تعزية من الإمام المهدي إلى شعب المملكة الأردنيّة الهاشميّة حكومةً وشعباً، وحكم نفي حدّ الحريق في دين الله الإسلام..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله من أوّلهم إلى خاتمهم محمد رسول الله وجميع المؤمنين في كل زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين لا أفرّقُ بين أحدٍ من رسله وأنا من المسلمين، أمّا بعد..
فأولاً نرسل تعازينا إلى قبائل الكساسبة بالمملكة الأردنيّة الهاشميّة وإلى صاحب السمو الملكيّ الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنيّة الهاشميّة وكذلك إلى كافة الأردنيين حكومةً وشعباً بمصابهم في الطيّار معاذ الكساسبة الذي أعدمته داعش حرقاً حتى الموت، فأقاموا عليه حكماً قضائيّاً من عند أنفسهم ما أنزل الله به من سلطانٍ في محكم القرآن، وهم من يسمّون أنفسهم بالدولة الإسلاميّة! ولا بدّ أنّه قد صدر في إحراق الطيار الأردني حكمٌ قضائيٌّ من الشيخ أبي بكر البغدادي زعيم داعش. وإنّني الإمام المهدي ناصر محمد اليماني أُدين بكلّ ما تعنيه الكلمة وأستنكر أيما استنكارٍ هذه الجريمة النكراء التي آلمت قلوب البشر جميعاً وأدْمت قلب كلِّ إنسانٍ صاحب الضمير الحي. وكما قلنا فلا بدّ أنّه قد صدر حكمٌ قضائيٌّ من الشيخ أبي بكرٍ البغدادي بإعدام الطيار الأردني حرقاً حتى الموت، والسؤال الذي يطرح نفسه مباشرةً إلى الشيخ أبي بكر البغدادي: فمن أين جئت بهذا الحكم بفتوى إحراق الطيار معاذ الكساسبة؟ وعليه وبناءً على قول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:45]، وبما أنّك تدعو إلى خلافةٍ إسلاميّة وبما أنّ الشيخ أبي بكر البغدادي وحزبه داعش يقاتلون لتحقيق خلافةٍ إسلاميّةٍ عادلةٍ حسب قولهم؛ فنطرح السؤال مرةً أخرى إلى الشيخ أبي بكر البغدادي: فهل ترى أنك حكمت بما أنزل الله في شأن الأسير لديكم الطيار معاذ الكساسبة كونك حكمت عليه بإحراقه في النار حتى التفحم والموت حرقاً؟ وإنّني الإمام المهدي ناصر محمد اليماني أدعو الشيخ أبي بكر البغدادي إلى الاحتكام إلى القرآن العظيم حتى نقيم عليه الحجّة بالحقِّ من محكم القرآن العظيم في شأن حكمه بحدّ الحريق حتى الموت للطيار الأسير. فهل جئت بهذا الحكم من خلال أحكام الله وحدوده أم من أحكام الطاغوت؟ وقال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:50].
ألا وإنّ مِنْ أحكام بعض طاغوت الجاهليّة هو حدّ الإحراق حتى الموت لمن آمن بالله وحده وسفه آلهتهم ولذلك قرر قوم نبيّ الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يعدموه حرقاً حتى الموت فأنقذه الله، وكذلك نجد نفس حكم الطاغوت يتمّ تطبيقه من الذي ادّعي الربوبيّة وأمر بحفر خندقٍ وأضرم فيه النار فمن ثم أمر بحكم الإعدام على من آمن بالله وحده حتى الموت. وقال الله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ( 1 ) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ( 2 ) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ( 3 ) قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ ( 4 ) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ( 5 ) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ( 6 ) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ( 7 ) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ( 8 )} صدق الله العظيم [البروج].
ونستنبط من ذلك أنّ الإعدام حرقاً حتى الموت هو من أحكام الطاغوت في حقّ البشر وليس حكم الله الواحد القهار وما أنزل الله بهذا الحكم من سلطانٍ في محكم القرآن فلم يقُله الله ولا رسوله، فهل عندكم سلطانٌ بحكم الإحراق حتى الموت من قول الله ورسوله؟ فآتنا بحكم الله بحدّ الإحراق إن كنت من الصادقين؛ بغض النظر هل يستحق الطيار الموت أم لا يستحق؛ بل حجّتنا عليكم هو افتراء حدٍّ في الإسلام ما أنزل الله به من سلطانٍ وهو حدّ الإعدام بنار الحريق حتى الموت، فهذه جريمةٌ كبرى ونكراء في حقّ الإنسانيّة تخالف لحكم الله ورسوله في حكم الأسير، كون حكم الله في شأن الأسير حكماً واحداً حتى ولو كان الأسير كافراً يحارب الله ورسوله وتمّ أسره في الحرب فحكَم الله في شأنه فلم يأمر بإحراقه حتى الموت؛ بل أَذِنَ الله للمؤمنين أخذ الفدية مقابل إطلاق سراحه، وإذا كان الأسير فقيراً وأهله فقراء فأمر الله بإطلاق سراحه بدون أي مقابل لوجه الله. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} صدق الله العظيم [محمد:4].
فهذا حكم الله على الجندي الكافر برغم أنّه يحارب الله ورسوله. وقال الله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} صدق الله العظيم. فما بالك بالأسير المسلم يا أبا بكر؟ فلو أنّك أعدمته بحدّ السيف لكانت الجريمة أهون برغم أنّ قتل الجندي أسير الحرب محرّمٌ في محكم كتاب الله القرآن العظيم لأنّه عبدٌ مأمورٌ، ولكنّك أحرقت الأسير في النار حياً حتى الموت! ويا لها من جريمةٍ تُسَجَّلُ في تاريخ الجرائم الكبرى في تاريخ البشر يستنكرها المسلم والكافر.
وما نريده من الشيخ أبي بكر البغدادي أو أحد نوابه الحضور إلى موقع الإمام المهدي ناصر محمد اليماني ليقرع الحجّة بالحجّة؛ ما لم فهنا يتبيّن لكلّ مسلمٍ أنكم لا تحكمون بما أنزل الله. وقال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة: 49].
وقال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50].
وقال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45].
صـــــدق الله العظيـــــــــــم.
ونرجو من الله بحقّ لا إله إلا هو وبحقّ رحمته التي كتب على نفسه وبحقّ عظيم نعيم رضوان نفسه تعالى أن يتغمد الطيار معاذ الكساسبة برحمته ويغفر له ويدخله فسيح جناته وجميع أموات المسلمين إنا لله وإنا إليه راجعون، وأن يحقّ الحقّ أينما يكون ويزهق الباطل أينما يكون، وأن يحقق للمسلمين وكافة العالمين خلافةً إسلاميّةً عادلةً تحقق السلام العالميّ بين شعوب البشر وتحقق التعايش السلميّ بين المسلم والكافر فلا إكراه في دين الله وما أرسل الله دين الإسلام إلا رحمةً للعالمين. ألا والله لا تهدون البشر بحدّ السيف؛ بل بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وحسن الأخلاق. تصديقاً لقول الله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} صدق الله العظيم [النحل].
ونأمر من يستطيع من الأنصار بنشر هذا البيان وتبليغه إلى وسائل الإعلام العربيّة والإسلاميّة ما استطاعوا. وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــ
المفضلات