كتبت - نسرين الضمور - يشهد الطريق الصحراوي في اغلب الايام، حوادث سير قاتلة أودت بحياة الكثير من المواطنين والتي كان اخرها حادث ليلة الاحد الماضي الذي ذهب ضحيته اربعة افراد من عائلة واحدة هم الام وولداها وطفلتها الرضيعة، فيما الاب يرقد في المستشفى بين الحياة والموت.
هذا الحادث لم يكن الاول وبالتأكيد لن يكون الاخير اذا ما ظل وضع الطريق على حاله واذا ما ظل السائقون يطلقون العنان لمركباتهم، متناسين كل انظمة وقوانين السير على الطرق، فالطريق الصحراوي الذي يزيد طوله عن
300 كيلومتر يفتقر الى الكثير من المقومات التي تجعل منه طريقا آمنا، فالطريق قياسا بحركة السير الكثيفة عليه في الاتجاهين وبحسب مواطنين ضيق وسطحه مليء بالتشققات والحفر التي يقع الكثير من الحوادث حين يحاول السائقون تفاديها، ناهيك عن ان الطريق وفي الكثير من المواقع يمر عبر بلدات وتجمعات سكانية، ما ضاعف من خطورة السير عليه، اما السائقون فيتحملون جانبا من مسؤولية ما يقع من حوادث جراء السرعة الزائدة والتجاوز الخاطىء او عدم التركيز اثناء القيادة.
ان حوادث السير على الطريق الصحراوي التي توقع قتلى ومصابين على مدى ساعات النهار والليل تستدعي توفير خدمة طبية متقدمة تقدم علاجا مباشرا للمصابين، بما في ذلك الاصابات الخطرة بدل نقلهم الى المستشفيات التي تقع في مدن بعيدة عن خط سير الطريق، الامر الذي قد يتسبب في ارتفاع عدد الوفيات، حيث تشير الاحصائيات المتوفرة ان عدد الوفيات التي نجمت عن حوادث السير التي وقعت على الطريق ضمن حدود محافظة الكرك وحدها (10) وفيات اضافة الى (15) اصابة وذلك خلال المدة منذ بداية العام الماضي 2013 وحتى الشهر الحالي، ناهيك عن الاصابات الخفيفة التي لم تستدع علاجا والاضرار المادية التي نتجت عن تلك الحوادث.
ويقول المواطن محمد المبيضين « ان الطريق الصحراوي شريان رئيسي يصل شمال الاردن بجنوبه ومن خلاله تمر صادرات وواردات المملكة المختلفة، ما يعني تدفق مئات شاحنات نقل البضائع عبر الطريق وطيلة ساعات النهار والليل، فيما تسلك الطريق ذاته مئات ان لم يكن آلاف المركبات الصغيرة وحافلات نقل الركاب في رحلاتهم الاستجمامية الى العقبة او وصولا الى اماكن سكنهم في مدن وبلدات مناطق جنوب المملكة، وقياسا بهذا فان من الضروري توسعة الطريق ليكون باربعة مسارب في الاتجاهين بدلا من مسربين في الوقت الحالي، والانسب ان يصار الى انشاء طريق خاص بالشاحنات، ما يخفف من كثافة السير وبالتالي تفادي الكثير من الحوادث المتسببة عن ذلك.
اما المواطن خالد الحجايا فقال « انه بحكم العمل يتنقل يوميا عبر الطريق الصحراوي ومنذ اكثر من عام وجسم الطريق يعاني من وجود احافير وتشققات تتسبب في التأثير على توازن المركبات التي تسير عليه فيحاول السائقون تجنبها، ما يؤدي في حالات كثيرة الى وقوع الحوادث»، مشيرا الى وجود فتحات افتعلها مواطنون في العديد من مواقع الجزيرة الوسطية التي تنصف الطريق، ما يستدعي ان تقوم وزارة الاشغال العامة باغلاق هذه الفتحات التي غالبا ما تفضي الى حوادث سير خطرة.
وقال المواطن علي المجالي « بالمجمل ان وضع الطريق سيىء، ما يؤدي الى تزايد حوادث السير عليه لكن يجب الا نغفل ان السائقين يتحملون جانبا كبيرا من المسؤولية، لتعمدهم مخالفة قوانين وانظمة السير باعتماد السرعات الزائدة وبتجاوز المركبات التي تسير امامهم وباقصى سرعة حتى في مواقع الطريق الخطرة مثل المنعطفات والمنحدرات، اما سائقو الشاحنات، فان اكثرهم يقود سيارته وهو في حالة اعياء شديده نتيجة السهر وقلة ساعات النوم، ما يؤدي في احيان كثيرة الى النعاس المفاجىء وبالتالي فقدان السيطرة على المركبة»، مشيرا الى الكثير من الحوادث التي وقعت جراء ذلك.
