الخيانة الزوجية أمرٌ موجود منذ خلق الله الأرض والبشر.. فهذه الجريمة تنتشر في المجتمعات بنسبٍ متفاوتة، تبعاً للتقاليد والعادات والفرص المُتاحة عن طريق الاختلاط والخلوة بين الرجل والمرأة. لم يكن يخطر لي أن أكتب عن الخيانة الزوجية إلا أن قارئة اتصلت بي على المستشفى عدة مرات وحدثتني عن مشكلتها مع خيانة زوجها المُتكررة منذ أن تزوجا واستمر هذا الأمر حتى الآن بعد أن أصبح زوجها رجلاً كبيراً بلغ من العمر قرابة الستين عاماً، ولكنه لم يتوقف عن خيانة زوجته. تقول الزوجة بأن خيانة زوجها لها بدأت مع بدأ الزواج، وتوقعّت أن مرور السنوات سوف يردعه، وكِبر السن سوف يجعله يعود إلى صوابه. تحمّلت خياناته لها في الداخل والخارج.. مع قريبات وصديقات لها حتى مع الشغالات. كانت تتحمل في البداية مع شعورها بالمهانة والخزي والدونية حيث أن خيانات زوجها ليست خفية بل إن أولادهما بعد أن كِبروا أصبحوا يعرفون كل شيء، وأصبحوا ينصحونه، وهو موقفٍ مُخجل أن ينصح الأبناء والدهم ويُطلبون منه أن يُقلع عن هذه السلوكيات المشينة بحق والدتهم وبحقهم هم أيضاً إذ أنه لا يتورّع عن معاكسة أي إمرأةٍ يتوقع منها أن تستجيب لسلوكه الشاذ في سنٍ بلغها وأصبح في مركزٍ إجتماعيٍ مرموق. لكن الأب الزوج كان دائماً يُبرر فعله بأن جميع الرجال يفعلون ما يفعل، ويضرب أمثلةً لرجال آخرين يفعلون أكثر مما يفعل، وهذا دفاع نفسي مرضي (هو التبرير) يستخدمه الشخص لتبرير أعمال غير لائقة. هذا الرجل لم يكتف بما يفعله في رحلاته مع رجالٍ في مثل سنه يذهبون في رحلاتٍ مُتكررة لمدن يشيع فيها ممارسة الرذيلة، ومعروفةٌ بسياحة الجنس بعيداً عن أعين الفضلاء من أهل بلدته وإن كان لا يُبالي، وتسمع زوجته بحكايته مع أقرانه، وبعضها أفعالاً مُخجلة جداً يتناقلها بعض من رآهم في تلك الديار، وأحياناً بعض رفاقه الذين يُبعدون التهمة عن أنفسهم ويتحدثون عن أفعاله التي تصل إلى زوجته وأبنائه وبناته.
مشكلة الخيانة الزوجية سواءً كانت من الرجال أو من النساء، وإن كان المجتمع يغض الطرف عن خيانة الرجل (الزوج) بينما يُعامل الزوجة لو خانت بأقسى العقوبات والتي قد تصل إلى القتل في بعض المُجتمعات العربية، ولا يُحاسب القاتل سواءً كان زوجاً أو أباً أو ابناً أو قريباً، حيث هناك قانون يُعرف بقانون الشرف، يُعطي الحق لقريب الزوجة بقتلها ويُسجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر.. وهذا أغرب قانون سمعتُ به..! إنه قانونٌ غريب وشاذ ويذهب أحياناً ضحيته نساء بريئات نتيجة الشك المرضي الذي يُعاني منه بعض الأزواج، بل الأدهى من ذلك وأشد مرارةً أن يقتل الأهل فتاةً يشكُون بسلوكيتها ويتضح بعد تشريح الجثة بأن الفتاة عذراء ولم تخدش شرف العائلة ومع ذلك فقانون الشرف يحمي القاتل من عقوبة قاسية ويكتفي بالأشهر المعدودة فقط.
إن الخيانة الزوجية مرض يفتك بالمجتمعات، ويُسبب مشاكل جمة عصية عن الحل، خاصةً اختلاط الأنساب، والفضيحة لمن يقوم بهذا العمل الشائن، وصحيح أن المرأة تتحمل وزراً أكبر، لأنها هي التي تحمل وتُنجب، وإذا خانت الزوجة فهذا أمرٌ بالغ السوء، خاصةً على الأبناء والبنات إذا عرفوا بهذا الأمر المشين. دائماً المرأة إذا خانت فهي تتوخى أقصى الحذر في ارتكابها هذا الفعل، وفي أكثر الأوقات قد تكون خيانة الزوجة تحت ظروف قاسية، إما لفقدها الحب والحنان أو لإضطراب في شخصيتها أو انتقاماً من سلوكيات زوجها وهذا خطأ كبير ترتكبه الزوجة، فانتقامها من زوجها بمبادلته العمل إنما تضر بنفسها وقد تجلب العار لنفسها وأهلها وأبنائها.
لقد كنتُ أراقب برنامجاً تلفزيونياً في أحد المحطات الفضائية الجديدة، عن الخيانة الزوجية، يُقدمه مذيع ومُذيعة ويطلبان من المشاهدين الذين مروّا بتجارب خيانات زوجية أن يتصلوا ويتحدثوا عن تجاربهم (وكأنما يتحدثون عن طبخةٍ أو تفصيل ملابس..!) وفعلاً كان هناك من يتصل من الجنسين ويتحدثون عن تجاربهم في الخيانات الزوجية، زوجات خن أزواجهم ورجال خانوا زوجاتهم.. وبعد ذلك قالت المذيعة بأنها تعرف زوجة تخون زوجها، والزوج أيضاً يخون زوجته وكلاهما يعرف عن الآخر بل أن كلاً من الزوج والزوجة يُسهلان الخيانة لبعضهما..! عندئذ قال المذيع (أيه حلو كتير..!!) شوفتوا أحلى من هيك؟؟ خيانات على الفضاء وتفاصيل مُقززة لجريمةٍ بشعة وبعد ذلك يقول المذيع والمذيعة "حلو كتير.." هل وصلنا إلى هذا المستوى من الانحطاط الأخلاقي (فيه أكِثر انحطاطاً من هيك سلوكيات..!!). أرجو أن لا يصل بنا الأمر إلى مرحلة حلو كتير..!
المفضلات