بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده وستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له،و أشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله- تعالى- بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنه يسرني أن احضر إلى الكلية المتوسطة للبنات في جدة في هذا اليوم : الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الثاني عام اثني عشر وأربعمائة وألف ، لأعبر عما في نفسي في هذا الموضوع الخطير ، وهو
(دور المرأة في إصلاح المجتمع ) فأقول مستعينا بالله عز وجل، طالباً منه التوفيق للصواب والسداد:
إن دور المرأة في إصلاح المجتمع دور له أهميته الكبرى، وذلك لأن إصلاح المجتمع يكون على نوعين:
النوع الأول: الإصلاح الظاهر:
وهو الذي يكون في الأسواق، وفي المساجد، وفي غيرها من الأمور الظاهرة، وهذا يغلب فيه جانب الرجال لأنهم هم أهل البروز والظهور.
وأما النوع الثاني: إصلاح المجتمع فيما وراء الجدار:
وهو الذي يكون في البيوت، فان غالب مهمته موكول إلى المرأة نفسها ، لأن المرأة هي ربة البيت، كما قال الله سبحانه وتعالى موجها الخطاب والأمر إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم : في قوله:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا. [الأحزاب:33]
أهمية دور المرأة في إصلاح المجتمع:
نظن بعد ذلك أنه لا ضير علينا إن قلنا: إن إصلاح نصف المجتمع أو أكثر يكون منوطاً بالمرأة، وذلك لسببين:
السبب الأول:
أن النساء كالرجال عدداً، إن لم يكن أكثر، بل هن أكثر أعني أن ذرية آدم أكثرهم من النساء، كما دلت على ذلك السنة النبوية، ولكنها تختلف من بلد إلى بلد ومن زمن إلى زمن، فقد تكون النساء في بلد ما أكثر من الرجال، وقد يكون العكس في بلد آخر، كما أن النساء قد يكن أكثر من الرجال في زمن، والعكس في زمن آخر.
وعلى كل حال فإن للمرأة دوراً كبيراً في إصلاح المجتمع.
وهناك مسألة أخرى تبين أهمية دور المرأة في إصلاح المجتمع
السبب الثاني:
أن نشأة الأجيال أول ما تنشأ إنما تكون في أحضان النساء، وبه يتبين أهمية ما يجب على المرأة في إصلاح المجتمع.
مقومات إصلاح المرأة في المجتمع
لكي تتحقق أهمية المرأة في إصلاح المجتمع، لابد للمرأة من مؤهلات أو مقومات لتقوم بمهمتها في الإصلاح وإليكم جانبا من هذه المقومات.
المقوم الأول: صلاح المرأة:
أن تكون المرأة نفسها صالحة، لتكون أسوة حسنة، وقدوة طيبة لبنات جنسها، ولكن كيف تصل المرأة إلى الصلاح؟
لتعلم كل امرأة أنها لن تصل إلى الصلاح إلا بالعلم، وما أعنيه هو العلم الشرعي الذي تتلقاه، إما من بطون الكتب إن أمكنها ذلك وإما من أفواه العلماء سواء أكان هؤلاء العلماء من الرجال أو من النساء.
وفي عصرنا هذا يسهل كثيراً أن تتلقى المرأة العلم من أفواه العلماء، وذلك بواسطة الأشرطة المسجلة، فإن هذه الأشرطة ولله الحمد لها دور كبير في توجيه المجتمع إلى ما فيه الخير والصلاح إذا استعملت في ذلك.
إذن فلا بد لصلاح المرأة من العلم، لأنه لا صلاح إلا بالعلم ,فيتلقى العلم إما من أفواه العلماء,وإما من بطون الكتب.
المقوم الثاني: البيان والفصاحة:
أي أن يمن الله عليها، أي على المرأة بالبيان والفصاحة بحيث يكون عندها طلاقة لسان وتعبير بيان تعبر به عما في ضميرها تعبيراً صادقاً، يكشف ما في قلبها وما في نفسها من المعاني، التي قد تكون عند كثير من الناس، ولكن يعجز أن يعبر عنها، أو قد يعبر عنها بعبارات غير واضحة وغير بليغة، وحينئذ لا يحصل المقصود الذي في نفس المتكلم من إصلاح الخلق.
