الإنترنت وعقل الإنسان: الحلقة المفقودة!
سنبدأ هذا الموضوع ببعض الأرقام الإحصائية التي أوردها كيفن كيلي (Kevin Kelly) - المفكر والمحرر في مجلة وايرد العالمية (Wired) - في كلمة ألقاها العام الماضي فيملتقى التكنولوجيا والترفيه والتصميم (TED) السنوي عن مستقبل الإنترنت. هذه الأرقامالتقديرية التي توضح حجم الإنترنت ونشاطها، بعد أن مر على وجودها أكثر من 5000يوم،عرضت بمقاييس تمكننا من استشراف مستقبلها.
فحسب ما ذكره كيفن، تحتوي الإنترنت على أكثر من بليون معالج إلكتروني متصل بعضهاببعض، وهناك أكثر من مليوني بريد إلكتروني في الثانية يتم تبادله حول العالم. كماأن هناك أكثر من مليون رسالة برامج محادثة في الثانية الواحدة، و 8تيرابايت منالبيانات المنقولة في الثانية، و 100بليون نقرة في اليوم، و 55ترليون رابط، و 255إكسابايت من الوسائط التخزينية، وأخيرا تستهلك الإنترنت ما مقداره 5% من الطاقةالكهربائية حول العالم.
لغة الأرقام هذه أتت لتوضح الازدياد المطرد للإنترنت مع تقدمنا في التقنية وتحول تعاملاتنا تدريجيا لهذه الشبكة العنكبوتية. غير أنه وبالنظر في هذه الأرقام منزاوية أخرى يتشكل لنا تشبيه قريب لعمل عقل الإنسان. فالعقل البشري بلغة الأرقاميحتوي على أكثر من مائة بليون خلية عصبية (تسمى عصبونات) متصلة مع بعضها البعضبخلايا الغراء العصبي مكونة شبكة معقدة من التشابكات العصبية.
ويمكن للخلية العصبية الاتصال بالخلايا الأخرى عبر عدد من التشابكات التي تتراوحما بين بضعة آلاف ونصف مليون تشابك. ويتدفق بين هذه الخلايا العصبية ما مقداره 100ملي لتر من الدم في الدقيقة الواحدة، كما يستهلك العقل البشري 20% من طاقة الإنسان. أما أبطأ سرعة لنقل البيانات بين العصبونات فتقدر بحوالي 416كيلومتر في الساعة. كما يقدر متوسط عدد النشاطات في العقل البشري بحوالي 70ألف نشاط في اليوم الواحد.
إن الشبكات التي تكوّنها الخلايا العصبية باتصالها معا تشبه إلى حد بعيد تشابكالأجهزة على شبكة الإنترنت، كما إن ملايين النشاطات التي تحدث داخل العقل البشري تشبه كذلك النشاطات التي تدور داخل شبكة الإنترنت. أي أن شبكة الإنترنت بشكلها الحالي تكون عقلاً إلكترونياً ضخماً، تشابكاته موجودة ولكن تفتقد إلى التناغم الموظف لحجمه. فهل ستكون الموجة القادمة من الويب المتمثلة في الويب الدلالية (Semantic Web) هي الغراء العصبي الذي سيخلق هذا التناغم في شبكة الإنترنت؟
المفضلات