الحقيقة الدولية – عمان
أثار قرار وزارة التربية والتعليم المفاجئ بالتراجع عن استخدام نظام النماذج في امتحان الثانوية العامة قدرا متزايدا من الجدل ووضع علامات استفهام حول مغزى هذا الإجراء ودلالته وتوقيته، وسط مخاوف من استمرار عمليات الغش في الإمتحان الوطني الذي يدخل يومه الخامس.
ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من الحديث المتواصل عن آليات جديدة لتقويض جهود "مستخدمي الغش" وسيلة للحصول على المقعد الجامعي، ومن بينها تزويد المراقبين داخل القاعات بأجهزة تشويش على الأجهزة النقالة الى جانب إعداد أسئلة الإمتحان وفق أربعة نماذج للحد من الظاهرة التي باتت مشهدا مألوفا في مختلف مدارس البلاد.
فقد نقلت مصادر مسؤولة في ادارة الإمتحانات والإختبارات المدرسية عن أمين وزارة التربية سطام عواد قوله "ان اللجنة العليا للإمتحان أعدت خطة محكمة للسيطرة على ظاهرة الغش في الإمتحان، وكان من بينها نظام الأسئلة متعدد النماذج، بيد أن وزير التربية والتعليم قرر بشكل مفاجئ ايقاف هذا النظام، والعودة الى نظام "النموذج الواحد"، بعد تزايد وتيرة الإحتجاجات الطلابية، إضافة الى ضغوط نيابية واسعة، وهو وضع لا تحتمله الحكومة التي تعيش أزمات متتالية في الشارع وأمام النواب"، والكلام للأمين العام عواد الذي لم يكن يجيب على هاتفه للتأكد من صحة ما نقل على لسانه.
وأبدت المصادر ذاتها استغرابها من تصريح الأمين العام من أن لجان وضع الأسئلة هي التي تقرر وضع نموذج واحد أو أكثر في المبحث الواحد، مؤكدا أن هذا القرار يعود الى اللجنة العليا للإمتحان الوطني بعد التشاور مع الوزير نفسه، ولا علاقة للجان وضع الأسئلة بالأمر.
في سياق آخر اكدت الزميلة "العرب اليوم" أن "قصة النماذج" مفبركة من أولها الى نهايتها، وهي خطوة لجأت اليها وزارة التربية من باب الحرب الإعلامية لخلخلة صفوف الجهات التي تخطط وتنفذ عمليات الغش داخل القاعات، بينما كان لهذه الخطوة مردود سلبي بعد تصاعد الإحتجاج بين صفوف الطلبة، في وقت الحكومة في حال لا تحسد عليه.
وقد سجلت وزارة التربية والتعليم أكثر من 750 حالة غش أثناء تقديم الإمتحانات في اليوم الخامس، مازالت تتركز في عدد من المحافظات والعاصمة، كما أكد مصدر مسؤول في إدارة الإمتحانات مبينا ان الوزارة فصلت العشرات من الطلبة بعد استخدام الأجهزة النقالة اثناء فترة الإمتحان.
يقول أحد المعلمين الذين راقبوا على الإمتحانات رفض ذكر أسمه ان الغش في كثير من القاعات كان على نطاق واسع بعضه كان عبر مراقبين وآخر كان بإيعاز من رؤساء قاعات تحت ضغط الوساطات والأقارب، إضافة الى استخدام الهواتف الخلوية، مؤكدا أن هناك تعليمات صارمة لوقف الغش في قاعات الإمتحان، لكن الى أي مدى يتم تفعيل هذه التعليمات يتساءل ذات المعلم.
في ما يرى مراقب آخر ان عدم حماية المراقبين من قبل وزارة التربية والتعليم جعل هؤلاء يتواطؤون في مراقبة الطلبة داخل القاعات خوفا من حدوث مواجهات مع الطلبة لا سيما طلبة الدراسة الخاصة، مؤكدا ان طلبة مارسوا الغش أمامه رغم عدم قناعته بذلك، غير انه يطالب المسؤولين في وزارة التربية العمل على وضع تشريعات تحمي المعلمين من إعتداءات الطلبة وأن لا تكتفي بوضع تعليمات تحد من الغش فقط.
الأمر اللافت أنه في الوقت الذي تدعو فيه وزارة التربية والتعليم المعلمين الى المراقبة على إمتحانات الثانوية العامة، فهي لا توفر لهم الحماية اللازمة، ففي قاعات بعض مدارس محافظة البلقاء ومحافظات الجنوب جرت عمليات تكسير لسيارات مراقبين ورؤساء قاعات لم تعترف وزارة التربية والتعليم بأية تكاليف لما حدث.
وبموجب تعليمات منع الغش في الإمتحان يتم الغاء مبحث الطالب اذا ضبط المشترك وبحوزته ادوات تتعلق بمادة الامتحان سواء استعملها أو لم يستعملها, أو اذا وجد مع المشترك أي جهاز اتصال أو آلة وخاصة أجهز "الهواتف الخلوية" و"السماعات اللاقطة" بكافة أنواعها ولو كانت مغلقة.
وتثور تساؤلات عن جدوى العاصفة التي حركتها وزارة التربية والتعليم بشأن نظام النماذج، الى جانب الآليات التي يتم اللجوء اليها عند وضع الخطط ورسم السياسات التعليمية، عقب تراجع أوضاع التعليم العام لمستويات خطيرة، ينبغي إعادة النظر معها في مستقبل هذا القطاع المهم بعد سنوات طوال من العصف الذي لم يجد نفعا حتى الآن.
عموما تجد وزارة التربية والتعليم نفسها عاجزة أمام تنوع أساليب "تكنولوجي الغش"، فالهاتف النقال وتقنية "البلوتوث" والرسائل القصيرة، والواتس أب كلها آليات جديدة للحصول على المعلومة عبر الغش، في وقت لا يزال طلبة يفضلون الأساليب التقليدية.
المفضلات