قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف
الأرواح جنود مجندة ؛ فما تعارف منها ائتلف ، و ما تناكر منها اختلف
الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 692
خلاصة حكم المحدث: صحيح
هذا الحديث بيَّن فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم أن الأرواح مخلوقة على الائتلاف، والاختلاف كالجنود المجندة
إذا تقابلت وتواجهت، وذلك على ما جعلها عليه من السعادة والشقاوة، والأجساد التي فيها الأرواح تلتقي في الدنيا
فتأتلف وتختلف على حسب ما جُعلت عليه من التشاكل والتناكر، فترى البَر الخيِّر يحب مثله ويميل إليه،
والفاجر يألف شكله ويميل إليه وينفر كل عن ضده.
على معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد، وأن الخير من الناس يحن إلى شكله
والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره،
فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جُبلت عليها من خير وشر، فإذا اتفقت تعارفت، وإذا اختلفت تناكرت.
أنواع الأرواح
هناك أرواح قذرة
قبل أن تصل إليها ، تختنق من نتن روائحها ، وتعتصرك أوجاع من بشاعة مُحيطها
لا تستطيع الاقتراب منها .. فــ إن اقتربت .. امتلأت ثيابك المُعطرة بنتنها
و لما استطعت أن تُطهر نفسك أبداً من دنسها
هناك أرواح مُتقلبة
تشرق حيناً ، وتغيب أحياناً أخرى
تهديك باقات من الورد .. لكنها لا تكلف نفسها عناء انتزاع أشواكها
فــما إن تمسك بالوردة النقية حتى تجرح أناملك ، لكن طيب الرائحة يساعدك على الصبر
فتنظر إلى من أهداك إياها .. وتبتسم له رغم قرصة الوجع في يدك
تلكَ الأرواح ضعيفة .. فلا تبخل عليها بكفك المجروح وأوصلها لنهاية الطريق
وكن واثقاً أنها لن تنسى جميلك أبداً
فبقع دمك .. التي لطخت كفوفها لن تزول مهما مرت الأيام .. أبداً
وستبقى شاهداً على نقاوتكِ
هناك أرواح طفولية
كــالأطفال تماماً .. حتى لو بلغوا الستين من العمر
ابتساماتهم ، ونكاتهم ، وفضولهم وتصرفاتهم ، وحياتهم ، وألوانهم .... كلها سمات أطفال
لا تملك إلا أن تعشقهم كما تعشق الأطفال
لأنهم .. أعجز عن الوصف
ربما تشعر اتجاههم بامتنان
لأنك معهم تستطيع إفساح المجال لـ طفولتك المكبوتة بحرية تامة
ولأنك معهم تترك هموم عالم الكبار
فتبكي بكاءاً حاراً على قطعة شوكولا اختطفها منك أحدهم
وأكثر ما يريحك .. أن إسعادهم سهل
فابتسامة ولعبة كفيلة بجعلهم يشعرون أن الدنيا كلها معهم
فما أحلى براءة الأطفال
وهناك أرواح طاهرة
تشعر بامتنان عميق نحوها
لأنك .. معها لا تشعر بدونية ، و في ذات الحين لا تشعر بسيادية
لم ينظروا إليك .. نظرة حقد ، ولا نظرة حسد أبداً
لم يرمقوك بغضب .. وما حاولوا أذيتك في حين
بل العكس .. فهم يحتوونك بكل دفئ الكون
ومن جدب روحك .. يصنعون جنة الأمل
تشعر بأن صدق الدنيا كلها في أفئدتهم
فــ ليرضى عنهم الله في الدنيا والآخرة
وهناك أرواح دافئة
لا تملك أمامهم إلا الحب
فتُحبهم هم ، وتحب قربهم وأصواتهم وجمالهم
تود لو تفديهم بروحك .. وتود لو تستطيع انتزاع كل آلامهم
حتى أنانيتك تحبهم
وتبقى تدعوا وتدعوا وتدعوا أن تجتمع بهم في جنات النعيم
فهم رفاق خيرٍ
وهناك أرواح عادية
ربما .. تسميهم هكذا .. لأنك لا زلت لا تعرفهم
لكن .. لابد أن تكون فيهم بصمة تميزهم
فــــاكتشفها
هناك أرواح مُشفقة
يجيدون فن الإشفاق .. يشاطرونك البكاء إذا بكيت
لكنهم في الفرح لا يستطيعون اقتسام سعادتك معك
فهم يُفضلون أن تحتفظ بها لوحدك
أولئك .. لهم قيمة بين مشاعرنا
فهم .. عكازنا عندما نصاب بعجز
فليرحمهم الرحمن
هناك أرواح متسلطة
لا تستطيع البقاء معهم
ليس لأنهم سيئون .. بل على العكس .. فهم على خير ما يكون
لكن .. بقربهم .. تفقد كثيراً من امتيازاتك
وتشعر بــ تضاؤلك
وتموت شخصيتك وتذبل كل أحلامك
وتشعر بأنك تابع
فتضطر أن تبتعد عنهم لتعتمد على نفسك
رغم أن الكثير يحسدونك على صداقتهم
ويعتبرونك تدوس النعمة
قد لا يدركون مغزى فعلك
لكن ولا يهمك فأنت أدرى بمصلحتك منهم
لكن قبل اتخاذ القرار استخر و استشر
هناك أرواح مُحترمة
فلا تستطيع أن تقف أمامهم إلا ببزة عسكرية
رافعاً يديك بالتحية
أنت ممتن لهم .. وأنت تحبهم
لكنهم .. قد لا يقدّرون ظرفك
وقد يُشعرونك برعب هائل
وحيناً وبدون قصد يُبنون بداخلك قلاع من الفشل والإحباط
فتخبوا شمعتك ، والسبب هُم
منقول .... مما اعجبني هذا الصبح
المفضلات