مسؤولية تعزيز قيم التربية الجادة !
مسؤولية تعزيز قيم التربية الجادة !
سهير بشناق - قطرات من الماء ،لا يزال اثرها على وجهه ،يمسك بيده سجادة الصلاة ويقف بجانبه زميله فيدور حوارهم لدقائق : اسرع لنصلي صلاة الظهر قبل ان تنتهي الفرصة !
فيؤشرن على مكان في ساحة المدرسة، ويسرعان لاداء صلاة الظهر .
طالبان في احدى المدارس الخاصة ،لا يتجاوز عمرهما 12 عاما، يصليان في الوقت الذي تشكل الفرصة «خلال الحصص الصفية» لاغلب الطلاب فرصة للعب والراحة .
تهذيب النفوس
مشهد يمكن وصفه بانه « غير اعتيادي «، في زمن لا يلتزم فيه - بعض-الكبار بالصلاة ويحرص على ادائها طلاب صغار في اوقات الدوام المدرسي، ما يعكس مدى التزامهم بالقيم الدينية ،في عصر تنصب اهتمامات الشباب على الحداثة ومجاراة متغيرات الحياة سواء بالتفكير او باسلوب الحياة اليومي ،مثل البقاء ساعات طويلة امام شبكات التواصل الاجتماعي و اجهزة الحاسوب، الى ارتياد المولات والمطاعم ودور السينما لتبقى الاهتمامات الدينية في اخر اولوياتهم بالرغم من عدم تناقضها مع مرحلة الشباب وميولهم ان غلبت ، على سلوكياتهم فالوازع الديني ؛ يعمل على تهذيب النفس ليصبح الشاب قادرا على الالتزام تدريجيا والميل الى كل سلوك ايجابي بحياته .
لم يكن اباء وامهات هذين الطالبين معهما في داخل المدرسة ليراقبهما ان اديا صلاة الظهر ولم يطالبهما احد بذلك، لكنهما يعتبران ان الصلاة وفي اوقاتها وان سمحت لهما الظروف بذلك، هي واجب تعودا عليه من داخل اسرهم فلو لم يكن هناك التزام حقيقي منهما بادائها في البيت لما اقدما على هذا السلوك الجميل قولا وفعلا .
تنظيم حياة الانسان
الالتزام بالقيم الدينية والسلوكية واحترامها ،من قبل الابناء الذين هم طلاب في المدارس تعتبر من اهم القضايا التي يمكنها ان تخلق جيلا واعيا، ملتزما مهتما بما حوله وهي مبادىء تركز عليها مسيرة التربية والتعليم ،والتعليم في نهاية الامر يركز على العقل واكتساب مهارات، لكن التربية هي الاهم ؛لانها تنظم حياة الانسان وتجعله اكثر ايجابية ونجاحا بالحياة فتعليم دون ان ترافقه تربية لا يمكن ان يحقق اي نجاح في المستقبل .
في مدرسة هذين الطالبين وفي العام الماضي، كرم مدير المدرسة طالبا في الصف الثاني ابتدائي وصل الى المدرسة والطابور الصباحي قد بدا وعندما سمع السلام الملكي وقف الطالب ووضع حقيبته من يده وانتظر حتى انتهى عزف السلام الملكي، لينضم الى صفه فكانت هذه الصورة التي التقطتها عيون المدير في حينها ؛كفيلة بان تمنح الطالب وسام تقدير من المدرسة لاحترامه السلام الملكي ،الذي يعني له الكثير ولتعزز عنده معان كثيرة لا يمكن الا ان تجعله قادرا على احترام ذاته واسرته ومدرسته ومعلميه وكل من يتعامل معهم في حياته .
السلوكيات
..في ذات المدرسة، يصدر من هذين الطالبين سلوك ايجابي، لا تقف حدوده عند الالتزام الديني فحسب بل تمتد الى اهمية التنشئة الاسرية وتعليم الابناء معاني هامة في حياتنا ،تبدا انطلاقتها من الالتزام باداء الواجبات الدينية وتنتهي باحترام مفاهيم وقيم لا بد ان تشكل منظومة حياة تنعكس على السلوكيات داخل الاسرة وفي المدرسة وفي العلاقات الاجتماعية .
ويؤكد اخصائيون في التربية على اهمية تعزيز الالتزام بالجوانب الدينية في حياة الابناء منذ الصغر لانها تنعكس عليهم ويتلمسون اثرها عندما يتجاوز الابناء مرحلة الطفولة .
واشاروا الى ان على الاسرة دورا كبيرا وهاما في تعويد ابنائهم على الالتزام بالصلاة والالتزام بمعاني الدين التي تعني الاخلاق والصراحة والامانة وهي جمعيها جوانب يحتاج لها الابناء في هذا الزمن لانها الاقدر على حمايتهم وتجنبيهم الوقوع في مشاكل كبيرة ناتجة عن الابتعاد عن الدين .
واكدوا على ان التعاليم الدينية لا تقف عند حدود اداء الفروض، فحسب بل انها بداية لحياة اكثر امانا فالطفل الذي يذهب مع والده للصلاة وينشأ في اسرة تحترم القيم الدينية لا بد ان يكون ملتزما وينعكس هذا الالتزام على سلوكياته بشكل ايجابي .
فما نريده من مدارسنا ليس التطوير فقط بالجوانب التعليمية او التركيز على الانشطة الرياضية والترفيهية، بالرغم من اهميتها في حياة الطالب بل ان رسالة المدارس كبيرة فهي تربي جيلا باكمله ومسؤولياتها تتعدى التعليم لتصل الى نفوس الطلاب ،وتعزيز قيم كثيرة بالحياة القيم الوطنية والانتماء للوطن واحترام الاخرين والالتزام الحقيقي بالدين الذي لا بد ان ينعكس على سلوكياتهم .
الطالب يتعلم ان لا يكذب ولا يسرق ولا يعتدي على زميله ويحترم معلمه ومدرسته ويحترم ذاته واسرته ليغادر مدرسته وهو ليس طالبا متفوقا ،فحسب بل انسانا يعتز بذاته ويحافظ على كرامته وكرامة وطنه ويؤمن ان الالتزام بالقيم الدينية، يعني ان يكون انسانا يحمل بداخله النقاء والصدق .
2013-09-16
المفضلات