عكست سلسلة اللقاءات التي عقدها جلالة الملك عبدالله الثاني يوم امس في عمان بعدد من رؤساء الدبلوماسية الدوليين وفي مقدمتهم وزير الخارجية الاميركي جون كيري ووزير الخارجية البريطاني وليم هيغ اضافة الى وفد مركز الشرق الادنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة الدفاع الوطني في الولايات المتحدة الاميركية، طبيعة وحجم الدور الحيوي الذي تلعبه الدبلوماسية الاردنية في قضايا المنطقة والعالم ومدى الاحترام والتقدير الذي توليه عواصم القرار الدولي لجلالة الملك شخصياً نظراً لما يتمتع من حكمة وبعد نظر واستشراف للمستقبل واعتدال، اثببت الاحداث ووقائع الايام صحة ودقة قراءة جلالته لملفات المنطقة الساخنة والحلول التي اقترحها والتي باتت الآن تشكل توجهاً عاماً للسياسة الدولية تجاه تلك القضايا وبخاصة في المسألتين الفلسطينية والسورية..
من هنا جاءت المباحثات التي اجراها جلالته مع المسؤول الاميركي الرفيع لتعيد التأكيد على ثوابت الموقف الأردني في ازاء القضايا الملّحة والساخنة التي تعصف بمنطقتنا وتضعها على حافة الهاوية اذا لم يسارع المجتمع الدولي الى ايجاد حلول سلمية لها وبخاصة في ما لفت اليه جلالة الملك حول اهمية استمرار الجهود الاميركية لمساعدة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لاعادة اطلاق المفاوضات استنادا الى حل الدولتين وبما يؤدي الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية..
الموقف المبدئي والثابت ذاته ازاء المسألة الفلسطينية سمعه وزير الخارجية البريطاني واشارة جلالته الحاسمة الى اهمية تكثيف هذه الجهود لاطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين استناداً الى حل الدولتين الذي يشكل السبيل الوحيد لانهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة في الوقت ذاته الذي أعاد جلالة الملك التأكيد على الفرصة التاريخية التي تقدمها مبادرة السلام العربية لتحقيق السلام بين اسرائيل والدول العربية والاسلامية وضرورة استثمارها لتحقيق السلام العادل والشامل، كما يكتسب تحذير جلالة الملك من مغبة الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الاماكن المقدسة في القدس وخطورة ذلك على فرص احياء عملية السلام اضافة الى دعوة جلالته اسرائيل لوقف فوري لأي اجراءات احادية خصوصاً الاستمرار في سياسة بناء المستوطنات اهمية اضافية في المرحلة الدقيقة الراهنة التي تمر بها عملية السلام والاوضاع المتفجرة في المنطقة بأسرها..
الازمة السورية بكل ابعادها وتداعياتها كانت حاضرة بقوة في مباحثات جلالته مع الوزيرين الاميركي والبريطاني كذلك مع وفد مركز دراسات الشرق الادنى نظراً لما يمثله استمرارها من خطورة على الامن والاستقرار الاقليمي والدولي فضلاً عن تداعيات الاعداد المتزايدة للاجئين السوريين وتدفقهم على الاردن خصوصاً وما يتركه ذلك من آثار سلبية وأعباء هائلة على الأردن وموارده المستنزفة ما يستدعي استمرار المجتمع الدولي بدعم المملكة وامكاناتها..
لقاءات جلالته المكثفة يوم امس مع رئيس الدبلوماسية الاميركية والبريطاني شكلت فرصة متجددة أمام الدبلوماسية الأردنية لاعادة التأكيد على مواقف الأردن الثابتة والشجاعة والمعلنة من الأزمة السورية والتي استندت الى خبرة وقراءة عميقة وبعد نظر كان جلالة الملك السبّاق على الدوام في الدعوة الى ايجاد حل سياسي انتقالي وشامل للازمة السورية، بما يحفظ وحدة سوريا أرضاً وشعباً ويحدّ من تفاقم الأوضاع الخطيرة على الساحة السورية وتداعياتها الكارثية على المنطقة.
المفضلات