وبناء على ذلك نسأل: ما هو السبب الذي يوصل إلى هذا، أي يوصل إلى البيان والفصاحة والتعبير عما في النفس بعبارة صادقة كاشفة عما في الضمير؟
نقول: الطريق إلى ذلك هو أن يكون عند المرأة شيء من العلوم العربية، نَحْوِهَا وَصَرْفِهَا وَبَلاَغَتِهَا، وحينئذٍ لابد أن يكون للمرأة دروس في ذلك ولو قليلة، بحيث تعبر عما في نفسها تعبيرا صحيحاً تستطيع به أن توصل المعاني إلى أفئدة النساء اللاتي تخاطبهن.
المقوم الثالث: الحكمة:
أن يكون لدى المرأة حكمة في الدعوة، وفي إيصال العلم إلى من تخاطب وحكمة هي وضع الشيء في موضعه، كما قال أهل العلم، وهي من نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد، أن يؤتيه الحكمة، قال الله عز وجل
{يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةِ فَقَدْ أُوتِي خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة:الآية:269]
وما أكثر ما يفوت المقصود ويحصل الخلل، إذا لم تكن هناك حكمة، فمن الحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل أن ينزل المخاطب المنزلة اللائقة به، فإذا كان جاهلاً عومل المعاملة التي تناسب حاله، وإذا كان عالماً ولكن عنده شيء من
التفريط والإهمال والغفلة، عومل بما تقتضيه حاله، وإذا كان عالماً ولكن عند شيء من الاستكبار ورد الحق، عومل بما تقتضيه حاله.
فالناس إذن على درجات ثلاث: جاهل، وعالم متكاسل، وعالم معاند، ولا يمكن أن نسوى كل واحد بالآخر، بل لابد أن ننزل كل إنسان منزلته، ولهذا لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال له:
<<إنك تأتي قوماً أهل كتاب>>
وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليعرف معاذ حالهم كي يستعد لهم بما تقتضيه هذه الحال ويخاطبهم بما تقتضيه هذه الحال أيضاً.
أمثلة على استعمال الحكمة في دعوته صلى الله عليه وسلم:
ويدل على استعمال الحكمة في الدعوة إلى الله وقائع وقعت ممن هو أحكم الخلق في الدعوة إلى الله، ألا وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ولنضرب لذلك أمثلة:
المثال الأول: الأعرابي الذي بال في المسجد:
فما أخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما: من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أعرابيا دخل المسجد فتنحى ناحية في المسجد ثم جعل يبول، فأخذت الصحابة الغيرة، فنهوه وصاحوا به، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي أتاه الله الحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل-زجرهم ومنعهم من أن يصيحوا به وقال: <<لاتزرموه>> أي لا تقطعوا عليه بوله.
فلما قضى الأعرابي بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب عليه أي على لبول-ذنوب ماء أي دلو من الماء، ثم دعا الأعرابي وقال له:
<<إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى أو القذر-وإنما هي للصلاة، وقراءة القرآن ، وذكر الله عزوجل>> أو
كما قال صلى الله عليه وسلم.
وقد روى الإمام أحمد رحمه الله، أن هذا الاعرابي قال: “اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحد”.
فنأخذ من هذه القصة عبرًا:
العبرة الأولى:
أن الصحابة رضي الله عنهم أخذتهم الغيرة، وصاحوا بهذا الأعرابي، فيؤخذ من ذلك أنه لا يجوز الإقرار على المنكر،
بل الواجب المبادرة بالإنكار على فاعل المنكر.
ولكن إذا كانت المبادرة تؤدي إلى أمر أكبر ضرراً، فإن الواجب التأني، حتى تزول هذه المفسدة الكبرى، ولهذا نهاهم
النبي صلى الله عليه وسلم، بل زجرهم عن أن ينهو الأعرابي ويصيحوا به.
العبرة الثانية:
أن الرسول عليه الصلاة والسلام- أمر أن يصب على بول ذنوب من ماء أي: دلو، ففيه عبرة وهي:
أن الأولى المبادرة بإزالة المفسدة،لأن التأخير له آفات، إذ كان من الممكن أن النبي-عليه الصلاة والسلام- يؤخر تطهير هذه البقعة من المسجد حتى يحتاج الناس إلى الصلاة فيها فتطهر من أجل ذلك،ولكن من الأولى أن يبادر الإنسان إلى إزالة المفسدة، حتى لا يعتريه فيما بعد عجز أو نسيان،وهذه نقطة مهمة جدا ،وهي أن يبادر الإنسان بإزالة المفسدة،
خوفا من العجز عن إزالتها في المستقبل،أو نسيانه.
فمثلا: لو أصابت الثوب نجاسة وهو ثوب يصلي فيه،أو لا يصلي فيه،فالأولى أن يبادر بغسل هذه النجاسة، وأن لا
يؤخره، لأنه ربما ينسى في المستقبل، أو يعجز عن إزالتها إما الفقد الماء أو لغير ذلك.
