في تأكيد على ما كان عرضه جلالة الملك عبدالله الثاني من رؤى وافكار حول رؤية جلالته الواضحة لنظامنا السياسي في السنوات الاخيرة، جاءت الورقة النقاشية الثالثة التي طرحها جلالة الملك قبل أيام معدودات والتي ما زالت تثير نقاشا شعبيا وحزبيا وسياسيا واسعا مع ترحيب بالمضامين التي انطوت عليها، لتعيد لفت انظار الاردنيين الى مسألة مهمة وهي ان مفهوم الديمقراطية لا ينحصر في تعبير الافراد عن آرائهم ووجهات نظرهم، بل انه يشمل العمل لتحويل ما ينادي به الافراد الى خطط عمل مشتركة باقتراحات واقعية وعملية تسهم في تقدم الوطن وهذا ما رأى جلالة الملك عن حق، انه الدور الرئيس للأحزاب السياسية..
ولئن أعاد جلالته الاضاءة على الذي يروم قائد الوطن ان يرى عليه العمل الحزبي في بلدنا والقائم على رؤية ملكية واضحة لنظامنا السياسي تنهض على تطوير عدد منطقي من الاحزاب السياسية الرئيسة ذات القواعد الممتدة على مستوى الوطن، فانما لوضع الأمور في نصابها الصحيح ولتعكس في جملة ما تعكسه مختلف توجهات الاطياف السياسية والذي ينتج نظاما هو الوحيد القادر على اتاحة الفرصة للتنافس البناء بين الافكار والطروحات التي يحتاجها الاردن وعلى بناء التوافق النيابي حول القرارات الواجب اتخاذها..
من هنا جاءت اشارة الورقة النقاشيتة الى ما يحتاجه الاردن من وقت من اجل تطوير احزاب سياسية بالحجم والامتداد الوطني والقدرات الضرورية للنهوض بهذا الدور المحوري، لتأخذنا الى فضاءات ومساحات اكثر رحابة للمقارنة مع ديمقراطيات مرت بتجربة التحول حديثا، كما في اوروبا الشرقية خلال التسعينات وما احتاجه التحول الديمقراطي من دورات عدة امتدت لعشر سنوات حتى استطاعت الاحزاب المنقسمة وذات البنية الضعيفة الانتقال الى حالة من التجمع والاندماج افرزت بالتالي احزابا حقيقية تعمل على مستوى وطني تشكل الحكومات وتقوم بمهامها بشكل فاعل..
ولأن جلالة الملك يطرح الأمور كما هي أمام شعبه بمختلف شرائحه داعيا الى الانخراط في نقاش وطني يثري مسيرة الاصلاح ويسرّع في عملية التحول الديمقراطي فان قائد الوطن يلفت النظر في ما يشبه التحذير، بأن البديل عن بناء احزاب سياسية فاعلة وذات قواعد شعبية على مستوى الوطن، هو استمرار ائتلافات قائمة على بنية ضعيفة لا تجمعها الا النفعية السياسية الضيقة وليس البرامج والفكر المشترك ما يتسدعي بالضرورة ان يتفادى الاردن مثل هذه الحالة التي ادت في تلك البلدان الى افراز حكومات غير ممثلة وغير مستقرة..
تقترح الورقة النقاشية جملة عناوين في هذا الشأن تتوخى تطوير وتحفيز الاحزاب ذات البرامج والقواعد الشعبية على مستوى الوطن مثل مساهمة الاحزاب في تطوير وتجذير رؤية وطنية لحياتنا السياسية والتزام الاحزاب بالعمل الجماعي والتقيد بالمبادئ المشتركة وتبني السياسات ذات الاولويات وايضا تبني الاحزاب لبرامج وطنية واضحة ونظم عمل مهنية نحسب ان الالتزام بها سيأخذنا الى مرحلة متقدمة على اكثر من صعيد ومستوى..
المفضلات