عمان – سمر حدادين - لاقى قرار فتح مهنة «عامل وطن» أمام الإناث، ردود فعل متعددة ما بين الموافق والمؤيد، وأخرى عارضته بتحفظ وقبلته بتحفظ، بيد أن الحكم على إدخال تاء التأنيث للمهنة مرهون بنتائج تطبيق القرار.
وأشعل القرار النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت الزاوية التي ركزت عليه الأراء والمواقف التي طرحت بين الناشطين على الفيس بوك وتويتر، هو» هل يتوفر بهذه المهنة شروط العمل اللائق للمرأة، وهل سيحميها من التعرض للمضايقات والتحرش أثناء ادائها لمهنتها ؟».
وبالنظر إلى مشاركة المرأة الاقتصادية، يصبح فتح أي مهنة أمام الإناث، ليس ترفا ولا هو المقصود به «الدعاية الإعلامية»، وإنما السعي لتحسين وضعها المعيشي، وتوجيهها نحو مهن تؤمن لها دخلا لائقا ويسهم بإعالتها وإعالة أسرتها.
وتشير أرقام الإحصاءات العامة إلى أن نسبة مشاركة المرأة بالاقتصاد يصل إلى 7و14% فيما بلغت البطالة بين الاناث 8و26% ونسبة إعالة المرأة في الأردن تصل إلى 85% وهي نسبة مرتفعة.
كما أظهرت إحصائيات مديرية الدفاع الاجتماعي في وزارة التنمية الاجتماعية أن عدد المتسولات البالغات اللواتي تم ضبتهن عام (2011) وصل الى (1161) متسولة مقارنة بـ (882) متسولا من الذكور.
ويطرح المؤيدون للقرار بتحفظ أراء يرون أنها إن طبقت ستسهم برفع نسبة المؤيدين، ويزيد إقبال الفتيات على المهنة، منها أن يقتصر أداء المهنة على أماكن معينة كالحدائق أو الشوارع الحيوية وساعات عمل في النهار، وتوفير ادوات ولباس لائق وامتيازات وحوافز ليس فقط للفتيات بل أيضا للرجال العاملين بالمهنة.
ووضعت وزارتي البلديات والعمل خطة للتحفيز للعمل في هذه المهنة، وتتمثل بمنح حوافز مالية شهرية تصل إلى 70 دينارا، يتم دفعها من قبل صندوق التشغيل، إضافة إلى 20 أخرى تدفعها وزارة البلديات، إلى جانب الراتب المخصص لهذه المهنة وهو 210 دنانير، بحسب ما قال مدير مركز الفينيق للدراسات أحمد عوض.
عوض الذي يشجع فتح مهنة «عامل وطن» أمام الإناث، يرى أن فتح باب التشغيل بأي مهنة أمام الناس (رجال ونساء) يعد خطوة إيجابية، طالما العمل بهذه المهنة خاضع للرغبة الاختيارية وليس الإجبار.
ورغم تأييده لعمل النساء في مهنة عاملة وطن طالب عوض «بتوفير شروط عمل لائقة لكلا الجنسين، وتحسين شروط العمل بها»، مشددا على أن توفير هذه الأمور لن يبقي لثقافة العيب مكانا.
وبحسب وجهة نظر عوض فإن الحديث عن المضايقات والتعرض للتحرش فيه مبالغات لتصعيب المهنة، لافتا إلى أن أي مكان عمل قد يتعرض به الرجل أو المرأة لمضايقات، مؤكدا أن هذا الأمر لا يشكل في بلادنا ظاهرة، وإن وجدت ينبغي إيجاد حلول لها وليس إيقاف تشغيل الفتيات بهذه المهن، منوها أن الرجال والنساء قادرون على حماية أنفسهم.
الناشطة الحقوقية المحامية هاله عاهد تتفق مع ما ذهب إليه عوض، فهي مع المهنة باعتبارها فرصة عمل شريفة، لكنها بالوقت ذاتها تطالب بالارتقاء بواقع المهنة لكلا الجنسين، وبالمزايا المالية، والتأمينات الاجتماعية.
ودعت المحامية عاهد إلى توفير لباس لائق، وأدوات لائقة تساعدهم في أداء العمل، مشيرة إلى أن بعض الدول الأوروبية التي تعمل بها النساء بهذه المهنة يعملن في أماكن محددة كالحدائق العامة والساحات.
ورفضت التخويف بموضوع التحرش وقالت نحن نخرج كنساء لأعمالنا أو للمشي في الشارع ولا نشعر بهذا الأمر، مشددة على أن حماية المرأة هي مسؤولية تقع على عاتق كل الجهات، لافتة أن ثمة نساء في بعض المهن يتعرضن لمضايقات وتحرش دون أن يسمع أحد عنهن.
وبينت أن قانون العقوبات وقانون العمل يجرم هذا الأمر، ما يساعد على حماية النساء.
وترى المحامية عاهد أن الحوار حول عمل الإناث بهذه المهنة فيه انتقاص من طبيعة المهنة، متسائلة أي مهنة لائقة أكثر للنساء التسول والوقوف على الإشارات أم عاملة وطن، في ظل تدني التعليم عندهن؟.
من ناحيته يرى موسى الصبيحي أن فتح مهنة “عامل وطن” أمام الإناث ليس قراراً حصيفاً ولا حكيماً، ولعدة أسباب، أوجزها بأنها مهنة تعد من أصعب المهن ولا تقوى عليها المرأة.
وقال إنها تحتاج إلى عمل في الشوارع والطرقات والحارات والأزقّة، وهو ما لا يتناسب قط مع طبيعة المرأة وأنوثتها، ويراه امتهانا لها ولمكانتها ودورها الأسري.
وبين الصبيحي أنها تنطوي على مخاطر عديدة، وغالباً ما يكون العاملون فيها معرّضين للإصابة بأمراض وأوبئة، فإذا عملت المرأة في هذه المهنة وهي حامل، قد تُعرض جنينها للخطر.
وأضاف أن هذه المهنة تتطلب البقاء لأوقات طويلة في الطرقات والشوارع، مما يُعرّض الإنسان العامل فيها لظروف جوية صعبة.
عن الراي .. للنقاش
المفضلات