البارت الثاني: القصة
ساعة المنبه ترن.. والغرفة معتمة قليلا.. صوت عصافير جميل جدا.. وصوت الماء التي تسقي الزرع.. اطفأت (نور) المنبه وقامت من نومها.. فتحت الستائر ونظرت الى الجو قليلا.. كان مائلا الى البارد.. وكان غائما.. نظرت الى نفسها بالمراه.. كانت خائفة ومتوترة قليلا.. فاليوم هو اول يوم لها في الجامعه.. ذهبت الى الحمام وغسلت وجهها جيدا واسنانها.. لبست وخرجت من المنزل مع الشوفير اللذي كان ينتظرها.. بينما كانت السيارة تمشي بالطريق.. كانت نور تنظر من نافذة السيارة بخوف وقلق.. وكانت تتسائل عما اذا كانت ستتعرف على اصدقاء ام لا.. كلما اقتربت من الجامعه كلما زاد توترها.. وقف السائق امام باب الجامعه ونزلت نور من السيارة.. دخلت الى الجامعه وكانت تحاول ان لا تنظر حولها.. فقد كانت مليئة بالطلاب.. وكان معظمهم ينظر اليها ويتكلم عنها.. لانها جديده والجامعه صغيرة فقد كان الكل يعرف الاخر.. لم تتكلم مع احد ولم يكلمها احد.. جلست نور قليلا واخذت ورقة الجدول الدراسي من حقيبتها.. ثم قامت لتبحث عن مكان اول محاضرة لها.. وهي محاضرة (علم النفس)..في هذه الاثناء.. كان الشاب (فارس) جالسا في تلك المحاضرة التي تبحث عنها.. وكان يحب ان يجلس بالخلف في معظم محاضراته.. كان ينظر الى كل من يدخل القاعه.. وبينما هو ينظر.. دخلت نور التي لفته حذائها جدا.. فأخذ ينظر اليها بالتدريج من حذائها الى سترتها الى وجهها.. وعندما رأى وجهها للمرة الاولى.. سُعق من شكلها.. فهو لم يرى في حياته فتاة تشبهها.. ولكنه لم يدقق في وجهها كثيرا.. بينما هي تمشي لا تعرف اين تجلس.. وهو ينظر اليها بتعجب.. نظرت اليه هي للمرة الاولى ولاحظت طريقة نظرته اليها.. لم تستطع ان تنظر اليه اكثر من ثانية واحده واحمرت وجنتاها وانزلت عيناها على الارض.. ثم جلست امامه بدرجين وعلى شماله.. تعجب فارس من شكلها وطريقة لبسها.. وقال في عقله: ( شو هالبنت هاي ! كتير غريبه ! ).. ولكن لم يعطي الموضوع اهتماما كبيرا.. انتظر الطلاب الاستاذ طويلا.. ثم جاء الاستاذ واعتذر منهم لانه لن يعطي محاضرة في هذا اليوم.. قام الطلاب وقام فارس ولم ينظر الى نور ابدا.. حتى انه نسي وجودها ! قامت نور وكانت تشعر بالحزن لانها ستضطر ان تجلس وحدها فترة اطول لتنتظر المحاضره التالية.. مشت في الممرات وخرجت الى الساحة الخارجيه.. ثم جلست في احدى الكراسي واخذت تنظر من حولها.. وتنظر الى اشكال الطلاب وكيف يتكلمون ويمشون والى اخره.. في هذه الاثناء جاءها شاب ليتعرف عليها.. واصدقاءه ينتظرونه من بعيد ليرون ماذا سيحصل.. وقف الشاب امامها
وقال: ( كيفك يا حلوه ؟ شو جديده شكلك؟ )
لم تجاوبه نور بكلمة واحده..
فخجل الشاب وقال لها : ( اسفين يختي ) ثم ذهب..
كان نور قلبها يدق بقوة.. وكانت خائفة من ان يضايقها شاب اخر.. تمالكت نفسها وبقيت جالسة في مكانها.. في هذه الاثناء.. كان فارس جالسا مع سالي والشلّة يشربون القهوة ويتحدثون ويضحكون..
فجأة قال (احمد) صديقهم في الشلّة: (شوفوا شوفوا هاي البنت شكلها جديدة)..
نظر فارس اليها ونظر الجميع.. ثم اخذت سالي تستهزأ من طريقة لبسها..واخذوا الفتيات يضحكون.. كان فارس ينظر اليها بصمت.. شاعرا بشعورها وهي وحيدة وخائفة.. اكمل الشباب والفتيات احاديثهم ولكن بقي فارس ينظر اليها ويتمعن فيها.. في هذه الاثناء جائها 3 شباب واحدا تلو الاخر ليتعرفو عليها.. ولكنها كانت ترفض او تبقى صامتة.. وكان فارس ينظر ويتمنى ان ينقذها من الوضع التي هي فيه.. بالنهاية جاءها شاب وجلس بجانبها.. خافت نور كثيرا ونظرت اليه نظرة تعجب..
