لقد حث الإسلام على التعلم وطلب العلم، بل جعله فريضة على كل مسلم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:
طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 72
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذا يشمل الذكر والأنثى، وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء على تعلم القراءة والكتابة؛ لأن علم المرأة المسلمة له أثر إيجابي على من تعيش معهم سواء كانوا والدين أو زوجا أو أبناء، كما له أثر في تقدم الأمة الإسلامية
حيث إن المرأة تعد نصف المجتمع، ومن تلدهم يكونون أفرادا في هذا المجتمع، وبدورها تتعلم وتورث هذا العلم وتنقله
إلى أبنائها وبنات جنسها لنشكل مجتمعًا واعيًا مثقفًا.
والعلم نور وضياء، والجهل ظلام وعتمة، والعلم غذاء العقل والروح كما أن الطعام غذاء البدن، ولا يحتاج العلم لتعريفه؛ لأنه أبين من أن يبين، وأوضح من أن يوضح، وطلب العلم يبدأ منذ الصغر وحتى الممات، والمرأة المتعلمة مأمورة بأن تدعو الله ليزيدها علمًا لأن العلم لا ينتهي، ومع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ من العلم ما لا يمكن لغيره من البشر أن يصل إليه، فقد أمره الله -عز وجل- بالاستزادة من العلم بقوله:
﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ (سورة طه آية 114)،
وليس في القرآن كله أمر بالدعاء بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم، وهذا واضح الدلالة في فضل العلم، وأما المراد بالعلم فأقصد العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته، والعلم بالله وصفاته، وما يجب عليه من القيام بأمره، وتنزيهه عن النقائص، ومدار ذلك على التوحيد والتفسير والحديث والفقه وعلوم القرآن، ولا شك في أن هذه العلوم من أشرف العلوم التي يتعلمها المرء في حياته بل ومن أعظمها على الإطلاق، ثم يأتي بعد
ذلك العلم الدنيوي الذي يتلقى في المدارس في مختلف العلوم الأخرى.
ولا شك أن حرص المسلم على طلب العلم الشرعي والمواظبة على ذلك يدل على أن الله - عز وجل - يريد به خيرا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
من يُردِ اللَّهُ بِهِ خَيرًا يفقِّههُ في الدِّينِ
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 181
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فهذا بيان ظاهر لفضل العالم على سائر المسلمين، ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم، كما يفهم من الحديث أن من لم يتفقه في الدين فقد حرم الخير.
ومهما تعلم المرء ووصل إلى أعلى الدرجات في العلم يظل هناك من يفوقه في العلم مصداقًا لقول الله تعالى:
﴿ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾ (سورة يوسف آية 76).
إن الخاصية التي يتميز بها الإنسان عن سائر الحيوانات هي العلم؛ فالإنسان إنسان بما يحمله من علم فيكون شريفًا لأجله، وليس ذلك بقوة شخصه أو عظمته أو شجاعته أو كثرة أكله، فالجمل أقوى منه، والفيل أعظم منه، والأسد أشجع منه.
فضل العلم عظيم جدًّا ويكفي أن الله تعالى يرفع المؤمن على غيره بحسب ما تعلم من العلم قال تعالى:
﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ ( سورة المجادلة آية 11).
قيل في تفسير هذه الآية: يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم، ورفعة الدرجات تدل على الفضل إذ المراد به كثرة الثواب، وبها ترتفع الدرجات، ورفعتها تشمل الرفعة المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت، والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة.
وإذا كان طالب العلم - سواء العلم الشرعي الديني أو أحد العلوم الدنيوية المباحة - حريصا على النجاح في اكتساب العلم والاستزادة منه فيما يعود عليه بالنفع في دنياه وآخرته، فلا بد له من الالتزام والعمل بالشروط والآداب المطلوبة منه في هذا المجال؛ حتى يتحقق ما يصبو إليه، ويكون له الأجر في ذلك فضلا من الله ونعمة فوق ما سوف ينفعه من علمه من المنافع الدنيوية.
