لحقوق التشريعية للمرأة في الإسلام :
أـ احترام الكيان الشخصي للمرأة :
لا شكَّ أنَّ الدين الاسلامي كرَّم المرأة وأعطاها حقوقها ، و منع من ممارسة الظلم الاجتماعي عليها ، و هذا النوع من الظلم ليس حكراً على الجاهلية العربية القديمة ، بل هو إرثٌ اجتماعي تتوارثه القرون والأجيال ، و يكرِّسه الضعف الفطري الانثوي للمرأة ، فبالتالي يظهر هذا الظلم الاجتماعي على الساحة ـ كلما ابتعدت البشرية عن التعاليم الربانية و الدين القويم ـ تحت أسماء مستحدثة ، و بمبررات جديدة .
و قد بيَّن الرسول الأمين عليه الصلاة والسلام أن المرأة مثل الرجل في جميع الحقوق والواجبات إلاَّ ما تختلف المرأة فيه بطبيعتها الانثوية عن الرجل ، فقال عليه الصلاة و السلام : ( النساء شقائق الرجال ).
ـ بل إنَّ للمرأة في الاسلام ـ في جميع أدوارها الاجتماعية ـ منزلة عظيمة وكبيرة لم تبلغها في جميع أدوارها التاريخية ، و يوضح ذك مايلي :
المرأة كأُم :
فقد جعل الله عز وجل حسن معاملة الأم سبباً رئيسياً لدخول الجنة ، بل وجعل طاعة الوالدين بعد طاعة الله عزوجل ، قال تعالى :{و قضى ربك ألاَّ تعبدوا إلاَّ إياه وبالوالدين إحسانا } ، و قال تعالى:{أن اشكر لي ولوالديك} ، إلاَّ أنَّ للأم مزيد عناية و تقدير ، فقد سأل رجل النبي عليه الصلاة والسلام :من أحق الناس بحسن صِحابتي ، فقال : ( أمُّك ) ، قال ثم من ، قال : ( أمُّك ) ،قال ثم من قال : ( أمُّك ) ، قال ثم من قال: ( أبوك ) ، والنصوص الشرعية عن منزلة الأم في الاسلام كثيرة معلومة .
المرأة كزوجة :
لقد حثَّ الاسلام على حسن معاملة الزوجة :
ـ فقال عليه الصلاة والسلام : ( خيركم خيركم لأهله ، أنا خيركم لأهلي ) .
ـ كما نهه عليه الصلاة و السلام عن ضرب النساء .
ـ و جعل النفقة على الزوجة من أعمال البر و الصدقة .
ـ و أمر بالصبر على خلق المرأة نظراً لما يعتريها من التغير و التوتر النفسي خلال فترة الطمث أو الحمل أو غيرها من العولامل التي ترهق نفسية المرأة .
ـ و أثتى عليه السلام على من يصبر عليهن بقوله : ( إنهن يغلبن الكريم ويغلبهن اللئيم )
ـ بل إن الزوجة تقدَّم على الزوج بعد الفرقة بينهما في أمور ، من ذلك حق الحضانة ، فإن للمرأة حق حضانة الطفل حتى يبلغ سن التمييز ، وبعد ذلك يخيَّر الطفل بين أمِّه وأبيه ، وفي الغالب فإن الطفل يختار أمَّه التي عاش معها حتى ذلك السن ،و بحكم ميل الطفل الفطري لأمِّه .
ـ و جعل الاسلام لمن تزوجت حقوقاً ماليةً ثابتة ، مثل : المهر و النفقة الزوجية للزوجة ، و مثل المتعة و النفقة للمطلقة بعد الفرقة .
ـ و جعل لها حق الخلع من الرجل إذا كرهت البقاء معه .
المرأة كابنة :
ـ و المرأة في الاسلام لها اسم مستقل فهي تنسب لأبيها ، وليست متاعاً تنتقل ملكيته
ـ و بين النبي عليه السلام أنَّ من كان له ابنتان فأحسن تربيتهما دخل بهما الجنة ، قيل يا رسول فواحدة ، قال : و واحدة .
ـ و لها كذلك حق الإرث من أبيها ، للأنثى نصف ما لللذكر ، مع أنها ليست مُلزمةً بأية نفقة .
ب ـ الإسلام و الناحية الأمنية للمرأة :
سبق أن مر بنا أن الإسلام هيَّأ للمرأة الكافل في جميع أطوارها العمرية ، حيث يلتزم الأب بكفالتها و نفقتها و حسن تربيتها ، فإن لم يوجد الأب فالجد ، فإن لم يوجد فالأخ ، فإن لم يوجد فالعم ، فإن لم يوجد فالأقرب لها من عصبتها .
