هل يجوز صيام ايام التشريق
جعل الله -سبحانه وتعالى- للمسلمين عيدين، يتمتعون فيهما بالفرح والسرور، وزيارة الأقارب والأرحام، وتبادل عبارات التهنئة، والتحابب، والتواد، وهذان العيدان هما: عيد الفطر المبارك، ويكون بعد شهر رمضان، حيث جعله الله -سبحانه وتعالى- فرحة للصائم بعد فطره ، وعيد الأضحى المبارك بعد وقفة عرفة.
وقد شرع الله -سبحانه وتعالى- يوماً واحداً للمسلمين للأكل والشرب، وذكر الله -سبحانه وتعالى- كما جاء في الأثر، ثم تغيرت الأحوال، وازداد عدد الأقارب والأرحام، فزاد المسلمون يومين آخرين بعد يوم الفطر.
وأما عيد الأضحى فقد شرع الله -سبحانه وتعالى- له أربعة أيام للأكل والشرب، وذكر الله -عز وجل- ، وهذه الأيام يُسمى أول يوم فيها بيوم النحر، والثلاثة الباقية تسمى بأيام التشريق. ومن المعلوم أن صيام يوم العيدين محرم، فهل يا ترى يجوز صيام أيام التشريق تلك ؟
أولاً: توضيح معنى أيام التشريق: أيام التشريق هي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وسميت بذلك ؛ لأن العرب قديماً كانوا بعد أن يذبحوا الأضاحي، ينشروا اللحوم باتجاه الشمس شرقاً، مدة ثلاثة أيام حتى تجف ويخزنوها ؛ لأنه لم يكن هناك ثلاجة لحفظ الأطعمة، ولم تكن هناك طريقة لحفظ اللحوم غيرها.
ثانياً: الكلام في حكم صيام هذه الأيام: اختلف العلماء على حسب المذاهب الفقهية في صيام هذه الأيام، فمنهم من أجاز، ومنهم من حرم، ومنهم من قيد صيامهم بشروط، فما الرأي الراجح يا ترى؟
جمهور العلماء يرون بأن صيام هذه الأيام لا يجوز، بل ويحرم فعل ذلك، كما يؤثم الذي يصوم في تلك الأيام، وعليه أن يستغفر ويتوب لارتكابه معصية، وهي مخالفة الشرع الذي نهى عن صيامها، فقد جاء في الأثر الصحيح أن صحابياً زار أخاً له في الله في تلك الأيام، فلما جاء له بواجب الضيافة قال له إني صائم، فقال الصحابي الجليل له -رضي الله عنه- : كيف ذلك وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهم؟ بل وأمرنا بأن ننادي بالناس في تلك الأيام، أن لا تصوموا وافطروا ؛ لأنها أيام أكل وشرب وذكر لله -سبحانه وتعالى- .
بعض العلماء أجاز صيام هذه الأيام، على اعتبار أن النهي الذي جاء في أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما هو من باب الكراهة والتنزيه فقط، واستدلوا بفعل بعض الصحابة، أمثال عبد الله بن الزبير، وأبي طلحة، فقد ورد أنهما صاما في تلك الأيام. ونرد على هؤلاء بأن هذا غير مبرر ليقولوا بالجواز، بل من المحتمل أن الصحابة فعلوا ذلك، لأنهم لم يعلموا بنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صيام تلك الأيام، وهذا هو الأولى.
الشافعية والحنفية على أنه محرم صيامهم، إلا بقيد واحد وشرط واحد، فالكل يحرم عليه الصيام، ما عدا القارن والمتمتع في الحج، إذا لم يجد الهدي، فهما فقط من يحق لهما الصيام دون غيرهم، وهذا هو الراجح، والمعمول به بين المسلمين، والله تعالى أعلى وأعلم.
المفضلات