المقصود برفع الصوت عندما استأذن عمر على رسول الله وعنده نسوة يستكثرنه
سؤالي متعلق بحديث: "استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نساءٌ من قريش يكلمنه، ويستكثرنه، عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب ..." الحديث. سؤالي هو: لِم لَم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم فعلهن؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهؤلاء النسوة هن أمهات المؤمنين، وقد يكون معهن غيرهن، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كريم السجايا، متسامحًا في حقه، فنصحهن عمر إكرامًا لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن من العلماء من ذكر أنهن لم يرفعن أصواتهن رفعًا منهيًّا عنه، بل مجموع الأصوات وتداخلها سبّب ذلك؛ قال القاري في المرقاة: وعن سعد بن أبي وقاص قال: استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة)، أي: جماعة من النساء (من قريش)، قال القسطلاني: هن عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وغيرهن. وقال العسقلاني: أي: نسوة من أزواجه صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكن معهن غيرهن، لكن قرينة قوله: (يكلمنه، ويستكثرنه) تؤيد الأول أي: يستكثرنه في الكلام، ولا يراعين مقام الاحتشام. وقال النووي: أي: يطلبن منه النفقات الكثيرة، وفي رواية: يسألنه، ويستكثرنه. (عالية): بالنصب على الحال. وقال السيوطي: أو بالرفع على الوصف. اهـ. وفي رواية: رافعات (أصواتهن) بالرفع على الفاعلية. وقال القاضي عياض: يحتمل أن هذا قبل النهي عن رفع الصوت فوق صوته صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن علو أصواتهن إنما كان لاجتماعهن في الصوت، لا أن كلام كل واحد بانفراده أعلى من صوته صلى الله عليه وسلم.
أقول: ليس في الكلام دليل على أن رفع أصواتهن كان فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم ليرد الإشكال بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} [الحجرات: 2] الآية. بل المراد أنهن في تلك الحالة على خلاف عادتهن من الخفض، ورفعن أصواتهن في كلامهن معه صلى الله عليه وسلم اعتمادًا على حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ... انتهى.
والله أعلم.
المفضلات