د.هاني خليل عابد
عَنْ أبي سعيد بن المعلى قَالَ : كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي فَقَالَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ : «اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ» ثُمَّ قَالَ لِي لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ (رواه البخاري)
مما يستفاد من الحديث الشريف :
1- أن من خصائص المصطفى محمد صلوات الله عليه أنه إذا دعا أحدا فعلى المدعو الإجابة امتثالا لأمر الله تعالى القائل:» يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم «(الأنفال :24) قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري :» وَتَجِبُ إجَابَتُهُ في الصَّلَاةِ على من دَعَاهُ وهو فيها وَلَا تَبْطُلُ بها لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَمَّا نَادَى أَبَا سَعِيدِ بن الْمُعَلَّى فلم يُجِبْهُ لِكَوْنِهِ في الصَّلَاةِ قال له ما مَنَعَك أَنْ تَسْتَجِيبَ وقد سَمِعْت قَوْله تَعَالَى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الْإِجَابَةَ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَثُرَ فَتَجِبُ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ قال الْإِسْنَوِيُّ وهو الْمُتَّجَهُ(أسنى المطالب في شرح روض الطالب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري 3/106).
2- جاء هذا الحديث من طريق أبي سعيد بن المعلى واسمه الحارث بن نفيع وليس له عند البخاري إلا هذا الحديث (عمدة القاري شرح صحيح البخاري/ بدر الدين العيني الحنفي /26/ 384).
قلت وهذا الكلام يظهر عناية علماء الإسلام في الحديث النبوي ودراسة سير رواته وأحوالهم.
3- قوله عليه الصلاة والسلام للصحابي لأعلمنك أعظم سورة ابتداء قبل أن يذكر له السورة فيه بيان للمنهج النبوي في الدعوة إلى الله والذي من خصائصه التشويق والترغيب وطرح الأسئلة لإثارة التشوق للتعلم عند المتعلم والتفكير فيما يسمعه ويتعلمه.
4- أوضح الحديث كون الفاتحة أعظم سور القرآن
أ_ وذلك لأنها سبع آيات وصفت بالسبع المثاني وذلك لعدد من الاعتبارات منها أنها تثنى في كل ركعة، أو لأنها فيا ثناء ودعاء، أو لما اجتمع فيها من فصاحة المباني وبلاغة المعاني، أو لأنها تثنى على مرور الزمان وتتكرر فلا تنقطع وتدرس فلا تندرس، أو لأن فوائدها تتجدد حالاً فحالاً إذ لا منتهى لها.
ب - وكذلك وصفت الفاتحة بالقرآن العظيم لما اشتملت عليه من مقاصد القرآن الكريم(دليل الفالحين لابن علان /6/325)
5- ذكر النووي في المجموع عن بعض أهل العلم أن للفاتحة عشرة أسماء، الأ وهي فاتحة الكتاب، وسورة الحمد ،وأم القرآن، وأم الكتاب ،وسورة الصلاة، والشفاء، والكافية، والسبع المثاني، والأساس ،والوافية بالفاء - لانها لا تنقص فيقرأ بعضها في ركعة وبعضها في أخرى بخلاف غيرها(المجموع للنووي 3/331بتلخيص واختصار).\
المفضلات