ولهذا لما جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصبي أقعده في حجره، فبال الصبي في حجر، النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بماء فأتبع البول مباشرة، ولم يؤخر غسل ثوبه إلى وقت الصلاة لما ذكرنا آنفاً.
العبرة الرابعة:
أن النبي-عليه الصلاة والسلام –أخبر الأعرابي بشأن هذه المساجد، وأنها إنما بنيت للصلاة، وقراءة القرآن، وذكر الله،
أو كما قال صلى الله عليه وسلم، لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر.
فشأن المساجد ، إذن:
أن تعظم، وأن تنظف، وأن تطهر،وان لا يعمل فيها إلا ما بنيت له مما يرضي الله تعالى، من الصلاة، وقراءة القرآن، وذكر الله عز وجل ونحو ذلك.
العبرة الخامسة:
أن الإنسان إذا دعا غيره بالحكمة واللطف واللين، حصل من المطلوب ما هو أكبر مما لو أراد معالجة الشيء بالعنف، وقد اقتنع هذا الأعرابي اقتناعاً تاما بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إنه قال هذه الكلمة المشهورة:
“اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحد”.
فتجد أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل مع هذا الرجل جانب اللين والرفق، لأنه جاهل بلا شك،فانه لا يمكن لعالم بحرمة المسجد، ووجوب تعظيمه أن يقوم أمام الناس ليبول في جانب منه.
مثال أخر:
الصحابي الذي جامع زوجته في نهار رمضان:
عَن أبي هُرَيْرةَ قالَ : أتَى رجلٌ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فَقالَ : هلَكْتُ ، فَقالَ : ما شأنُكَ ؟ ، قالَ : وقَعتُ على امرأتي في رمضانَ ، قالَ : فَهَل تجدُ ما تُعتقُ رقبةً ؟ ، قالَ : لا ، قالَ : فَهَل تستطيعُ أن تصومَ شَهْرينِ مُتتابعَينِ ؟ ،
قالَ : لا ، قالَ : فَهَل تَستطيعُ أن تُطْعِمَ ستِّينَ مسكينًا ؟ ، قالَ : لا ، قالَ : اجلِس ، فأُتِيَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بعَرقٍ فيهِ تمرٌ ، فقالَ : تصدَّق بِهِ ، فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، ما بينَ لابَتيها أَهْلُ بيتٍ أفقرُ منَّا ، فضحِكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى
اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حتَّى بدَت ثَناياهُ ، قالَ : فأطعِمهُ إيَّاهُم ، وقالَ مُسدَّدٌ في موضعٍ آخرَ أَنْيابُهُ
الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2390
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذا جرم عظيم أن يتعمد الإنسان جماع زوجته وهو صائم في رمضان،فبماذا عامله النبي صلى الله عليه وسلم. ؟ هل زجره؟ هل تكلم عليه؟ هل وبخه؟ لا.
لأن الرجل جاء تائباً نادماً، وليس معرضا مستهترا غير مبال بما جرى منه.
ففي هذه القصة عبر، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعنف هذا الرجل، ولم يزجره، ولم يوبخه، لأنه جاء تائباً نادماً، وهناك فرق بين رجل معاند، ورجل مسالم جاء يستنجد بنا ويطلب منا أن نخلصه مما وقع فيه، لذلك عامله النبي عليه الصلاة والسلام بهذه المعاملة، حيث رده إلى أهله ومعه الغنيمة التي حملها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي هذا التمر الذي كان مفروضا عليه لولا فقره- أن يطعمه ستين مسكينا،.
أما المثال الثالث: الرجل الذي عطس في الصلاة:
فهو في حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه حين دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فعطس رجل من القوم فقال: “الحمد لله، فقال له معاوية: يرحمك الله”، فرماه الناس بأبصارهم، يعني استنكاراً لقوله، فقال:
“واثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون على أفخاذهم فلما رايتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبابي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه،فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني،قال <<إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح ، والتكبير وقراءة القرآن>> أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
أما المثال الرابع: الذي لبس خاتما من ذهب:
فهو في قصة الرجل الذي كان عليه خاتم من ذهب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد بين أن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام-: <<يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده>> ثم نزع النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم بنفسه، ورمى به فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم: قيل للرجل: “خذ خاتمك وانتفع به، فقال: والله لا آخذ خاتما طرحه النبي صلى الله عليه وسلم”.
