الواقع غير مثالي،
الواقع مليء بالنقص .. الإنسان الذي يصر على أن كل شيء يجب أن يتم بمثالية يخسر كثيراً .. لن يجرب، لن يغامر، و لن يعيش.
" لا أعمل إلا في ظروف مثالية "، لن تعمل .. ستبتهج عندما تُحَل المشكلات بشكل تام، مرحباً بك في عالم القلق الدائم .. ستقول كلمة الحب عندما تتواجد الظروف المثالية، لن تقلها .. الحياة قصيرة، لا وقت للبحث عن الكمال .. لا يجب أن تكون كاملاً لتستحق الوجود، لتحب، لتكون اباً .. لا حاجة للظروف المثالية، عش بصدق و جرِّب بنية صافية و كفى.
الحياة قصيرة جداً .. الشعور لا تحكمه الإرادة .. في النهاية حياة الانسان هي عبارة عن شعوره اتجاه الاشياء، الاشياء التي يحبها، الناس الذين يحبهم، أحداث تفرحه و أحداث تبكيه.
لا وقت .. " الظروف المناسبة تأتي في الوقت غير المناسب "، الوقت أهم من الظروف .. ماذا ستنفع الواقعية يوم يفوت الأوان و تنتهي الحياة.
ستدرس، ستعمل .. هذا بديهي، لكنه ليس قضية الحياة .. هذه تضحيات في سبيل الحياة .. لا بد منها، بإمكانك أن تعيش الى جوارها، لا تؤجل الحياة الى حين تنتهي منها .. لا وقت .. ستخسر عمرك الحيوي الشاب، روحك تنطفئ، ستضيع حياة لا رجوع لها، أشياء لا يمكن تعويضها.
كل الأحداث تحدث نتائج،
كل الأحداث التي حدثت وتحدث في العالم هي بنت أسبابها الموضوعية ،
كثيرة هي الأحداث التي تحدث دون ان نرى إلى مسبباتها،
لا يمكن ان يحدث الحدث خارج أسبابه التي أدّت إليه ..
معرفتنا بحقيقة الأسباب هي الناقصة او غير المعروفة ،
المعارف تتقدم وهي تطورية تدريجية تراكمية ،
وبما انّ معرفة الأسباب ليست متوفرة دائماً ولا منذ البداية ، وبما انه لا بد من نسبتها إلى مسبب ما، لجأت كثرة من العقول لخلق أساب وهمية في غياب معرفة الأسباب الحقيقية ..
والذي حدث وما زال يحدث أنه حتى مع حضور معرفة هذه الأسباب عبر الكشوف المعرفية، يبقى الكثير ون يصرون على ردّ النتائج إلى أسبابها الوهمية ، إما لمصلحة وإما لجهل وإما لسهولة الإجابات الوهمية على الأسئلة الحقيقية ، لذلك فمن الطبيعي حتى مع وجود الإجابات الحقيقية والمعرفة الحقيقية والعلم الذي كشف ما كشف، أن يبقى ثمة مطرح للأوهام ..سيبقى ثمة محل للأوهام بخاصّة في العقول القاصرة أو المستفيدة او الجاهلة ، هذا ما كان عبر الأجيال وهذا ما هو قائم اليوم و سيبقى إلى غد، إلى أن تتساقط أمام الوعي البشري كل الأسرار وكل الحقائق التي كانت إلى حين قريب أسراراً مغلقة ..
.. ما زالت الأرض ثابتة في الرؤوس اليابسة والشمش ما زالت تدور،
ما زالت النجوم هي مصابيح للزينة، والسماوات سبعاً طباقاً،
ما زالت الأحداث تحدث لأنها مقدّرة الحدوث،
والمصائب عقاب،
والعلل تصفية حساب ..
ما زال حبل الأوهام طويلاً طويلا ..
المفضلات