وقال لها: (شو حبيبتي ليش خايفة ؟ تعالي اعرفك عالجامعه)
لم تقل نور أي كلمة وقامت لتمشي مبتعده.. كان فارس ينظر اليها بشفقه.. ولكن سرعان ما تكلم معه الشباب والفتيات ونسي امرها.. مرت الساعات وانتهى الدوام دون ان تتعرف نور على اي احد.. وذهبت الى المنزل حزينة.. في اليوم الاخر.. كان فارس واقفا في احد الممرات ينتظر قدوم استاذ لمحاضرة ما.. واذ به يرى نور تمشي من بعيد باتجاهه وكانت ملامح وجهها وكأنها منزعجة جدا.. وكانت تنظر الى الارض طوال الوقت.. تسائل فارس بنفسه عمّا يزعجها.. وسرعان ما لاحظ ان هنالك شابان يلاحقانها ويتكلمان معها.. وهي تحاول ان تبتعد عنهم ولكن دون جدوى.. تصرف فارس بسرعه ووقف أمامها وامسك بيدها ورفعها قليلا امام صدرها..
وقال لها : ( ما تخافي ).
كانت نور تنظر اليه بتعجب وتنظر الى يده التي تمسك يدها .
نظر فارس الى الشابان وقال بصوت عالي: ( في اشي؟) .
وقف الشابان وسكتوا قليلا.. ثم قال احدهم: (بتعرفها للبنت؟).
قال فارس بصراخ: ( اه بعرفها ايش بدك؟ ) وكانت ملامحه غاضبة..
خاف الشابان وقال احدهم: (لا خلص ولاشي).
واكملوا طريقهم مبتعدين عن فارس ونور.. نظر فارس الى نور.. وكانت تنظر اليه بتعجب وخوف.. ووجهها محمرّ من الخجل.. في تلك اللحظه كان وجهها قريب جدا من وجه فارس.. فنظر فارس الى شكلها وبالاخصّ عيناها.. وكان مصدوما ممّا يرى.. فقد كان يرى اجمل فتاة في حياته كلها.. نظروا الى بعضهم البعض قليلا.. ثم انزلت نور عيناها ورجعت قليلا الى الوراء. فترك فارس يدها.. وقالت نور لفارس: (شكرا).. ثم اكملت طريقها وابتعدت عنه.. في هذه الاثناء كان فارس واقفا ومصدوما.. فقد سمع صوتها الناعم العذب.. وشم رائحتها الجميله.. ورأى عيناها الناعستان ورموشها الطويلة ولون عيونها الغريب عن قرب.. ورأى الضربة الجميلة التي على انفها.. ورأى شفتاها الرائعتان.. واعجب كثيرا بخجلها.. وباحمرار وجهها.. فلم يعد يرى هذا الخجل البريء كثيرا.. فقد اصبح شبه معدوم.. كانت جميع الفتيات تنظر اليه نظرات اعجاب.. وتطيل النظر اليه.. بعكس نور التي لم تنظر اليه مطولا ولم تبدي اي ملامح اعجاب بوجهها.. فقد اعجبه هذا الشيء كثيرا.. واخذ ينظر اليها وهي تمشي من بعيد.. في هذه اللحظه امسك الاستاذ بكتف فارس وقال وهو مبتسم : (ايش فارس؟ يالله عالمحاضره) .. ابتسم فارس له ودخل المحاضرة.. وبينما الاستاذ يشرح.. كان فارس سارحاً في عالم اخر.. يتذكر شكل نور عن قرب.. ويتذكر الموقف مرارا وتكرارا.. وينظر الى يده التي مسكت يدها.. كانت هذه اول مرة في حياته يشعر بهذا الشعور.. فهو لم يشعره مع سالي ابدا.. ولا مع غيرها.. وهو لا يبدي اي اهتمام للفتيات ابداا.. وحتى لو كانت فتاة رائعة الجمال.. لا تحرك شيء من مشاعره.. لانه زهق كثيرا من هذه المواضيع.. ومن كثرة معجباته والفتيات التي يحاولن التحدث اليه.. ولانه تكلم مع الكثير من البنات فأصبح لا يدق قلبه لأحد بسرعه.. ولكن هذه الفتاة كانت مختلفة تماما.. فقد دق قلبه من اول ما رآها.. لم يكن حب.. ولكنه كان اعجابا غريبا.. والسبب انه غريب بأنه لا يحب الفتيات الاتي يلبسن هكذا عادة.. ولا يحب الفتيات الاصغر سناً.. ولكن مع ذلك كان يشعر بشعور غريب كلما رآها.. انتهت المحاضرة وخرج فارس ليرى حبيبته سالي.. ولكنه كان ينظر حوله يحاول ان يجد نور ليطمئن عليها.. خرج فارس الى الساحة الخارجيه.. وذهب الى الكافيتيريا ليجلس مع سالي.. وكان يبحث ويبحث.. ومن ثم راها اخيرا جالسة مع فتاة يتحدثون ويضحكون.. في هذه اللحظه ارتاح كثيرا وفرح لأنها تعرفت على احد.. ثم جلس مع سالي ولم ينظر اليها مرة اخرى.. كانت نور جالسة مع فتاة اسمها (ريم) وكانت هذه الفتاة هي من ذهبت لتتعرف على نور.. فجلسوا يتحدثون وكانت نور سعيدة لأنها ليست وحدها..
يتبع..
المفضلات