ان ما شاهدناه الجمعة الماضية من خطاب انقلابي، عبرت عنه هتافات وشعارات قيادات وكوادر الحركة الاسلامية في مسيرة الجمعة الماضية التي نظموها وسط العاصمة عمان،يأتي ترجمة حقيقية لتصدير ازمة اخوان مصر الى الاردن في سابقة خطيرة على الامن الوطني الاردني، وتهديد وترويع للمواطن .
ان تأييد الدولة الاردنية للنظام المصري الحالي في فرض القانون والامن، ينبع من المصلحة القومية العربية وللحفاظ على مصر قلب الامة، وانسجاما مع مطالب عشرات ملايين المصريين، الذين عدلوا مسار الثورة بعد أن حرفها الاخوان عن الطريق الصحيح من خلال سياسة الاقصاء، واخونة الدولة التي رفضها الشعب المصري.
ولو ان اخوان مصر اتبعوا لغة العقل بداية وسياسة المنهج السلمي الذي اتبعوه، لما وقع المشهد الدموي الذي أسفر عن سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح، الا ان اصرار الاخوان على المواجهة والصدام، يكشف بشكل جلي عن اهدافهم الدنيوية في «السلطة»، ولو كانت على حساب الدم المصري وامن البلاد .
غير أن الاهداف الدنيوية واستراتيجية احتكار السلطة، لدى قيادات الاخوان في مصر، وهي ذات الاستراتيجية ، في فروعها في الدول العربية والاسلامية، كانت الدافع الاساسي للاستعداد لمواجهة مسلحة مع اخوتهم من عناصر الشرطة والجيش المصري،ليقع ما رأينا من سقوط قتلى وجرحى، من الطرفين في مشهد مؤلم ، ندعو الله ان يهدئ البال وان تتبع لغة الحكمة والعقل، وان يجنح الاخوان الى السلم، ويعودوا الى منازلهم واعمالهم، ويمارسوا منهجهم المعتدل في اطار النظام والقانون، لتجنيب البلاد شرور الفتن.
لكن بدا واضحا، ان لغة العقل اصبحت من الماضي، وان الامور خرجت عن السيطرة كما قال الناطق باسم الجماعة في مصر عصام حداد قبل ايام، والذي تحدث ان الجماعة قد تتحول الى العمل المسلح .مما سيغرق البلاد في حمام دم طويل الامد .
هذه النتائج والسيناريوهات المصرية، يجب على اخوان الاردن ان يكفوا عن تبنيها، فالظروف في مصر مختلفة تماما عن الظروف في الاردن، ولن يسمح لهم تحت اي ذريعة، ان يكونوا عونا لاخوتهم في توتير الساحة الاردنية .
فالاجواء الديمقراطية التي تشهدها المملكة والتي تستفيد منها الاحزاب السياسية والشخصيات المعارضة، وجدت من اجل الدولة ومصلحة المواطن، لا من اجل دعم تنظيم تحول الى السلاح لتحقيق اهدافه السياسية، ولن يسمح بتفجير ازمته على الساحة الاردنية تحت ذريعة الحريات، فالامن الوطني خط أحمر، وعلى قيادات اخوان الاردن أن يعوا ذلك .
ان ما شهدته مسيرة الاخوان الجمعة الماضية من رفع شعارات منها « من دعم الانقلاب يستحق الانقلاب»، فهذه اليافطة ليست عبثية رفعها هاو، فنحن نعلم وقد شاهدنا، امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي الشيخ حمزة منصور، وهو يكتب الشعارات على قصاصة ورق ويسلمها لاحد عناصر التنظيم ليقرأها على الملأ واما الكاميرات.
اذن، الدعوة الى الانقلاب على النظام الاردني، شعار بات يرفعه الاخوان بشكل صريح وعلني، فهل ستسكت الدولة على هذا تحت ذريعة كما أسلفنا الديمقراطية، وهل يعتقد حمزة منصور وهمام سعيد وزكي بني ارشيد، ان سكوت الدولة عن تلك الدعوات ضعف، أم ان تلك القيادات تسعى لجر الدولة الى السيناريو المصري، ليتحقق تصدير المشهد وتحقيق مبتغاهم، عليهم ان يتقوا الله في ارواح المواطنين وامن البلاد ، فتحقيق مصالحهم الدنيوية لا تستدعي جر الدولة الى الصدام، وعليهم ان ينصرفوا الى منهجهم المعتدل في الوعظ والارشاد .
الا انه بات واضحا ان خطاب الوعظ الذي ينتهجه الاخوان تحول الى خطاب كراهية ونفور واتبع مبدأ ، « ان لم تكن معي فأنت ضدي»، بل ذهبوا في مصر الى اكثر من ذلك، رفعوا السلاح بوجه النظام على اعتبار انه تيار ليبرالي يساري علماني كافر، وشرعوا قتاله، بل ان رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي « إخوان « دعا مؤخرا جموع المسلمين في العالم العربي والإسلامي بالوقوف جوار مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، مطالبهم بالذهاب إلى مصر لرؤية «المذابح» التى تحدث، ولنيل الشهادة بجوار إخوانهم في نصرة الإسلام.
دعوة القرضاوي، تحريض واضح ، على اعادة تصدير السيناريو السوري في مصر، وهل ينقصها الامة، فتن وخراب ودمار، ألم ينتبه الشيخ القرضاوي لما ألم بملايين المواطنين السوريين من مآسي وآلام، ألم يتعظ ، ويكون ناصحا للامة في حقن دمائها.
أخيرا، علينا في الاردن، ان نكون متكاتفون ، وان لا نسمح لاي أحد باستحضار تجارب الغير الدموية، وان يستورد ازمته لاشعال الساحة الاردنية، لتقديم العون له على حساب الدم الاردني، فهذا لن يحدث ولن يسمح فيه، وعلى القيادات الاخوانية ان تعي خطورة المشهد، وان تتبع لغة الحكمة والعقل، وان يجنبوا البلاد مخاطر التأزيم و الصدام .
المفضلات