فإن لم يوجد فينفق عليها قاضي البلد من بيت مال المسلمين ، و يجب عليه عندئذٍ أن يجتهد في تزويجها للأصلح مِمَّن يتقدم لخطبتها .
ـ إذن فالإسلام يكرِّم المرأة و يكفَلُها في جميع مراحلها و أطوارها العمْرية ، و لا أدلَّ من ذلك من قصة عمر رضي الله عنه الخليفة الراشد الذي كان بعض الصحابة الكرام يفتقده جزءاً من الليل من بعد صلاة العشاء ، فأراد بعضهم أن يتحقق من الأمر ، فوجد عمر رضي الله عنه يأتي كل ليلة إلى بيت عجوز ضريرة فيكنس بيتها و يحلب شاتها و يعلف داجنها و يتفقد أحوالها يفعل ذلك كل ليلة رضي الله عنه و أرضاه .
ـ أمَّا الحضارة الغربية فهي لا تعرف معنى للمرأة إلاَّ الحسناء اللعوب الطروب ، أمَّا المرأة المتقدمة في السن أو العجوز الكبيرة فلا تندرج في قاموسها اللغوي لتلك الكلمة .
ـ و إن كان ثَمَّة من حقوق تُعطيها تلك الحضارة للمرأة ، فإن تلك الحقوق خاصَّةٌ بالفتيات صغار السن إلى أن تفقد قدرا كبيرا من جمالها و شبابها ، و بالتالي تعود عبئاً اجتماعياً ثقيلا على تلك الحضارة المادية الصمَّاء .
و المرأة في الغرب تعرف ذلك جيدا ، فلذلك تبذل قصارى وسعها وكل جهدها و تصرف مدخرتها المالية في سبيل المحافظة على شبابها و نضارتها ، و هيهات ذلك .
ج ـ الإسلام و الناحية النفسية للمرأة والتخفيف عليها في التكاليف الشرعية:
كما مر بنا أنَّ المرأة الغربية تعيش في قلق دائم ،فهي تخشى أن تتجاوز فترة الشباب و الجمال فتعود عنصرا آخر غير مرغوبٍ به في المجتمع الغربي ، و حتى زهرة شبابها تمرُّ بها و هي تترقَّب غول التقدُّم في السن ، و تتراقص أمام عينيها أشباح التجاعيد .
فلذلك فإنها تبذل وسعها و ترهق نفسها مادياًّ و نفسياًّ من أجل الاحتفاظ بأقصى قدْرٍ تسطيعه من ِمُهلة الصبا و الشباب ، و هيهات ذلك .
و لذلك فهي تستهلك نفسيتها و مواردها المالية في المحافظة على ذلك الشباب و تلك النضارة ، فتلجأ إلى طرق كثيرة ، مثل :
ـ أنواع الرياضات الشاقة .
ـ أنواع الحِميات المضرة بدنياً و المنهكة نفسياً .
ـ ما تستطيع مواردهن المالية تحمله من نفقات الزينة و الملابس .
ـ و كذلك ما استطعن من عمليات التجميل .
فانتشرت جرَّاء ذلك بين النساء في الغرب اضطرابات غذائية مشهورة تؤدي إلى الهلاك في أحيان كثيرة ، مثل :
انعدام الشهية للطعام ، و في المقابل من ذلك الشره الزائد للأكل ، و ذلك بسبب مباشر أو عكسي لتلك الحميات الغذائية الضارَّة و التي يتحمَّلنها .
ـ هذا إذن هو واقع المرأة الغربية ، إذلال و امتهان ، سُخرةٌ و إذعان ، ، عُهر و إدمان ، جوع و حرمان .
ـ فلنقارِن حينئذٍ بين واقع المرأة الغربية المخزي و وضعها الشائن ، و بين الحقوق التي كفلها الدين القويم للمرأة المسلمة في ظل مجتمعٍ اسلامي رحيم .
ـ و قد تعجبون عندما تقرؤون مبحثاً طريفاً و مسألة مشهورة تطرقت إليها كنب الفقه الاسلامي كثيراً ، ألا و هي: هل يجب على المرأة الخدمة في بيت زوجها أم لا ؟....
و لكن لا يأخذُ بنا التعجب كل مأخذ ، و لنستبْقِ شيئاً من التعجب.
لأننا سنحتاج إلى شيءٍ منه حين نعلم أن قول لجمهور في المسألة هو عدم و جوب ذلك عليها ، و على الله قصد السبيل ، هو حسبنا و نعم الوكيل .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المفضلات