تتفاوت نظرة الجهات الرسمية في بلاد العالم حول طب الأعشاب ووسائل الطب البديل الأخرى، فمنها ما يؤيد ويدعم هذا التوجه بشكل رسمي قوي كما هو الحال في الصين والهند والباكستان والعديد من دول شرق آسيا وشرق اوروبا
وروسيا والمانيا التي وضعت ثلاثة اسباب منطقية لدعم وسائل الطب البديل وهي:
1. ان المانيا ( مثلها مثل معظم دول العالم المتقدم حضاريا) معظم سكانها هم من كبار السن ، وهؤلاء يغلب عليهم المعاناة من الامراض المزمنة مثل امراض القلب والسكري والضغط وارتفاع الكولسترول وامراض المفاصل... الخ، فهم بحاجة الى علاجات لفترات طويلة بواسطة ادوية آمنة قدر المستطاع، وهذا لا يتحقق الا بالاعشاب ووسائل الطب البديل مثل الطب المثلي وغيره.
2. إن طب الأعشاب طب قديم وقد استخدمه مليارات البشر ولم تظهر له مشاكل صحية تذكر مقارنة بتلك التي ظهرت للأدوية الكيماوية، لذا فلا مانع من استخدامه بكل طمأنينة.
3. إن الدراسات والأبحاث الحديثة بينت بما لا يدع مجالا للشك أن للأعشاب مفعولا حقيقيا في علاج الأمراض على اختلاف اشكالها والوانها تدعم ما جاء في التراث الطبي القديم بشكل واضح، لذا فاستخدام الاعشاب يعتبر امر مقبولا جدا من قبل وزارة الصحة الألمانية.
أما باقي الدول فموقفها من الأعشاب يتفاوت ما بين متحفظ وبين الموقف العدائي الواضح وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة و بريطانيا ومعها العديد من الدول العربية التي تأثرت بها ثقافيا.
و إذا علمنا ان نحو ثلثي الأدوية في العالم هي من مصادر امريكية وبريطانية فإن ذلك يعطينا فكرة عن دور السياسة في هذه القضايا.
ان المشكلة الأساسية في عقول من يعادون طب الاعشاب هي انهم يطبقون قوانين الادوية الكيماوية على الأعشاب مع أن هناك فروق واضحة جدا بين الإثنين لا ينكرها الا من يضع رأسه في التراب خشية رؤية الحقيقة، هذه الفروق هي:
إن الأعشاب من خلق الله وليست من خلق البشر ، وخلق الله فيه من التوافق الطبيعي مع الانسان والأرض والكون ما لا يكون فيما سواه.
إن الأعشاب قد استخدمتها البشرية عبر آلاف السنين من قبل الاطباء في كل عصر وزمان وهؤلاء كانوا على دراية كاملة بمفعولها الايجابي والسلبي ودونوا في ذلك الكتب الضخمة التي اعتمدت عليها الحضارة الاوروبية اربعة قرون من الزمان والتي هي كنوز عظيمة لو عرفنا كيف نستفيد منها.
إن الأعشاب لها خاصية الأمان الواسع wide range of safety مما يجعل استخدامها مطمئنا للكبار والصغار ضمن قوانين الجرعات المعروفة في طب الأعشاب.
إن تركيبة كل نبات فيه قانون التآزر synergism وقانون الحماية من المضاعفات anti side- effects of single constituents وهذا الأمر يجعلنا نرفض استخلاص المادة الفعالة من النبات منفردة فقط بل ينبغي استخدام النبات كله او المستخلص الكلي للنبات لكي يعطي الفائدة القصوى بدون مضاعفات.
إن خلطة النباتات الطبية المحكومة بمعرفة وخبرة ممتازة من قبل الطبيب او العشاب الخبير تعطي مفعولا قويا وسريعا وتعالج المشاكل الصحية من أساسها كما أثبتت ذلك التجارب العلمية في بقاع مختلفة من العالم.
ان الزعم بأن هناك تداخل عشبي- عشبي herb-herb interaction يحتمل ظهور اضرار صحية وخيمة هي فرضية خاوية من اي دليل علمي الا في حدود ضيقة جدا يعرفها الباحثون في طب الأعشاب ( وهي متعلقة غالبا بالنباتات التي لها أثر على الدورة الدموية وتجلط الدم وبعض الحالات النفسية) ، لذا فإنه لا ينبغي لهذه النظرية غير الصحيحة ان تسيطرعلى عقول القائمين على ترخيص المنتجات العشبية والذي يفترضون – للأسف الشديد- أسواء الاحتمالات في خلطات الأعشاب ويطبقون عليها نفس المخاوف الناشئة عن خلط الأدوية الكيماوية.
إن الكثير من هذا الأعشاب تستخدم في المطبخ لدى كل بيت فتقوم ربات البيوت بخلط تركيبة من عدة نباتات لإضافتها للشوربات او الاطعمة المختلفة لتعطيها نكهة ومذاقا طيبا ، فهل سمعنا عن حالات تسمم من هذا الخلطات على مختلف اشكالها وعددها والوانها ؟
هل حصل تسمم من استخدام النعناع والمليسة مع الشاي؟ او الزنجبيل مع الميرمية؟ او الخل مع الثوم؟ ام هل حصل انفجار وحريق حينما استخدمت ربة البيت خلطة للشوربة مكونة من القرفة والقرنفل والزنجبيل والفلفل الاسود والكمون والكروايا ؟
إن افتراض هذه المضاعفات الوهمية يضع كل منتج عشبي نافع امام عقد لا نهاية لها حتى يتم ترخيصه، مما يفوت على الناس والبلاد فرصا استثمارية وميزات اقتصادية هائلة قد يكون من ورائها تشغيل آلاف العاطلين من ذوي الشهادات العالية، وقد يكون من ورائها دخل من العملات الصعبة ترفد الخزينة بالملايين من الدولارات، والاهم من هذا كله انها تخفف وتزيل بإذن الله معاناة المرضى و ذويهم و تخفف قيمة فاتورة العناية الصحية الطويلة الامد ضمن النظام الصحي الحالي.
منقول .. د, سمير الحلو
المفضلات