كتب- د. صلاح العبّادي- تصر قيادات من تيار الصقور في جماعة الاخوان المسلمين على تأزيم الموقف السياسي، وخلق حالة من التصادم والعداء مع الحكومة من جهة ومع المواطنين من جهة أخرى على نحو يؤجج الموقف السياسي، ويثير الفتنة داخل المجتمع الاردني.
المتابع لتصريحات هذه القيادات خلال الايام الماضية يدرك حجم الانغلاق الذي تعانيه هذه القيادات وكذلك التخبط، جراء ابتعادها عن لغة خطاب عقلاء الجماعة من تيار الحمائم.
ومن يتمعن في لغة خطاب قيادات تيار الصقور يدرك بأنها معارضة صغيرة، لا تريد أن تكبر بفكرها على نحو يعزز مسيرة الديمقراطية، بل على العكس من ذلك اصرارها على ايجاد حالة من الخلاف في الرأي، والابتعاد عن منطق العقل.
والمتتبع لتصريحات قيادة الجماعة في الاردن، يدرك كيف هي تبتعد عن اتخاذ موقف شجاع في مواجهة الواقع بالحوار، وتذهب الى تأجير عقولهم لجهات خارجية، تتلقى الأوامر منها.
سيل الشتائم وكيل الاتهامات التي ساقها احد قيادات الجماعة للقوميين واليساريين يكشف واقع الازمة التي تعيشه هذه القيادات وتخبطها.
هذه القيادات لم تدرك أن الحرية الشخصية للفرد المتمثلة في حرية التعبير عن الرأي أو الكلام هي امتداد لحرية الفكر وحرية الاعتقاد والتحرر من العوز، والتحرر من الخوف وبقية الحريات الأخرى، في وقت يرون الحرية من زاوية واحدة تتفق مع رغباتهم الشخصية فقط.
كما أنهم لم يدركوا أن لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير , وهذا يتضمن الحق في عدم تخوينه وترهيبه بسبب مواقفه وآرائه، لكن البعض من القيادات الاخوانية العاجزة والقاصرة في نظرها تتلذذ باستخدام العنف اللفظي وبسط التسلط على الآخرين، وعدم قبولهم بالرأي الآخر وعدم الالتزام بأصول وآداب الحوار الديمقراطي الحر، الذي يجب أن يراعي اخلاقيات العمل السياسي وحرية الرأي والتعبير.
ان ما تجهله هذه القيادات المهزوزة والمأزومة هو أن ثقافة الحوار هي الإطار العام ومقدمة لبناء أسس الديمقراطية ، وتدخل هذه الثقافة ضمن اللبنة الأولى من لبنات احترام الرأي والرأي الآخر.
شكلت السنوات الاربع الماضية من تاريخ جماعة الاخوان المسلمين تراكماً من التطبع والإصرار على إلغاء الآخر وشطبه، واللجوء إلى استعمال الخطابات البعيدة عن الواقع والمنطق، وانتهاج سياسة التخوين والتكفير والاتهامات، واحتواء المتفقين في سلوك بعيد جداً عن السلوك الديمقراطي والحضاري الإنساني، بعيدا عن لغة الحوار ومبادئ ثقافته .
وتصر هذه القيادات على تجاهل ثقافة الحوار التي ترتكز على قدرة الإنسان في التفاعل مع الآخرين، من خلال اعتماد القدرة على الحوار والاستماع إلى الرأي الآخر، والقابلية على احترام وجهة النظر المعارضة بغية التحاور، بالإضافة إلى القابلية على طرح الأفكار بشكل عقلاني ومنطقي سليم يعتمد البساطة، والمجادلة من أجل الوصول إلى القواسم الإنسانية المشتركة في أية قضية تطرح للحوار، وتلك القدرة يتميز بها الإنسان دون غيره غير أن تلك القدرة ترتبط أيضا باحترام الرأي الأخر والاستماع له والمقدرة على مناقشته بالوسائل الإنسانية المعهودة .
اتباع لغة الشتائم من قبل قيادات تنتمي الى تيار الصقور يدل على واقعهم المهزوز، لأن الاصل في ذلك التعبير عن رأيهم بعيداً عن اتهام الآخر، أو التشكيك بصدقيتهم ونواياهم، والأهم، في وطنيتهم، أو تسفيه أفكارهم، أو السخرية من آرائهم.
ومن يتابع تصريحات هذه القيادات الاخوانية فلا يرى حواراً، وإنما يستمع إلى كلمات هدامة لاذعة، وإلى تسفيه للرأي الآخر، واتهامات مختلفة، بل تعصباً أعمى وتخوين أحياناً!
وكل متحاور يتمترس وراء أفكار وقناعات مسبقة كوّنها لنفسه، أو غرست فيه، أو وجدها تتناسب ومصالحه الشخصية، يفتقد للقيم وللاخلاق.
كما أن على هذه القيادات أن تحترم أصحاب الأفكار والآراء ولو اختلفت معهم، والسقف دائماً هو الوطن ومصالحه، والأمة وتطلعاتها المحقة، وأن تتعلم لغة الحوار وآدابه وكيفية التعامل مع الآخر قبل أن تتشدق بالحديث عن الديمقراطية.
المفضلات