وانتقد مواطنون اخرون، مستوى الخدمات الاسعافية المتوفرة على الطريق، وقال سالم بني عطية « ان وجود مراكز صحية بامكانات بسيطة لا يفيد شيئا في التعامل الجاد مع من يصابون جراء حوادث السير على الطريق، فهذه المراكز رغم كونها تسمى شاملة الا انها تفتقر الى التجهيزات الطبية والكوادر المناسبة للتعامل مع المصابين، ما يستدعي تحويلهم ولادنى سبب الى المستشفيات، وهذا يستلزم تأخير تقديم العلاج المناسب لهم وقد يؤدي الى مضاعفة خطورة اصاباتهم وربما وفاتهم»، مطالبا بتعزيز امكانات المراكز الصحية على الطريق الصحراوي، لتكون بمثابة مستشفيات مصغرة بامكانات تجعلها قادرة على التعامل حتى مع حالات الاصابة الخطرة، مشيرا الى ما طرح سابقا بخصوص تحويل مركز صحي القطرانة الشامل ليصبح مستشفى مصغرا للغاية التي ذكرناها لكن لم نعد نسمع شيئا عن هذه الفكرة، وان لم يكن ذلك ممكنا فأقترح، ان تكون هناك طائرة عمودية مخصصة للتعامل مع حالات حوادث السير التي تقع على الطريق الصحراوي لضمان سرعة وصول المصابين الى المستشفيات المعنية.
وقال مدير دائرة اقليم الجنوب في وزارة الاشغال العامة المهندس بهجت الرواشده « ان الوزارة طرحت عطاء لعمل خلطة اسفلتية ساخنة لكامل الطريق وعلى مراحل، اضافة الى معالجة المواقع الخطرة على طول الطريق «.
اما بخصوص الفتحات التي يحدثها بعض المواطنين في الجزيرة الوسطية للطريق فاوضح الرواشده، ان هناك تعليمات لمدراء الاشغال العامة لاغلاق تلك الفتحات بشكل محكم بحيث يصعب اعادة استخدامها من قبل العابثين، وفيما يتعلق بتوسعة الطريق او عمل طريق مواز له لاستخدام الشاحنات، فان الوزارة تسعى الى ذلك لكن الامر مرتبط بتوفر المخصصات المالية بالنظر للكلفة المالية العالية المترتبة على هكذا مشروع.
واوضح مدير صحة الكرك الدكتور هيثم المحيسن، ان المديرية رفعت توصية الى وزارة الصحة تقترح فيها تحويل مركز صحي القطرانة الشامل ليكون بمثابة مستشفى طوارىء مزود بكافة الاحتياجات من تجهيزات وكوادر طبية للتعامل مع الاصابات الناجمة عن حوادث السير، بما يوفر خدمة اسعافية مناسبة للمصابين خاصة انه تم مؤخرا توسعة المركز في اطار المكارم الملكية السامية.
ومن جهته، اشار مدير مستشفى الكرك الحكومي الدكتور زكريا النوايسه، ان المستشفى يستقبل باستمرار الكثير من حالات الاصابة الناجمة عن حوادث السير على الطريق الصحراوي واحيانا اكثر من مرة في اليوم الواحد وبمعدل 3 الى 4 حالات، ما يشكل ضغطا وارباكا في العمل، مبينا ان ايجاد مستشفى مصغر في منطقة القطرانة يخفف كثيرا من هذا الضغط كما انه يوفر خدمة اسرع للمصابين في حوادث السير، اضافة الى خدمة مواطني لواء القطرانة الذين يعالجون باعداد كبيرة في مستشفى الكرك الحكومي.
واوضحت مصادر في ادارة السير والمرور، ان الطريق الصحراوي وعلى امتداده متابع من قبل دوريات الطرق الخارجية من حيث الدوريات الثابتة التي تتواجد في العديد من المواقع مستخدمة اجهزة الرادار لضبط السائقين المخالفين بتجاوز السرعات المقررة المبينة على اللوحات الارشادية على طول الطريق او التجاوز او اية مخالفة لانظمة وقوانين السير المرعية.
عن الراي
المفضلات