الوقائع وليس المؤشرات وحدها تقول ان قطار الانتخابات قد غادر محطته ولم تعد تفصلنا عن الثالث والعشرين من كانون الثاني سوى خمسة اسابيع, تؤكد المعطيات انه سيكون يوماً تاريخياً ومفصلياً في الكتاب الاردني, حيث سنعبر الى مرحلة جديدة تقول في جملة ما تقوله ان الاردنيين هم الذين يقررون وانهم قد كرسوا المشاركة الشعبية جزءا لا يتجزأ من مشهدهم الوطني وأن اردن ما بعد الثالث والعشرين من كانون الثاني 2013 ليس ما قبله, حيث نزاهة الانتخابات وشفافيتها وحيث سيتم الحد من تأثير المال السياسي الذي يقوم بعض المرشحين الذين لا يمكن وصفهم سوى بغير «الراشين» حتى لا نقول وصفاً آخر, باستغلال فقر الناس أو عوزهم لشراء ذممهم او ارتهان بطاقاتهم الانتخابية واستخدام اساليب غير قانونية وغير اخلاقية لإجبارهم على التصويت لهم وهي أمور تعيها الهيئة المستقلة للانتخاب وتقوم برصدها وتوثيقها وإحالة المتهمين الى القضاء ليقول كلمته سواء في حق اولئك الذين يوظفون المال السياسي لخدمة اهدافهم المكشوفة أم الذين يمارسون الابتزاز على الناس ويقومون بحجز بطاقاتهم الانتخابية ويعلم الجميع انه تم إحالة اكثر من قضية الى المحاكم المختصة.
وهنا يلحظ المتابعون لعمل الهيئة المستقلة للانتخاب مدى الانسجام الذي يسود علاقاتها بالسلطة التنفيذية حيث التزمت الحكومة توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني باتخاذ كل ما يلزم من اجراءات وخطوات ودعم من أجل تسهيل عمل الهيئة المستقلة وهو ما نفذته الحكومة بحذافيره وها هي الهيئة المستقلة تسجل انجازات ملموسة وميدانية, تتمتع بشفافية عالية وتضع الأمور أمام المواطنين كما المسؤولين مبدية الاستعداد الكامل للتعاطي مع اي قضية او استفسار أو خرق للقانون بمنتهى الصرامة والحزم والتزام القانون والقسم الذي أداه رئيس الهيئة ومجلس مفوضيها أمام قائد الوطن ووفق القانون الخاص بالهيئة الذي تم اقراره وفق الطرق القانونية والدستورية وفي اطار رزمة القوانين الاصلاحية التي تم انجازها بدءا من التعديلات الدستورية وقوانين المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب والاحزاب وقانون الانتخاب الذي تم تعديله ليصبح عدد مقاعد القائمة الوطنية 27 مقعداً بهدف تكريس التمثيل العادل لجميع فئات وشرائح المجتمع.
الاجواء التي وفرتها الهيئة المستقلة للانتخاب والدعم غير المحدود الذي تقدمه الحكومة للهيئة تؤشر الى اننا سنشهد استحقاقاً انتخابيا ساخناً بمعناه الايجابي بعد ان ادرك الجميع ان هذه الانتخابات ستكون مختلفة عمّا سبقها وان القرار سيكون بيد الشعب وليس لدى اي جهة اخرى وان جلالة الملك حسم هذه المسألة في شكل لا لبس فيه ولا ابهام, وليس مفاجئاً والحال هذه ان نرى هذا الحراك الانتخابي المبكر الذي يدحض مقولة المقاطعين واصحاب الصالونات السياسية او صالونات النميمة واطلاق الشائعات الذين ظنوا أن مقاطعتهم للانتخابات تسجيلاً وانتخاباً ستكبح جماح مسيرة الاصلاح لكن حجم التسجيل المرتفع وحماسة الاردنيين اسهمت كلها في عزلة المقاطعين وربما تركتهم في وضع لا يحسدون عليه اقرب الى الندم منهم الى اي شيء آخر زعموا أنهم قادرون على عمله.
المفضلات