تحتل اللافتات حصة مهمة من إجمالي إنفاق المرشحين على حملاتهم للانتخابات النيابية التي ستجرى في الثالث والعشرين من كانون الثاني الجاري.
"عمون" وفي إطار متابعتها لمفردات وأدوات العملية الانتخابية، تتناول اليوم موضوع اللافتات (اليافطات) التي تعتبر أحد أهم قنوات الترويج للمرشحين ولشعاراتهم الانتخابية وهي تتضمن أفضل وأقوى ما يمكن للمرشح أن يعرضه على ناخبيه للفت انتباههم..
فهل استطاعت أيٌّ من هذه اللافتات عمل ذلك؟ وهل يعوّل الناخبون عليها لاختيار مرشحهم للمجلس القادم؟ مع أن تصويت البعض لهذا المرشح أو ذاك محسوم مقدماً، ذلك أن القرار الانتخابي لغالبية الناخبين يتأثر بما يتوافر لديهم من معطيات من خلال قريب أو جار أو صديق أو مال أو خدمة أو ضمير أو عائلة أو عشيرة أو حزب أو وعد بمكسب شخصي أكثر من تأثرهم باللافتات مهما كبر حجمها أو نمّقت كلماتها.
إذاً هل بقي لهذه اللافتات الأهمية والقيمة والتأثير الذي كان سائداً في السابق مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي والسياسي عبر قنوات جديدة سواء من خلال الفيس بوك أو التويتر أو الفضائيات وغيرها؟
يرى خبراء فائدة اللافتات في أنها تعطينا فكرة مجمعة وسريعة عن طريقة التفكير لكثير من المرشحين وهم يحاولون استمالة ناخب من هنا أو من هناك أو وهم يزايدون علينا وعلى بعضهم مع أن كثيراً منهم مكشوفون أمامنا، أو وهم يرفعون شعارات ما زالت تدور حول نفس الأفكار التقليدية المكرورة والتي تصلح لزمن غابر وليس لمستقبل قادم، أي أن غالبية الشعارات المدونة على هذه اليافطات تتحدث عن الماضي مع أن المرشح سينتخب من أجل التعامل مع قضايا كثير منها سيكون جديداً أو بمعطيات مختلفة على امتداد أربع سنوات قادمة من مستقبل الناس والوطن، لذلك يحتار الناخب وهو يقلب بازار اللافتات فيما إذا كان المرشحون متنافسين فيما بينهم فهي تحمل نفس المضامين أو تكاد.
وبعيداً عن أهمية اللافتات وقدرتها على جذب الناخبين؛ يشير الخبير الاقتصادي حسام عايش إلى أن اللافتات تحتل حصة مهمة من إجمالي إنفاق المرشح على حملته الانتخابية، فإذا كان لكل مرشح 120 لافتة على الأقل وكانت كلفة كل واحدة منها 25 ديناراً، فان كلفتها على المرشح الواحد 3000 دينار، وعلى اجمالي المرشحين حيث يبلغ عددها 179400 لافتة، ما قيمته 4.5 مليون دينار تشكل 6.6% تقريبا من اجمالي الانفاق العام على الحملة الانتخابية.
وفق هذه التقديرات فان كل كيلومتر مربع من مساحة الأردن سيحظى بتعليق لافتتين على الاقل من لافتات المرشحين، وبذلك فان كل مرشح سيعلق لافتاته على ما مساحته 60 كلم مربعاً من إجمالي مساحة الأردن.
ويضيف عايش: إذا كان معدل مساحة اللافتة (اليافطة) الواحدة 2.5 متر مربع (طولها 2.5 متر وعرضها متر واحد)، فنحن امام مساحة يافطات تبلغ ما يقارب 0.3 كلم مربع للمرشح الواحد، و450 كلم مربعاً لاجمالي المرشحين، اي ما يغطي مساحة محافظة عجلون ويزيد، أما من حيث طول هذه اللافتات لو ربطت الى جانب بعضها البعض فيبلغ حوالي 450 كلم، اي ما يساوي طول الحدود مع سوريا والضفة الغربية (375 كلم و97 كلم على التوالي) ويزيد ايضاً، بحسب عايش.
ويتساءل عايش: ماذا لو استخدمت أقمشة هذه اللافتات التي تطاير بعضها بفعل العواصف والامطار لصناعة بعض الملابس للمحتاجين، الم تكن لتلعب دورا اكثر ايجابية في خدمة الوطن والمواطن، ولاستثمرت بالشكل الذي يسجل للمرشحين، وربما ساهمت الى جانب عوامل اخرى بانتخاب من كان استثماره اكبر لصالح الانسان في هذا الوطن?
وبالنتيجة؛ سيحتفي 150 فائزا فقط بلافتاته، اي ان 18000 لافتة من اصل 179400 لافتة او ما نسبته 10% منها هي التي سترفع من خطها الى العبدلي، وسيلوم 1345 مرشحا لافتاتهم المسكينة وهم يرددون انها لم تعد تنفع، او على الاقل ليست كافية لوحدها؟ رغم انها قد رفعت على 80000 الف كيلو متر مربع من الارض الاردنية.
إذاً هل لهذه اللافتات من تأثير؟ ربما.. لكن بالتأكيد ليس بالتأثير الحاسم، ومع ذلك فان وجودها يماثل وجود القطائف في رمضان حتى لو لم يشترها أو يأكلها، وكذلك اللافتات بالنسبة للانتخابات فهي فاكهتها وهي تعلن عن رؤية هلال الشهر الانتخابي الجميل، رغم كل العيوب والانتقادات ومظاهر الصوم عن المشاركة فيها.
المفضلات