ثمة مشهدان يدعوان الى التأمل أحدهما في الاردن حيث يطالب الاخوان المسلمون بتقليص صلاحيات الملك في مملكة وراثية يرون ان ممارسته لصلاحياته خروج على الدستور الذي أعاد جلالة الملك بمبادرة شخصية منه تصويب كل ما أدخل عليه من تعديلات في السنوات الماضية وجاءت التعديلات الاخيرة ترجمة عملية لكل ما نادى به الملك شخصيا بل وجلالته يعد بأن التعديلات الدستورية التي جرت قبل اشهر لن تكون الاخيرة وهي رغبة ملكية تؤشر الى طبعية العملية الديمقراطية وما تهدف اليه عملية الاصلاح التي ينشدها جلالته لأردن الغد مستفيدا من رياح الربيع العربي التي اسهمت في تعرية كثير من القوى والاحزاب والشخصيات والزعماء والانظمة.. ومع كل ذلك يواصل الاخوان المسلمون التستر خلف هذا الشعار مستغلين كل ظرف وبخاصة الوضع الاقتصادي الصعب ليزيدوا من ضغوطهم لتحقيق اهداف سياسية هم لا يخفونها في كل الاحوال وهي استلام السلطة في الوقت نفسه الذي يقاطعون فيه الانتخابات ويريدون قانون انتخاب مفصلا على قياسهم..
في المشهد الثاني القريب منا ونقصد في مصر المحروسة تذهب الأمور عند الاخوان المسلمين عكس ذلك تماما فالرئيس المنتخب يمنح لقراراته حصانة ضد أي سلطة ويصدر مرسوما دستوريا يتخذ صفة المؤقت لكن تكون قراراته منذ تسلم سلطاته في اليوم الاخير من شهر حزيران واللاحقة حتى صدور الدستور الجديد محصنة..
لسنا في صدد التدخل في شؤون مصر الداخلية لكن المعيار هنا اكثر من مزدوج فالمرشد العام الذي يقود اخوان مصر وباقي جماعات الاخوان يسوغ في مصر ان يكون الرئيس - وليس الملك - صاحب صلاحيات مطلقة فيما ينكرها على ملك في مملكة يتباهى الاردنيون بمدى بعد نظروضعوه وحكمة من وصفوه منذ ستة عقود فيما تتخلف عنه دساتير عديدة وضعتها انظمة تدعي التقدمية والثورية..
الفرصة سانحة الآن أمام جماعة الاخوان المسلمين في الاردن لتعيد حساباتها وتقرأ من جديد طبيعة المتغيرات التي تعصف بالمنطقة وتحدد المسافة التي يجب ان تكون واضحة بين تحقيق الهدف السياسي وفق الاطر القانونية والدستورية والمشروعة وبين الذهاب بالبلد والشعب الى الفوضى والمجهول وهو أمر لن يسمح به الاردنيون تحت أي ظرف ولينظروا جيدا الى ما يجري حولنا ويأخذوا العبرة..
المفضلات