أخي محمد الدراوشه
مرور رائع وفكرة أجمل وشرح موفق وغاية مكملة لموضوع الفقر .. نعم الرزق للانسان مقدر ومعلوم من الله سبحانه
وتعالى وهو الرزاق الكريم .. ودعني اقتبس من الموضوع التالي ...
فحقيقة المشكلة إذاً تتمثل في سوء توزيع الثروة ، وليست في الندرة ، لأن الله سبحانه وتعالى لم يبخل على عباده ومخلوقاته بما هم في حاجة إليه من معايش ، فهو سبحانه المتكفل برزقهم جميعاً ، وبرزق من ليسوا له برازقين ، وإن إنسان الحضارة الوضعية هو المتسبب في إيجاد هذه المشكلة وفي تضخيمها
واضيف منقولاَ ...
يقول سبحانه وتعالى في القرآن الكريم وفي سورة الذاريات .. الايات ,, 22 - 29 ,,
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (23) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ
سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ
امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29)
العابد السائح الذي يجول في متحف من إبداع أحسن الخالقين . فكيف بمن يقضي عمره كله في هذا المتاع الرفيع ?
إن القرآن بمثل هذه اللمسة يخلق الإنسان خلقا جديدا , بحس جديد ; ويمتعه بحياة جديدة , ويهبه متاعا لا نظير له
في كل ما يتصوره في الأرض من متاع .
وعلى هذا النحو الرفيع من التأمل والإدراك يريد القرآن الناس . والإيمان هو الذي يمنح القلب البشري هذا الزاد ,
وهو الذي يهيء له هذا المتاع العلوي . وهو بعد في الأرض في عالم الطين !
وبعد فقد كانت اللفتة الأولى إلى معرض الأرض ; وكانت اللفتة الثانية إلى معرض النفس . ثم تلتهما في السورة لفتة إلى معرض الغيب العلوي المطوي , حيث الرزق المقسوم والحظ المرسوم:
(وفي السماء رزقكم وما توعدون). .
وهي لفتة عجيبة . فمع أن أسباب الرزق الظاهرة قائمة في الأرض , حيث يكد فيها الإنسان ويجهد , وينتظر من ورائها الرزق والنصيب . فإن القرآن يرد بصر الإنسان ونفسه إلى السماء . إلى الغيب . إلى الله . ليتطلع هناك إلى الرزق المقسوم والحظ المرسوم .
أما الأرض وما فيها من أسباب الرزق الظاهرة , فهي آيات للموقنين . آيات ترد القلب إلى الله ليتطلع إلى الرزق من فضله ; ويتخلص من أثقال الأرض وأوهاق الحرص , والأسباب الظاهرة للرزق , فلا يدعها تحول بينه وبين التطلع
إلى المصدر الأول الذي أنشأ هذه الأسباب .
والقلب المؤمن يدرك هذه اللفتة على حقيقتها ; ويفهمها على وضعها ; ويعرف أن المقصود بها ليس هو إهمال الأرض وأسبابها . فهو مكلف بالخلافة فيها وتعميرها . إنما المقصود هو ألا يعلق نفسه بها , وألا يغفل عن الله في عمارتها . ليعمل في الأرض وهو يتطلع إلى السماء . وليأخذ بالأسباب وهو يستيقن أنها ليست هي التي ترزقه , فرزقه مقدر في السماء , وما وعده الله لا بد أن يكون .
بذلك ينطلق قلبه من إسار الأسباب الظاهرة في الأرض ; بل يرف بأجنحة من هذه الأسباب إلى ملكوت السماوات . حين يرى في الأسباب آيات تدله على خالق الأسباب ويعيش موصولا قلبه بالسماء , وقدماه ثابتتان على الأرض . فهكذا يريد الله لهذا الإنسان . هكذا يريد الله لذلك المخلوق الذي جبله من الطين ونفخ فيه من روحه فإذا هو مفضل على كثير من العالمين .
والإيمان هو الوسيلة لتحقيق ذلك الوضع الذي يكون فيه الإنسان في أفضل حالاته . لأنه يكون حينئذ في الحالة التي أنشأه الله لها . فطرة الله التي فطر الناس عليها . قبل أن يتناولها الفساد والانحراف . .
وبعد هذه اللمسات الثلاث في الأرض والنفس والسماء . يقسم الله سبحانه بذاته العلية على صدق هذا الحديث كله:
فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون . .
وكونهم ينطقون , حقيقة بين أيديهم , لا يجادلون فيها ولا يمارون , ولا يرتابون فيها ولا يخرصون . . وكذلك هذا الحديث كله . والله أصدق القائلين .
قيل لحاتم الأصم : من أين تأكل ؟
فقال : من عند الله .
فقيل له : الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء ؟
فقال : كأن ماله إلا السماء ! يا هذا الأرض له والسماء له ،
فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض وأنشد :
ورازق هذا الخلق في العسر واليسر وكيف أخاف الفقر والله رازقي
وللضب في البيداء والحوت في البحر تكفل بالأرزاق للخلق كلهم
لك كل التقدير والاحترام أخي محمد .. تحياتي
المفضلات