فهذه المعاملة فيها شيء من الشدة على هذا الرجل، والظاهر أن هذا الرجل
كان قد بلغه الخبر بأن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة فلهذا عامله النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعاملة التي هي أشد من معاملة من ذكرنا سابقاً.
إذن لابد أن يكون الداعية منزلاً لكل إنسان منزلته بحسب ما تقتضيه الحال: فهناك جاهل لا يدري، وهناك عالم ولكن
عنده فتور وكسل، وهناك عالم ولكنه معاند ومستكبر، فيجب أن ينزل كل واحد من هؤلاء المنزلة اللائقة به.
المقوم الرابع: حسن التربية:
أن تكون المرأة حسنة التربية لأولادها، لأن أولادها هم رجال المستقبل، ونساء المستقبل، وأول ما ينشئون يقابلون هذه الأم، فإذا كانت الأم على جانب من الأخلاق، بل على جانب من العبادة وجانب من الأخلاق وحسن المعاملة وظهروا
على يديها وتربوا عليها، فإنهم سوف يكون لهم أثر كبير في إصلاح المجتمع.
لذلك يجب على المرأة ذات الأولاد أن تعتني بأولادها، وأن تهتم بتربيتهم، وأن تستعين إذا عجزت عن إصلاحهم بأبيهم أو بولي أمرهم إذا لم يكن لهم أب بولي أمرهم من إخوة أو أعمام أو بني إخوة أو غير ذلك.
ولا ينبغي للمرأة أن تستلم للواقع،وان تقول: سار الناس على هذا فلا أستطيع أن أغير، لأننا لو بقينا هكذا مستسلمين للواقع ما تم الإصلاح، إذ أن الإصلاح لابد أن يغير ما فسد إلى وجه صالح، ولابد أن يغير الصالح إلى ما هو أصلح
حتى تستقيم الأمور.
و التسليم للواقع أمر غير وارد في الشريعة الإسلامية، ولهذا لما بعث النبي عليه الصلاة والسلام في أمة مشركة يعبدون الأصنام، ويقطعون الأرحام، ويظلمون ويبغون على الناس بغير حق، لم يستسلم صلى الله عليه وسلم، بل لم يأذن له الله عز وجل أن يستسلم للأمر الواقع،
بل قال سبحانه له: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ} [الحجر:الآية:94]
فأمره سبحانه أن يصدع بالحق، وأن يعرض عن الجاهلين، ويتناسى جهلهم وعدوانهم، حتى يتم له الأمر، وهذا هو الذي حصل، نعم ربما يقول قائل: إن من الحكمة أن نغير، لكن ليس بالسرعة التي نريدها، لأن المجتمع على خلاف ما نريد
من الإصلاح، فحينئذ لا بد أن يتنقل الإنسان بالناس لإصلاحهم من الأهم إلى ما دونه، أي يبدأ بإصلاح الأهم والأكثر إلحاحا، ثم يتنقل بالناس شيئا فشيئاً حتى يتم له مقصوده.
المقوم الخامس: النشاط في الدعوة:
أن يكون للمرأة دور في تثقيف بنات جنسها، وذلك من خلال المجتمع، سواء أكان في المدرسة، أو الجامعة، وسواء
أكانت الدراسة في مرحلة ما بعد الجامعة كالدراسات العليا، أو فيما دونها من مراحل التعليم المختلفة. كذلك أيضا من
خلال المجتمع فيما بين النساء من الزيارات التي يحصل فيها من الكلمات المفيدة ما يحصل.
ولقد بلغنا-ولله الحمد أن لبعض النساء دوراً كبيراً في هذه المسألة، وأنها قد ترتب جلسات لبنات جنسها في العلوم الشرعية،أو العلوم العربية، وهذا لاشك أمر طيب تحمد المرأة عليه،وهو ثواب باق لها بعد موتها،
لقول النبي عليه الصلاة والسلام :
<<إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له>>.
فإذا كانت المرأة ذات نشاط في مجتمعها في نشر الدعوة، من خلال الزيارات، أو من خلال المجتمعات، في المدارس أو غيرها، كان لها أثر كبير، ودور واسع في إصلاح المجتمع.
هذا هو ما حضرني الآن بالمنسبة لدور المرأة في إصلاح المجتمع وذكر الأسباب التي يكون بها هذا الإصلاح.
هذا والله أسأل أن يجعلنا هداة مهتدين،وصالحين وان يهبنا منه رحمة انه هو الوهاب، والحمد لله رب العالمين،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد،وعلى آله وأصحابه ،
سبحانه أسأل أن يجعلنا هداة مهتدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
منقول للفائدة
المفضلات