّابق إلى المرايا المستقرة في النفوس فتنعكس الشعاعات فتلتمع بها الصدور دفئاً وحباً وأمناً ..
ونسيرُ في الطريق .. ونستلذ بطيبه وطهره .. ونستقيم ..
حتى إذا حدنا أنملةً واحدةً .. هبّت السماء مزمجرةً وعصفت الريح ..
واحتدّ الهواء زمهريرا .. وتقطفت كلّ ورود الدرب فاستطارت شرراً .. والمرايا صارت شاحبةً باهتة كالليمون .. حامضة كطعمه .. لا يستسيغها الآكلون ولا الشاربون ..
وابتعد الحادي عن الركب .. ومالَ حامل اللواء فاهتزت الراية وأوشكت على السقوط ..
وتذبذب المسير بالقافلة وارتجّت الأرض بحِمْلها فتثاقلت ..
وانطفأ النور !..
وكذلك لعمري تكون النفوس ..
قريبة حبيبة .. عاملة ساعية راضية .. ثمّ تقف!..
تنسى نفحات الحبّ في جلال الله .. ودقّات ساعات الليل وظلمته إلا من تلك النفحات ..
فتسدل الستار عن جمال روحٍ وصفاء نفس ..
وتعود إليها الكدرات والعثرات ..
وتتألم ..
ألا متى نستقيم على الطريق فلا نحيد؟!..
متى "نجاهد أنفسنا جهاداً عنيفاً .. فيسلسَ لنا قيادُها" .. ؟!
متى نكونُ كما نحلم أن نكون؟! ..
يا ربي تعلمُ أنّ قلوبنا ما لها ألمٌ كألم بعدها عنك ..، وما لها شوقٌ كشوقها إليك ..، وما يُضنيها -واللهِ- أكثرَ من انقطاعها عن الليالي بين يديك ..
فيا واصل المنقطعين أوصلنا إليك .. ويا مجيب السائلين .. قرّبنا إليك .. ويا ربي .. ردّنا إليك ردّ الكرام عليك !..
المفضلات