ومن هذه الشروط ما يلي:
1- القصد بالعلم وجه الله تعالى، وإخلاص النية لله بذلك، وهذا الشرط أول وأهم شروط النجاح في طلب العلم، كما هو مطلوب في أي عبادة، ويستحسن أن يكون القصد من هذا العلم الانتفاع به وتحصيل الأجر والثواب، وتعدي النية إلى نفع المسلمين به من خلال نشره، فإذا قصد به ذلك كتب الله له الأجر والثواب في كل خطوة يمشيها في طلب العلم،
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ عِلمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحَتَها رضًا لطالبِ العلمِ ، وإنَّ طالِبَ العِلمِ يستَغفرُ لَهُ مَن في السَّماءِ والأرضِ ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ ، وإنَّ فضلَ العالِمِ على العابِدِ كفَضلِ القَمرِ علَى سائرِ الكواكِبِ ، إنَّ العُلَماءَ هُمْ ورَثةُ الأنبياءِ ، إنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا دِرهمًا ، إنَّما ورَّثوا العِلمَ ، فمَن أخذَهُ أخذَ بِحَظٍّ وافرٍ
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 183
خلاصة حكم المحدث: صحيح
حتى الدراسة والعلم الدنيوي المباح إذا قصد به وجه الله، فإن له به أجرًا ونفعًا، كأن تتعلم المرأة الطب لتداوي به النساء المسلمات وتكفيهن الحاجة إلى الأطباء الذكور، أما إذا قصد بطلب العلم غير وجه الله تعالى مثل: أن يقصد به المباهاة
أو تقلد المناصب .... فعاقبة ذلك سيئة جدًّا ويعد فشلا ذريعًا، وأي فشل أعظم من أن يكون النصيب هو الحرمان من الجنة - والعياذ بالله - فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
من تعلَّمَ علمًا مما يُبتغى به وجْهُ اللهِ عزَّ وجلَّ ، لا يتعلمُهُ إلا ليصيبَ به عرضًا منَ الدُّنيا لم يجدْ عرفَ الجنةَ يومَ القيامةِ يعني – ريحَها -
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 3664
خلاصة حكم المحدث: صحيح
2- التحلي بأخلاق طالب العلم من: التواضع، وحسن الخلق، والمروءة، والتدين، والبشاشة....إلخ.
3- العمل بما نتعلم حتى يرسخ ما تعلمناه وننتفع به، ولنا في صحابة رسول الله - رضوان الله عليهم - الأسوة الحسنة في ذلك بل في كل شيء، حيث كانوا لا يتجاوزون العشر آيات من القرآن إلا وقد حفظوها، وفهموا معناها، وعملوا بما فيها.
4- تجنب المعاصي؛ حتى نستفيد مما نتعلم، فالمعصية تحرمنا العلم إذا كان القصد من هذا العلم التقرب إلى الله
- عز وجل - فالمعاصي تنكت في القلب نكتًا سوداء إلى أن يعلوه الران، فلا يستفيد من علم ولا يثبت فيه صلاح، ويضعف فهمه وحفظه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
إن العبدَ إذا أخطأَ خطيئةً ؛ نكتَتْ في قلبِهِ نُكتةٌ ، فإن هو نزعَ واستغفرَ وتابَ صُقِلَتْ ، فإن عادَ زيدَ فيها ، [ فإن عادَ زيدَ فيها ] ، حتى تعلوَ قلبَهُ ، فهو ( الرانُ ) الذي ذكرَ اللهُ : كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الموارد - الصفحة أو الرقم: 1483
خلاصة حكم المحدث: حسن
وهو الران الذي ذكر الله: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ (سورة المطففين آية 14)
ويقول الإمام الشافعي -رحمه الله- في ذلك:
شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي ** فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي
وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ ** وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي
5- التواضع وعدم الكبر، قال عمر:
( تفقهوا قبل أن تسودوا قال البخاري: وبعد أن تسودوا، وقد تعلم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في كبر سنهم ).
وقد تكون السيادة واعتلاء المناصب سببًا في الانصراف عن التعلم لأن صاحب المنصب قد يمنعه الكبر والاحتشام أن يجلس مجالس المتعلمين، ولهذا قال الإمام مالك - رحمه الله - عن عيب القضاء:
« إن القاضي إذا عزل لا يرجع إلى مجلسه الذي كان يتعلم فيه ».
وقال الإمام الشافعي -رحمه الله-:
« إذا تصدر الحدث فاته علم كثير ». قال أبو عبيد: « معناه تفقهوا وأنتم صغار قبل أن تصيروا سادة فتمنعكم الأنفة عن
الأخذ عمن هو دونكم فتبقوا جهالا ».
منقول للفائدة وارجو ان تكون
المفضلات