- رأينـا
بكلمات واضحة وحاسمة لا تقبل التأويل أو القراءة المغايرة, وضع جلالة الملك عبدالله الثاني علماء الأمة وشعوبها أمام مسؤولياتهم الدينية والتاريخية والحضارية في تأشير ملكي على طبيعة المرحلة التي يمر بها العالمان العربي والاسلامي وعلى مفاهيم الديمقراطية, التي حاول البعض تشويهها من خلال نسبها الى مفهوم الغلبة, التي هي بالفعل ليست جوهر الديمقراطية بل إحساس الجميع بأنهم ممثلون, ما يمنح هذا قيمة مهمة وحيوية لأنه جوهر الاجماع السياسي في الاسلام..
من هنا جاءت دعوة جلالته خلال استقباله يوم أمس المشاركين في المؤتمر السادس عشر لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الاسلامي, الذي شهد مشاركة مجموعة متميزة من علماء المسلمين, الى التفكير في الديمقراطية كغاية بحد ذاتها وليس مجرد ارقام ونسب تستخدمها الاكثرية السياسية ضد الاقلية, لتؤكد أننا أمام قراءة ملكية عميقة ومتميزة للموقف الاردني الثابت والمعلن من الاحداث والقضايا التي تواجهها دول هذه المنطقة وشعوبها, حيث تنسجم الدعوة الملكية مع ما كان دأب عليه قائد الوطن من رفض ونبذ للعنف الطائفي والمذهبي لأن فيه خراب الامة, وما يجلبه من استغلال الدين وبث الفرقة والطائفية البغيضة من خطورة وانهيارات..
وإذ لفت جلالته الى محاور رسالة عمان الثلاثة بما هي ايضاً اسهام من المشاركين في مؤتمرات مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الاسلامي وتحقيق الاجماع حولها, فإنما لاعادة التذكير بما انطوت عليه الرسالة المهمة وهو التركيز على تعريف من هو المسلم والتصدي للتكفير وتحديد من هو اهل للافتاء والتي ساهمت بالتقريب بين اتباع المذاهب وتعزيز الاحترام بينهم..
نحن اذاً أمام قراءة ملكية تأخذ في الاعتبار تفاصيل المشهد وكثرة التحديات التي تحيط بالعالمين العربي والاسلامي, وخصوصاً في ضرورة ايلاء الاولوية لحقوق المواطنة المتساوية والعدالة بما هي متطلبات اساسية لاستمرار الدول والانظمة بشكل مستدام, اضافة بالطبع الى ما يجب أن يوليه علماء الامة من مسؤولية لمواجهة خطاب الفتنة الطائفية في سوريا وعدم السماح بانتشارها في العالمين العربي والاسلامي, وبما يفضي وبالضرورة الى حقن الدماء في ذلك البلد الشقيق والحفاظ على وحدة سوريا ووحدة الأمتين العربية والاسلامية..
جملة القول أن جلالة الملك الذي دأب على رعاية مؤتمرات مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الاسلامي وشارك وتابع حثيثاً نقاشاتها وبخاصة في طرح وانضاج فكرة ومضامين رسالة عمان, لا يزال يحرص على تذكير علماء الامة وشعوبها بأهمية الالتزام بمحاور هذه الرسالة وتعهّد جلالته بتنفيذ كل ما يصدر عن مؤتمرات مؤسسة آل البيت من مبادرات تخدم امتنا الاسلامية وتؤكد على وحدتها وعلى عدم تكفير المسلم للمسلم واحترام اتباع المذاهب الثمانية من السنّة والشيعة, بمن فيهم العلويون والاباضية ومن السلفيين والصوفيين, وهو نهج سار عليه الهاشميون منذ قرون ولا يزال قائد الوطن وفيّاً مخلصاً وأميناً لهذا النهج الاصيل من التسامح والمحبة.
المفضلات