سرايا - على الرغم من تجنب وزارة المياه والري والحكومة حاليا، الحديث عن خطط وتوجهات لرفع أسعار المياه على المشتركين، فإن الوزارة لا تخفي وجود عوائق مالية تواجه مشاريعها والقدرة على تمويلها، ما يمهد الطريق أمامها في المستقبل القريب، لإعادة النظر في هيكلة تعرفة المياه في الأعوام المقبلة، لا سيما بعد تشغيل مشروع الديسي قبل أيام.
وحسب الوزارة؛ فإن الحكومة تتكبد حاليا 135 قرشا ككلفة للمتر المكعب الواحد من مياه مشروع الديسي، وأصلا للمواطن، وبما يشمل كل عناصره، بما فيها القيمة التي تدفعها الحكومة للشركة التركية المنفذة للمشروع، والبالغة نحو 90 قرشا عن المتر المكعب الواحد، وأصلا لخزان مياه دابوق، في وقت لا يتجاوز فيه ما تجبيه الوزارة من المواطن عن المتر المكعب الواحد الـ45 و50 قرشا، بحسب بيانات سابقة للوزارة.
وتشير أرقام الوزارة بوضوح إلى عدم وجود سيناريوهات لإعادة هيكلة تعرفة المياه، الناتجة عن تشغيل مشروع الديسي العام الحالي، لكن التقديرات والخيارات المطروحة تبقى قائمة، ولا استبعاد لإمكانية إعادة النظر في التعرفة، اعتبارا من العام المقبل، وعلى نحو تدريجي، بحسب مصادر مطلعة.
وبالرغم من أن الاستجابة لهذا التوجه، الذي لا يعد طرحه حديثا في سياق تزايد تحديات قطاع المياه وشحه في المملكة، لا تلقى قبولا “اجتماعيا”، فإن تسريبات الصالونات الاقتصادية حول احتمالية “رفع أسعار المياه” قد يصبح يوما ما “شرا لا بد منه”.
وبينت مصادر مسؤولة بالوزارة، في تصريحات لـ”الغد”، أنه في حال اتخذ قرار بشأن إعادة النظر بهيكلة تعرفة المياه، فإن ذلك سيأخذ بالاعتبار توزيع كلفها على مختلف القطاعات، بما فيها مياه الري.
وتعتبر المصادر أن إعادة النظر في هيكلة تعرفة المياه، يهدف على نحو رئيسي إلى عدم المساس بكميات ونوعية المياه الواصلة عبر الديسي، لاسيما أن الحفاظ عليها أمر استراتيجي ومهم في حساب المعادلة المالية لسعر المياه.
وتوضح أنه لوحظ في الآونة الأخير اتباع مواطنين لممارسات سلبية بهدر المياه، التي أصبحت تصلهم على نحو إضافي مع تشغيل وضخ مياه الديسي إلى عمان.
وتحرص الحكومة ووزارة المياه عند الحديث عن إمكانية الوصول إلى مرحلة إعادة النظر بتعرفة المياه، على التأكيد على أن أي إعادة ستحافظ على عدم المساس بقدرة أصحاب الاستهلاك المحدود، وأن تراعي “حصانة اقتصاديات” شرائح الاستهلاك الدنيا.
ولأن قرار إجراء صياغة جديدة لمعادلة تعرفة المياه، يبقى مرتبطا بنواح علمية وحسابية واقتصادية “صعبة”، فإن المطلوب من الحكومة، ممثلة بالوزارة، أن تطرح موازنة تحقق العدالة لاستحقاق جزء من تكاليف تشغيل وصيانة وضخ المياه المترتبة عليها من جهة، وتقيّم في الوقت نفسه، قدرة المواطن على الدفع من جهة أخرى، بحسب مراقبين.
وتلفت مصادر مطلعة إلى أن عزوف الممولين الدوليين عن تقديم مساعداتهم للمساهمة بتنفيذ مشاريع تحسين التزويد المائي في المملكة ورفع كفاءة المياه، بدا جليا مؤخرا، لأسباب تعود إلى “عدم قدرة الحكومة ووزارة المياه على تغطية تكاليف التشغيل والصيانة للمياه”. وهو ما أعلنته الوزارة على لسان وزيرها الدكتور حازم الناصر، أكثر من مرة، إذ قال إن “الوزارة بسلطتيها المياه ووادي الأردن، لم تعد قادرة على استقطاب الممولين لجلب مشاريع جديدة”.
وعزا الناصر ذلك، إلى أن الممولين يطلبون أن تكون مصاريف كلفة المشاريع، قادرة على تغطية كلف التشغيل والصيانة على الأقل.
وحذرت الوزارة مرارا من التأثيرات السلبية الناجمة عن انخفاض مستوى تغطيتها لتكلفة التشغيل والصيانة، في ضوء العوامل الاقتصادية الطارئة، لاسيما أنها بالكاد تغطي حاليا هذه التكلفة.
وتدفع سلطة المياه نحو نصف دخلها لصالح فاتورة الكهرباء، وهو ما يضيف عبئا إضافيا على موازنة الوزارة، قد يحول دون تطوير مشاريع متعلقة بالمصادر المائية، كما تحذر الوزارة.
ويصل معدل الشرائح التي تستهلك حوالي 50 مترا مكعبا (الشرائح الدنيا) في الدورة الواحدة (كل 3 أشهر) إلى 70 % من المواطنين، ولا تتجاوز قيمة مدفوعاتهم المدعومة من الحكومة نحو 15 دينارا للفاتورة الواحدة، وفق أرقام الوزارة.
وتستهلك هذه الفئة نحو 50 % من كميات المياه، ويدفع أصحابها 25 % فقط من إيراداتها.
إلى ذلك، كشف وزير المياه الناصر بعد افتتاح مشروع الديسي مؤخرا انخفاض قدرة تغطية مياه الديسي لفجوة الاحتياجات المتزايدة بالمملكة، حيث أكد أنها ستستمر حتى العام 2019 فقط كحد أقصى، وانها لن تغطي تلك الفجوة حتى العام 2025 كما أشارت دراسات المشروع سابقا.
وارتفعت فجوة الاحتياجات المائية نتيجة أزمة التدفق المتزايد للاجئين السوريين ومواجهة المملكة لبعض القضايا الإقليمية.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني دشن الأسبوع الماضي مشروع ضخ مياه الديسي إلى عمان وعدد من محافظات المملكة، بكلفة مليار دولار، ليسهم بتوفير مصدر مستدام للمياه في محافظة العاصمة وباقي المحافظات، ويدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ضمن منظومة متكاملة.
ويعد مشروع جر مياه الديسي، الذي تم إنجازه باستثمار محلي ودولي، أحد أبرز المشروعات الحيوية في إدارة مصادر المياه، ومواجهة تحديات نقص المياه، حيث سيرفع حصة الفرد إلى 190 لترا مقابل 145 لترا/ يوميا، وبكلفة إجمالية بلغت 700 مليون دينار.
وتعتمد الوزارة - السلطة؛ تعرفة مياه تصاعدية على طريقة الشرائح التصاعدية، أي أنه كلما ازدادت كميات المياه المستهلكة ارتفعت قيمة الفاتورة، وذلك “تقنينا” لكميات المياه المستخدمة، وانطلاقا من مبدأ أنه كلما ارتفع سعر السلعة انخفضت الكمية المطلوبة منها.(الغد)
المفضلات