....شحن ابي ثابت
.......لو رأيتني وأنا طفل ، أركب الشاحنة ..تحمل بقية أغراض أهلي ،وتسير في المطر ببطء شديد ..مطرودين
من أوطاننا ،وأنظر الى المطر أحسبه دموعا ..وأحبّ أن أراه دموعا ، لأن ّ عيني جامدة ..لا تبكي ..لا تفهم
ما هذا الحزن ... وجه ابي ، وجه أمّي ...صوت الشحن يتردد في فراغ هائل بين الأرض والسماء .. - سمعته
السماء-....انّه حلمهم السعيد ...وشقائي أنا ..الفلسطيني....!!
...لو رأيتني غارق في الوحل وأنا أمشي الى خيمة المدرسة ،أنظر في الأستاذ ،أفهم مايقول -
علما وأدبا _ أضحك سعيدا بهداياه الجميلة ، وقدماي تتجمدان في الطين ...ومعدة لم يرهقها طعام افطار ولا
عشاء ..............!والعالم يمتلىء ببساتين البخلاء....!!!!!!!!!!!!!
لاجىْ ...!! انا لاجىء ...لو رأيت تلك الليلة ومطرها الغزير ..حين تدفق السيل علينا من تحت
الخيمة ونحن نائمون ،أنبّه أمّي ، تقوم ، تتحسس الماء تحتنا .........فتقول بحزم وعينين صارمتين تلتمعان في الظلام : - نم والصباح رباح -
...........نم ..يا الله ..ما هذه الأم !! ..........أنام فوق الماء !! ...........هي أمي ..شقّت طريقها في الصخر
أو فوق الماء ..........!! هي القوة والصبر..وطننا الجديد
وأنا أنظر في الظلام في تلك الليلة .........رأيت العالم بوضوح ..ظلمهم وغدرهم ...المتألمون
يرون الشقّ الآخر من الانسان..يرون الانسان الغادر اللئيم ...فهو هو الانسان سبب الألم والفرح...فوق هذه
الأرض .........فانظر من أنت فيهم واعرف نفسك ........بينهم
واذ طلع الصباح ....أنظر اليهم يعصرون فرشهم وأغطيتهم .............والناس تعصر الفاكهة والأعناب في أمكنة أخرى .....................وكلّها هدايا الانسان وامتحان الله على هذه الأرض........
وأنا أنظر في قرارة نفسي ....الى ألمي كصخرة لا تتفتت .........
لو رأيتني وأنا أقف على باب الخيمة .. أمسك حبلها أنظر للعالم أتعجّب من أنانيته وقسوته ،وأنا
خارج وطني - منزلي ، كرا متي ، سلة طعامي وهويتي -
........................ربما تجلدنا فئة من الظالمين ، ....نصاب نحن البشر من بعضنا ...فئة تحلم وفئة تدفع
ثمن حلمهم .......حلم اليهود بأخذ وطني ...وأنا هنا أتعذب لأدفع ثمن أفراحهم ...أتذكر طعاما أكلته قبل
يومين أو ثلاثة .....وفي كل لحظة ......كأنما .....يضرب كلّ يهوديّ نفسي بحجر .........تدميها ...ولكنّي لم
أصر حجرا ..........بل شاعر يرثي لآلام الانسان ويتمنى ..............له عودة روحه
........الكاتب / عبدالحليم الطيطي
[/FONT][/COLOR][/SIZE]
شحن - ابو ثابت - - مدونة عبد الحليم الطيطي الادبية
المفضلات