الحقيقة الدولية – عمان
كان إشعال "الصوبا" بعيونها الثلاث بداية إشكال مشوب بالتوتر لدى عائلة أبو إبراهيم الذي وبَّخَ زوجته وأبناءه لـ"عدم إحساسهم بالغلاء"، في إشارة إلى ارتفاع سعر جرة الغاز إلى عشرة دنانير منتصف الشهر الحالي. إشعال عيون الجرة الثلاث مرة واحدة يعني، وفق أبو إبراهيم، أنها لن تستمر سوى لثلاثة أيام، ما يضطره إلى إعطاء تعليمات صارمة لأبنائه بعدم إشعال صوبة الغاز إلا في حالات الضرورة.
أبو إبراهيم يحيل الأمر "الإجراءات التقشفية" "لظروف الحياة المعيشية الصعبة والغلاء الذي نمرّ به".
الظروف ذاتها دفعت الحاجة أم محمد إلى اتخاذ "قرار ترشيد الاستهلاك في كل شيء"، و"سنِّ قوانين جديدة" أوجدت امتعاضا من أبنائها.
أم محمد قامت، وفق "الغد" بفصل واحدة من الثريات الموجودة في غرفة الجلوس، كما منعت إشعال الصوبا على أكثر من عين واحدة. وامتدت الإجراءات التقشفية إلى الطبخ، حيث تعمد إلى إعداد طبخة واحدة تكفي ليومين توفيرا للغاز.
"أنا شو ذنبي أتحمل قرارات الحكومة وأبرد كتير"، هذه كلمات عفوية للفتى سيف جمال (12 عاما)، الذي صار جزءا من معاناة عائلته بقرارات منزلية تحتم ضبط إشعال مدافئ الغاز والكاز. وكان شاهدا على خلافات والديه، ما دفعه "اختصارا للشر" لارتداء ملابس "سميكة" ويغطي نفسه وإخوته بـ "حرامات" ثقيلة، لإدراكه التزامات والده الصعبة، وعدم قدرته على تعبئة جرة الغاز بـ 10 دنانير كل أسبوع.
إلا أنَّ عائلة الأربعيني أحمد محسن لم تتضرر بارتفاع الأسعار، فيؤكد رب الأسرة أن "الحال سيبقى كما هو عليه ولن يتغير شيء علينا"، والسبب في ذلك أنه يتبع هذه الإجراءات منذ سنوات بسبب تدني الدخل.
ويقول "لم أستطع أن أشعل صوبا في السنوات الماضية وهي رخيصة، بالتالي هذا العام لن أتأثر ولن يتغير علي شيء"، معتبرا أن ذلك من "فوائد الفقر".
الاختصاصي الاجتماعي الاقتصادي حسام عايش يرى أن الاقتصاد أحد أهم المدخلات لتغيير نمط الحياة ونوعيتها، وما يحدث الآن من ارتفاعات للأسعار والتي على ما يبدو أنها ليست نهائية، فإن الناس، خصوصا الطبقة الوسطى والفقيرة تحاول التكيف قدر المستطاع نحو الوضع الأسوأ.
ويشير عايش إلى أن انخفاض معدل الدخل وارتفاع البطالة وزيادة جيوب الفقر يستدعي إعادة هيكلة نظام الأسر، وعمل نوع من الترشيد الذاتي، خصوصا في مجال الطاقة.
ويعتقد أن محاولات ترشيد الإنفاق والاستهلاك تعني أن المواطنين بدأوا فعلاً باستيعاب النقلة الكبيرة من أجل إبقاء النفقات في حدها الأدنى.
المفضلات