حذر خبراء صحيون من أن خفض أسعار التبغ محليا 'سيرفع نسبة المدخنين في الأردن، خصوصا بين الأطفال'، كما سيزيد من نسبة استهلاك المدخنين، وهو ما يعني ارتفاع الكلف العلاجية للأمراض الناتجة عن تعاطي التبغ.
وأكد هؤلاء الخبراء أن الأردن، وبعد تطبيقه لقرار خفض أسعار التبغ، بات 'يعتبر مخالفا' للاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، التي صادق عليها العام 2004، والتي تفرض عليه القيام بخطوات حثيثة وسريعة التأثير لمكافحة انتشار التبغ، ومنها رفع الضرائب والأسعار على التبغ.
ولجات شركات تبغ محلية عديدة مؤخرا إلى خفض أسعار منتجاتها من السجائر والدخان، بدعوى مواجهة انتشار التهريب للسجائر الأجنبية ومنافسة المهرب للمحلي بالأسعار، ما ألحق أضرارا وخسائر مالية كبيرة بصناعة الدخان المحلية.
ووصلت قيمة الخفض على أنواع سجائر محلية إلى نحو 20 % من الأسعار السابقة.
وشدد الخبراء على أن قرار خفض أسعار التبغ لتعزيز تنافسية السجائر المحلية، التي تخضع لضريبة نسبتها 72 %، في وجه السجائر المهربة غير الخاضعة لأي ضرائب، هو 'أمر يستوجب إعادة النظر فيه.
وفي هذا السياق، لفت مستشار الأمراض الصدرية في وزارة الصحة خالد أبو رمان إلى أن قرار خفض أسعار السجائر 'سيرفع نسبة المدخنين بين الفئة اليافعة في المجتمع الأردني'، وسيزيد نسبة المدخنين بين طلبة المدارس، خصوصا وأن البعض من باعة السجائر 'يلجأون لبيع السجائر بالفردي (بالسيجارة)، وهو ما يعني أن السجائر ستصبح بهذا القرار بمتناول شريحة أوسع من الطلبة والصغار'.
ونبه أبو رمان إلى أن الصغر والشباب هم 'الفئة الأكثر تضررا من قرار خفض الأسعار، خاصة لفئة عمر 14 - 20 سنة، حيث أصبح بمقدورهم شراء السجائر من مصروفهم'، مشددا على أن هذا القرار 'خاطئ'، وأن على الجهات المختصة 'اتخاذ إجراءات أخرى، واللجوء لبدائل لا تساهم في زيادة نسبة المدخنين، وتكافح التهريب في ذات الوقت'.
وحسب أبو رمان، فان دراسة كانت أجرتها وزارة الصحة بينت أن الأردن يضم أعلى نسب المدخنين البالغين في المنطقة، وتحديدا لمن هم فوق سن 18، حيث تبلغ نسبتهم 29 %، فيما هي لدى الذكور 50 % ولدى الإناث 6 %'.
بدوره، أشار مدير مكتب مكافحة السرطان ورئيس قسم الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة بمركز الحسين للسرطان فراس الهواري إلى أن دراسة علمية لعوامل الخطورة للعام 2007 بينت أن نسبة التدخين بين البالغين، لمن هم في عمر 18 سنة فما فوق تصل إلى 29 % في الأردن.
فيما بين المسح العالمي لتدخين الشباب في الأردن للعام 2009، للفئة العمرية (13-15 سنة)، أن نسبة التدخين للسجائر فقط هي 11,5 %، ونسبة تدخين الأرجيلة 21,4 %.
وبين الهواري أن آثار هذا القرار 'ستنعكس سلبا على النواحي الاجتماعية، بحيث يتيح الفرصة لتشجيع الأطفال والمراهقين على التدخين، وزيادة معدلات البدء بالتدخين بين الأطفال، وسيرفع نسبة المدخنين بين البالغين، خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة'، وقال ان فئة من المدخنين تلجأ إلى التدخين 'ظنا منهم أن التدخين سيخفف من معاناتهم كالقلق والتوتر'.
وأكد الهواري أن القرار 'سيخلف أضرارا صحية مباشرة وشديدة على صحّة المواطن'، وهو ما يعني زيادة حالات الوفيات الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، المرتبطة بالتدخين، متوقعا ان تزيد نسبتهم في الاردن لتصل إلى 50 % من مجمل الوفيات.
ويسجل في الاردن ما معدله 5000 حالة سرطان جديدة سنويا، حيث يعد التبغ المسؤول الرئيسي عما يزيد على 30 % من السّرطانات في الأردن، بحسب الدكتور الهواري، والذي يقدر أن خفض أسعار التدخين وزيادة الإقبال المتوقع عليه 'سيؤدي الى زيادة حالات سرطان الرئة، التي يسببها التدخين'، خاصة وأن 90 % من حالات سرطان الرئة هي لأشخاص مدخنين.
ويحمل قرار شركات التبغ بخفض أسعار منتجاتها 'آثارا سلبية على الاقتصاد الوطني'، وأشار الهواري إلى أن هذا القرار 'سيعمل على ارتفاع كلف علاج الأمراض المزمنة، الناتجة عن تعاطي مادة التبغ شديدة السميّة، مثل السكري والسّرطان وأمراض القلب والشرايين وأمراض الجهاز التنفسي، والتي تفوق بأضعاف ما تحققه أي دولة من عائدات مالية سريعة، ناتجة عن الضرائب المفروضة على التبغ'.
ويطالب الدكتور الهواري بضرورة رفع أسعار التبغ، عوضا عن خفضها، 'ما يساعد على خفض نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة بالتدخين'، محذرا من أن زيادة هذه الأمراض نتيجة التدخين يرفع نسبة الوفيات الناتجة عن هذه الأمراض بنسبة 25 %.
وأشار الهواري إلى أن الحل في الحد من منع دخول السجائر المهربة 'لا يكمن في خفض أسعار السجائر، بل كان يفترض رفع الضرائب على التبغ للحد من ظاهرة التدخين، وزيادة وتشديد الرقابة لمنع دخول السجائر المهربة'.
ولفت الهواري الى ان الأردن هو البلد الوحيد الذي اتخذ قرار خفض أسعار التبغ، ما عده 'مخالفة للاتفاقية الإطارية الدولية لمكافحة التبغ، والتي تفرض عليه القيام بخطوات حثيثة، وسريعة التأثير لمكافحة انتشار التبغ'.
وتنص الاتفاقية المذكورة على أن فرض الضرائب على التبغ ورفع سعره، هي الاستراتيجية الأكثر فاعلية في الحدّ من ظاهرة انتشار التبغ والإدمان عليه.
من جهته، ذكر مدير التوعية والإعلام الصحي بوزارة الصحة مالك الحباشنة ان الوزارة كانت قد خاطبت رئاسة الوزراء لاعادة النظر في موضوع خفض أسعار التبغ، واجراء اللازم بهذا الاتجاه، كون الاردن صادق في العام 2004 على الاتفاقية الاطارية لمكافحة التبغ'.
وأيد الحباشنة لـ 'الغد' أن خفض أسعار التبغ 'سيؤدي الى ارتفاع نسبة المدخنين، إضافة إلى رفع نسبة استهلاك التبغ لدى المدخنين، وهو ما يعني ارتفاع الكلف العلاجية المتعلقة بالأمراض الناتجة عنه'.
المفضلات