شهران حافلان تميزت بهما المرحلة التي بدأت في الثالث والعشرين من كانون الثاني الماضي بما هو موعد الاستحقاق النيابي الكبير الذي دشن لمرحلة شكّلت في جملة ما شكلته اطلاق نهج الحكومات البرلمانية حيث اتخذت المشاورات النيابية سمة الجدية والمسؤولية التي باشرها بتكليف من جلالة الملك عبدالله الثاني, رئيس الديوان الملكي الهاشمي على نحو كانت فعلاً تجربة ثرية وغير مسبوقة سمحت في النهاية بميلاد حكومة الرئيس عبدالله النسور التي ادت اليمين القانونية أمام جلالة الملك يوم امس.
من هنا جاء تزامن اعلان الحكومة الجديدة مع رد الحكومة الذي رفعه رئيس الوزراء الى مقام جلالة الملك رداً على كتاب التكليف السامي ليؤشر على رغبة الفريق الوزاري الجديد الانطلاق الى العمل وعدم اهدار أي وقت وهو ما انطوى عليه مضمون رد الحكومة على كتاب التكليف الذي لم يتردد الرئيس النسور في تأكيد التزام الحكومة بتوجيهات جلالة الملك لترجمة تطلعات المواطنين والعمل مع السلطة التشريعية من أجل مواءمة بعض التشريعات مع التعديلات الدستورية وانجاز قوانين ذات اولوية مثل الكسب غير المشروع والتقاعد المدني وضريبة الدخل والمالكين والمستأجرين وغيرها.
نحن إذاً أمام حكومة رشيقة لم يزد عدد وزرائها على تسعة عشر وزيراً وهو أمر محمود يؤكد رغبة الحكومة بالبدء بنفسها وعدم الإثقال على الخزينة وتوجيه الوفورات الناجمة عن تقليص عدد الوزراء (وليس الوزارات) الى نواح وعناوين خدمية وتنموية وادارية اخرى.
وإذا كان رئيس الوزراء قد حرص على التأكيد أمام قائد الوطن على اعتبار ترسيخ الاصلاح الاقتصادي ضمن ثوابت العمل الحكومي بما يضمن تحقيق المزيد من المكتسبات والانجازات المعززة لديمقراطية بلدنا ومستجيبة لطموحات الاردنيين, فإنما للفت الانظار الى مسألة يجب ان لا تغيب عن ذهن احد وهي ضرورة عمل الجميع حكومة واهالي ومنظمات وهيئات مجتمع مدني على تكريس نهج التشاور والحوار مع سائر الفعاليات الوطنية والقوى السياسية للتوقف على توجهاتهم ازاء القضايا الوطنية وهو أمر التزمه رئيس الوزراء في الرد على كتاب التكليف استجابة لما اراده جلالة الملك في كتاب التكليف السامي عندما اكد للرئيس المكلف حينذاك بأن يكون عنوان المرحلة المقبلة، تعظيم المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار وصون الجبهة الداخلية وتحقيق المصلحة العامة.
ما يزيد من الثقة والأمل بأن تنجز حكومة الرئيس النسور ما وعدت به القائد والشعب هو الصراحة والوضوح في تحديد جدول الاعمال الوطني وفي التأشير على المهمات والملفات التي سينهض بها الفريق الوزاري سواء في ما خص تنمية الحياة السياسية وتشجيع المواطنين على الانخراط فيها وتطوير التشريعات الناظمة للحياة السياسية وصولاً الى قانون انتخاب توافقي وقانون احزاب يعزز مشاركتها في صنع القرار ام لجهة التطبيق الفعلي والفوري لما دعا اليه جلالة الملك وهو إحداث ثورة بيضاء في اسلوب العمل الحكومي وفي مقدمتها الارتقاء بنوعية الخدمات الحكومية وعدالة وصولها الى جميع المواطنين وخصوصاً قطاعات الصحة والتعليم والتدريب والتشغيل.
قصارى القول ان رد الحكومة على كتاب التكليف السامي اتسم بالجدية والمباشرة وذهب الى القضايا الملّحة مباشرة وعدم الطمس عليها او الدوران حولها وبخاصة في شأن محاربة الفقر والبطالة وحماية المستهلك ودعم الطبقة الوسطى.
الفريق الوزاري مدعو للنزول الى الميدان والتعرف عن كثب الى مطالب الاردنيين وهمومهم .
المفضلات