في أحد أيام الربيع الجميلة، كانت الشمس ترسل أشعتها على السهول الخصراء، فتبعث فيها الدفء. كان السكون يملأ المكان ما عدا صوت نعجة يملأ المكان بالثغاء: مــــــا.. مــــــا.. مــــا.. مـــــا..
بعد وقت قصير أنجبت النعجة البيضاء توأمين صغيرين، كانا أبيضا اللون ويشبهان أمهما تماما، خرجا إلى الحياة وهما يصرخان مثل أمهما أيضا: مـــا..مـــــا.. مــــا.. مـــــــا..
كانت النعجة تعيش مع ولديها في مغارة صغيرة أسفل الوادي، وكانت ترعاهما بحنانها الأم وعطفها الدائم، وكانت توفر لهما كل ما يحتاجانه من حليب، فترضعهما مرات عديدة في اليوم الواحد.
ولكن بعد فترة، لم يعد التوأمان يكتفيان بالحليب وحده، وكان لا بد من طعام آخر. كانت النعجة قد استردت النعجة صحتها، فقررت أن تذهب لجلب الطعام لصغيريها من السهول القريبة.
كانت الأم مشغولة البال على صغيريها، فمن هو الذي سيرعاهما ويحميهما في أثناء غيابها. فكرت بالأمر كثيرا، ثم قالت لهما: اسمعا يا صغيري، أنا اليوم سأذهب لأجلب لكما الطعام اللذيذ من السهول المجاورة للمغارة، وسوف أغلق الباب جيدا، لذلك لا تخافا، ولكن احذرا جيدا، ولا تفتحا لأحد إلا لي عندما أطرق الباب وتسمعا صوتي قائلا ثلاث مرات: مــــا.. مــــا.. أنا أمكما جئت لكما بالطعام.
هز الصغيران رأسيهما، بالموافقة على كلام أمهما، فغادرت الأم المغارة مطمئنة عليهما، وتوجهت إلى المراعي المجاورة من أجل جلب الطعام.
لم تغب الأم طويلا، إذ سرعان ما حضرت إلى ولديها وهي محملة بالطعام اللذيذ، فأقبل ثلاثتهم عليه بنهم شديد، ولم يتركوا منه شيئا.
وهكذا أصبحت الأم تترك ولديها يوميا في وحدهما في المغارة، بعد أن توصيهما أن لا يفتحا الباب لأحد، إلا عندما يسمعا صوتها تقول مــــا.. مــــا.. أنا أمكما جئت لكما بالطعام.
استمر الأمر على هذه الحال لأكثر من أسبوع، تخرج الأم لساعات قليلة، ثم تعود بعدها بالطعام، وكان الصغيران فرحين، وهما يكبران يوما بعد يوم.
وفي أحد الصباحات رأى الذئب النعجة وهي تغلق باب المغارة وتوصي صغيريها بعدم فتحه إلا لها عندما تناديهم قائلة: مــــا.. مــــا.. أنا أمكما جئت لكما بالطعام.
سمع الذئب ما قالته النعجة الأم لإبنيها، فراقبها جيدا حتى ابتعدت كثيرا عن المغارة، وذهب الى الباب وطرقه مناديا، ومقلدا صوت الأم: مــــا.. مــــا.. أنا أمكما جئت لكما بالطعام.
كان الصغيران على وشك فتح الباب، عندما ثارت ضجة كبيرة بالقرب من الباب، وانطلق صراخ عظيم لصوت لم يعهده الصغيران من قبل.
وفجأة أطل وجه أمهما من خلف الباب، فأسرعت تحتضنهما ودموع الفرح والخوف تطل من عينيها.
عندما نظر الصغيران نحو الخارج، شاهدا الذئب وهو يهز رأسه بانزعاج شديد، فيما يحاول الابتعاد عن المغارة، وقد أصيب في إحدى رجليه التي يعرج عليها خلال سيره.
كانت الأم قريبة من المكان حين سمعت الذئب يحاول تقليدها، وخداع صغيرها، فعادت في أقصى سرعتها لتجد الذئب على وشك الدخول. وبينما هو منشغل بوليمته المنتظرة، انقضت عليه بنطحة شديدة في عنقه، أتبعتها بأخرى في إحدى ساقيه، وتركته ينزف قرب الباب قبل أن تدخل لاحتضان صغيريها.
المفضلات