استقطبت زيارة العمل التي بدأها جلالة الملك عبدالله الثاني لجمهورية روسيا الاتحادية يوم امس والمباحثات المعمقة التي اجراها جلالته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اهتمام الدوائر السياسية والدبلوماسية والاعلامية الاقليمية والدولية ان لجهة التوقيت الذي تم اختياره بعناية لهذه الزيارة في وقت تمر فيه المنطقة بأسرها في ظروف دقيقة وحرجة ومفتوحة على احتمالات عديدة ليس أقلها تداعيات الأزمة السورية المتمادية والتي بات الجميع على قناعة بأن لا حل لها سوى الحل السياسي والقائم في الأساس على حفظ وحدة سوريا ارضا وشعبا وهو الموقف الاردني الذي أعلنه جلالة الملك عبدالله الثاني منذ وقت مبكر من اندلاع الأزمة وبخاصة عند دخولها طور العسكرة، أم لجهة الموضوعات والقضايا والملفات الثنائية التي تهم البلدين وتخدم مصالح الشعبين الصديقين وتسهم في تطوير العلاقات الاردنية الروسية والارتقاء بها في مختلف المجالات والأصعدة وبخاصة رفع معدلات التبادل التجاري والاستفادة من الفرص الاستثمارية التي تتيحها القوانين الاردنية للمستثمرين الروس والاستفادة من الموقع الجغرافي الحيوي للأردن بما هو نقطة تواصل وقريب من الأسواق الاقليمية، ناهيك عن التعاون في المجالات الثقافية والعلمية وتطوير الطاقة والاستفادة من الخبرات الروسية في مجال توليد الكهرباء بطرق تكنولوجية حديثة وصديقة للبيئة..
زيارة العمل الملكية تشكل فرصة متجددة أمام الزعيمين الكبيرين لاعادة التأكيد على عمق علاقات الصداقة التي تربط عمان وموسكو والآفاق المفتوحة لتطويرها والارتقاء بها وبما يسهم ايضا في تعزيز الامن والاستقرار الاقليمي والدولي على حد سواء، وعدم السماح للمتطرفين والارهابيين بكتابة جدول أعمال المنطقة وتقديم كل أنواع الدعم لثقافة الحوار والسلام وتوفير الفرص للتنمية المستدامة التي تسهم في مكافحة البطالة والحد من نسبة الفقر..
عملية السلام في المنطقة كانت حاضرة على جدول أعمال المباحثات الاردنية الروسية وكانت وجهات النظر متطابقة بخاصة في ضرورة العمل وبذل الجهود المكثفة من اجل استئناف المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ومنه حل الدولتين الذي لا طريق او بديل عنه سوى الذهاب الى الفوضى والمجهول والتي لن تكون أي دولة في منأى عن دفع اكلافه ومواجهة تبعاته ويجب ان تفضي أي مفاوضات مقبلة الى قيام دولة فلسطينية مستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية مع وقف للاستيطان وعمليات التهويد التي تتعارض والقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة..
جملة القول ان جلالة الملك عبدالله الثاني يواصل جهوده وتحركاته على اكثر من صعيد اقليمي ودولي خدمة للمصالح العليا للأردن ودفاعا عن قضايا وحقوق الأمة مستثمرا الدور الايجابي والحيوي والاحترام الذي تحظى به الدبلوماسية الاردنية التي يقودها شخصيا على الصعيدين الدولي والاقليمي ومنحازا في غير تردد لثقافة السلام ورفض العنف والتطرف والارهاب ودائما في تعزيز علاقات الاردن مع كل الأشقاء والأصدقاء، وزيارة العمل الملكية الى روسيا تأتي في السياق ذاته وفي اطار الرؤية الملكية الشاملة للمشهد بأكمله..
المفضلات