وبعد أن خالجني ذلك الاطمئنان بأنك لا زلت تقرأ ما تبوح به روحي ، وجدت أن أبثك بعض ما راودني من هدوء الذهن ساعة صفاء :
لقد أخبرتني ذات يوم أن الزمن يدور ، ووجدت أن الزمن لا يسير حسب كتب الرياضيات والهندسة على شكل دائرة ، ولكن على شكل مستقيم لا يوجد تاريخ لبدايته ، ولا تكهن واضح بنهايته ، ولو كان كما وصفت لعاد الزمن إلى ذلك الوقت الذي حلمنا فيه .... وضحكنا ....
وكنت أقنعتني أن الدفاتر سوف تدون كل أحاسيسنا ..... وأفراحنا ....... وهزائمنا ، ولكنني اكتشفت أننا كنا مجرد سطور سوف تحرقها شموس الصحاري ، ويبهتها لون الخريف ، وفي الشتاء يتلفها المطر ....
وأخبرتني أن الليل موئل الشحوب والرحيل والحزن ، ووجدت أن في ظلام الليل بوحٌ دافئٌ ، وأن الليل موطن القمر ...
لقد أفحمنا أنفسنا ونحن نتكلّم عن المثل العليا والمبادئ السامية ، وأن العدل يقول أن لقاءنا هو الثابت وأن فراقنا هو المتغير ، ولكنني اكتشفت أننا كلما أكثرنا من التحدث عن تلك المثل ، وجدنا أننا تركناها بدون أن نباشر ولو مرةً واحدةً بتطبيقها على جراحنا ، فأصبح كل ما هو جميل مشروعاً مؤجلاً ......... أو مجرّد حبرٍ على ورق.....
لقد رسمت لك صورة سوداوية عن واقعنا ، ولكنها أفضل ألف مرة من وردة من الوهم ....
المفضلات