كريمان الكيالي - «الطابور» دخل معظم المؤسسات الخدمية ، نحصل على تذاكر أقرب لطوابع البريد في حجمها، تحمل ارقاما متسلسلة يحتفظ بها كل مراجع ليعرف دوره وينجز معاملته ، فلا يستطيع التوجه نحو كاونتر الخدمة قبل أن يظهر رقمة على الشاشة، او يتم مناداته عندما يحين دوره ، الا انه حتى الان يصعب ضبط طوابير المراجعين كما المطلوب.
عندما يتوجب علينا ان نقف بالطابور نتململ ،نتحايل ،نتخطى .، نزاحم الآخرين وقد نستولي على أدوارهم «عينك عينك» ..!.
صحيح ان الازدحام الكبير في الطوابير يستنفد الجهد والوقت ويثير الاعصاب ، لكن الوقوف بالدور يحقق المساواة بين جميع الاشخاص ..إمرأة ورجل ، كبير وصغير، غني وفقير، بل ويعتبر الالتزام بالدور من مظاهر رقي الشعوب وتمدنها ،التي تستحق الاشادة والاعجاب، مثل باقي العلوم والفنون والاداب والرياضة وغيرها.
مشادة عنيفة
هناك دائما من يتجاوز ، ويثير استياء الاخرين، قبل أيام وفي صالة فروع احد البنوك الكبرى بعمان، وقبل انتهاء الدوام الرسمي بدقائق ، وعندما كان يقف كثيرون بانتظار دورهم ، حدثت مشادة عنيفة بين اثنين من العملاء، بسبب تجاوز أحدهما على دور الآخر ، ووصل الامر بهما للتهديد والوعيد والشتم ،ولولا حكمة الموظف المسؤول وتدخل بعض من ينتظرون دورهم ، لحدث ما لم تحمد عقباه ، لكن موظف الامن بالبنك الذي بذل هو الآخر جهودا كبيرة لانهاء المشكلة ،يقول بأن تجاوزات الدور تحدث دائما، برغم أن كل مراجع او عميل له دور بحسب التذكرة التي قطعها من الآلة الموجودة في البنك ، وفي بعض الحالات يتطور الخلاف على الدور، الى شجار يصعب السيطرة عليه ،حيث يتم استدعاء رجال الشرطة .
والسؤال لماذا نضيق ذرعا عندما يتجاوز البعض للطابور؟ .
ونضرب عرض الحائط بمشاعر الآخرين، عندما نقوم بتجاوز دورهم؟ .
.. يجيب «حسام «: لم نتعود ولم نحترم أن نقف بملء ارادتنا في طابور منتظم ، ونحن صغارا كنا نقف في الطابور خوفا من توبيخ المعلمين أو عقابهم ، والان في كل مدارسنا طلاب يتدافعون ويستولون على أدوار بعضهم البعض .
ويضيف :» نعاني من ضعف ثقافة الالتزام بالطابور في كل مكان ، في المطارات والمخابز وعلى محطات البنزين وعند صناديق الدفع في المطاعم والمولات ، اما الشوارع فهي الميدان الآوسع لتجاوزات مستفزة لكثير من السائقين، وغيرها مما لا يتسع الحديث فيه .
أما المعلمة « ميس» فقالت:» طوابير المدرسة اسلوب جميل في تعويد الطلاب على احترام الدور والآخر ،وبالطبع ليس كل الطلاب منضبطين ، هناك من يعتدي على دور غيره ، وهناك من يقف بالدور على مضض، لكننا نحاول قدر الامكان ان نرسخ الطابور، كقيمة من خلالها يحترم الطالب نفسه وزملاءه ومدرسته ومجتمعه ..فالطابور يعني النظام واحترام حقوق الغير في الوقوف بالدور.وذلك ينسحب على السلوك السياسي والثقافي، من حيث تقبل الرأي الآخر أو الميل الى إقصائه.
انجاح الوقوف بالطوابير والالتزام بالدور، ليست مسؤولية المواطن وحده «مراجع او عميل «، بل مشتركة مع موظفي الخدمات في المؤسسات والبنوك والدوائر المختلفة . حسب وجهة نظر «علاء « ، فليس هناك من يكره النظام كما يقول ، لكن كثيرا ما يتسبب الطابور بتعطيل مصالح الناس ووقتهم ، لان هناك بعض موظفي الخدمة من يتوارون خلف الطابور ، والا كيف يعهد لموظف واحد على الكاونتر بانجاز معاملات الناس ، فيما بقية زملائه ليسوا على مكاتبهم أو مقاعدهم وربما يتناولون فطورهم، او يتحدثون على الموبايل وعلى أقل من مهلهم .
المفضلات