النية في الصيام
النية هي ركن من أركان الصوم وهي سرُّ العبودية وروحها، وهي من العمل كالروح من الجسد؛ فالعمل تابع لها يصح بصحتها، ويفسد بفسادها، قال تعالى -: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) ، فبيَّن في الجملة الأولى أن العمل لا يقع إلا بالنية، ولهذا لا يكون عمل إلا بنية، ثم بيَّن في الجملة الثانية أن العامل ليس له من عمله إلا ما نواه، وهذا يعم العبادات والمعاملات، والأيمان والنذور، وسائر العقود والأفعال
أخي في الله : بعد أن علمت أهمية هذه النية؛ سارع إلى تفقدها، فها قد أظلك شهر كريم شهر فرض الله علينا صيامه، فكيف نيتك مع هذا الصيام، وكيف حالها؟ لا بد أن تراجع نيتك، وأن تقف معها دائماً عند كل عبادة تريد أن تتعبد الله بها؛ فإن النية تتقلب في كل لحظه، ولا بد أن تستشعر أن تكون نيتك في هذا الصيام: لأن الله - تعالى - تعبدني بصيام رمضان؛ ولأن صيام رمضان ركن من أركان الإسلام، فلا يصح إسلام أحد حتى يعمل بكل أركان الإسلام، وهكذا مع كل عمل لله لا بد أن تنوي به التعبد لله تعالى
وجوب تبييت النيَّة كل ليلة في صيام رمضان: لا بد في كلَّ ليلة من أنْ ينوِيَ العازم على الصِّيام في ساعة من الليل من بعد غروب الشمس إلى قبيل مطلع الفجر أنَّه هو صائمٌ غدًا، فإن لم يفعل ذلك فلا صيام له، ويبقى صيامه تطوعًا وعليه أن يقضي ذلك اليوم ففي الحديث الذي رواه الخمسة عن أم المؤمنين حفصة رضِيَ الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم قال ((مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلاَ صِيَامَ لَهُ )) إلا أن هذا الحديث كما هو واضح لم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم رمضان , ولكن بالتوفيق بين هذا الحديث وبين حديث آخر رواه الإمام مسلم وغيره من حديث السيدة عائشة –رضِيَ الله عنها-، أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّ على بعض نسائِهِ غداة يومٍ؛ فقال: ((هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غداء - طَعَامٍ-؟ قَالوا: لَا، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةِ وَالسَّلام إِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ)) فأنشأ النيَّة في تلك اللحظة، وهنا معناه صراحة أنَّه ما بيَّت النيَّة من الليل؛ لأنَّه كان يريد أن يأكل؛ لكنه لما لم يجد عليه الصَّلاة والسَّلام طعامًا يتغدَّى به اغتنمها فرصة، ما دام أنه سيعيش النَّهار بدون طعام فجعلها صيامًا لوجه الله تبارك وتعالى فقال إِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ
من هنا فرَّق جماهير العلماء بين صوم الفرض الذي يجب فيه تبييت النية لكل ليلة كما جاء في الحديث الأول وبين صوم التطوع فلا يجب فيه التبييت وإنما يجوز إنشاؤه ضحوة. كما جاء في حديث عائشة وهذا هو الأصح من مذاهب العلماء
المفضلات