حطّم عبد العزيز بوتفليقة، الذي وصل للسلطة عام 1999، الإثنين، الرقم القياسي كأكثر رؤساء الجزائر مكوثًا في الحكم منذ استقلال البلاد عام 1962.
ويوشك الرئيس بوتفليقة 75 سنة على إكمال ولايته الرئاسية الثالثة، حيث بدأ ولايته الأولى عام 1999، ثم أعيد انتخابه في 2004 لولاية رئاسية ثانية، وفي العام 2009 بدأ ولايته الثالثة التي تنتهي بعد أقل من سنتين من الآن أي مطلع العام 2014.
وتداول على الحكم في الجزائر منذ استقلالها عام 1962 ثمانية رؤساء بين مؤقت ومنتخب بداية بالرئيس الراحل أحمد بن بلة (1916 - 2012) الذي وصل للحكم في سبتمبر/أيلول 1962 كأول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة وتم إسقاطه في انقلاب عسكري في 19 يونيو/حزيران 1965 من قبل وزير دفاعه هواري بومدين (1932 ـ 1978) الذي حكم البلاد إلى 27 ديسمبر/كانون الأول 1978 حيث توفي على إثر مرض غامض لم تكشف أسبابه.
وعادت الرئاسة في الجزائر بعد وفاة الراحل بومدين إلى رئيس البرلمان رابح بيطاط بشكل مؤقت إلى 9 فبراير/شباط 1979 حينما اختير الرئيس السابق الشاذلي بن جديد (1929- 2012) من قبل الحزب الواحد الحاكم جبهة التحرير الوطني والمؤسسة العسكرية ليحكم البلاد حتى 11 يناير/كانون الثاني 1992 حينما أجبر على الاستقالة من قبل قادة الجيش بعد فوز الإسلاميين بالحكم وتدخل العسكر لإلغاء نتائج الانتخابات ودخلت البلاد بعدها في أزمة أمنية وسياسية.
وخلف الراحل الشاذلي في الرئاسة محمد بوضياف في 16 يناير/كانون الثاني 1992 إلى 29 يونيو/حزيران 1992 حينما اغتيل بمدينة عنابة شرق الجزائر من قبل أحد حراسه الشخصيين خلال إلقائه خطابًا أمام مسؤولين.
واستعان المجلس الأعلى للدولة الذي كان يسير البلاد في ظل فراغ مؤسساتي آنذاك بالرئيس الأسبق علي كافي لقيادة البلاد في 2 يوليو/تموز 1992 حتى 31 يناير/كانون الثاني 1994 حينما تمت الاستعانة باليامين زروال وهو جنرال في الجيش الجزائري لحكم البلاد في عز الأزمة الأمنية حيث مكث في الحكم إلى نهاية 1998 وأعلن استقالته وتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة وصل من خلالها الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم ابتداءً من 27 أبريل 1999.
وكان الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين أكثر من مكث في كرسي الرئاسة، حيث تولى الحكم لمدة 13 سنة و6 أشهر و8 أيام.
ومع نهاية اليوم الإثنين الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني يكون بوتفليقة قد حطّم هذا الرقم حيث يصبح في رصيده 13 سنة و6 أشهر و9 أيام بالضبط كرئيس للبلاد.
وعدّل بوتفليقة عام 2008 دستور البلاد بشكل سمح له بالترشح لولاية ثالثة حيث كانت الولاية الرئاسية محددة في عهده من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط لتصبح مفتوحة للتجديد عدة مرات.
وألمح بوتفليقة في خطاب له في 8 مايو/أيار الماضي، عشية الانتخابات البرلمانية، إلى نيته عدم الترشح لولاية رئاسية رابعة عندما استعمل العبارة الشعبية "طاب جناني" والتي تعني أنه لم يعد قادرًا على الحكم مجددًا، ما فتح باب التكهنات حول الشخص الذي سيخلفه.
وسوف تشهد الجزائر مطلع 2014 انتخابات رئاسية لاختيار خليفة بوتفليقة في رئاسة البلاد.
وأصبح الرئيس الجزائري خلال السنوات الأخيرة يضطر إلى الظهور عبر التلفزيون الرسمي لنفي إشاعات حول وفاته أو مرضه تطلق في كل مرة، وذلك منذ عام 2005 تاريخ إجرائه عملية جراحية حول القرحة المعدية بباريس وقالت بعدها برقية لويكيليكس إنه مصاب بسرطان المعدة.
وقال بوتفليقة عند وصوله الحكم العام 1999 إنه سيركز على ملفين الأول عودة البلاد على الساحة الدولية بعد أزمة داخلية دامية طيلة تسعينيات القرن الماضي، والثاني هو مشروع المصالحة الوطنية لوقف العنف والذي تضمن عفوًا عن المسلحين في الجبال مقابل تخليهم عن العنف المسلح ضد النظام وتم تسجيل عودة الآلاف منهم إلى المجتمع.
كما أطلق مشاريع ضخمة للبنى التحتية تموّل من العائدات الكبيرة للبترول والغاز.
وترى المعارضة أن فترة حكم بوتفليقة فاشلة كونها عرفت تضييقًا غير مسبوق على الحريات واستشراء الفساد والرشوة في مفاصل الدولة إلى جانب فشله في وضع حد لتبعية الاقتصاد القومي لعائدات المحروقات بنسبة 98 بالمائة.
وقال بوتفليقة، في آخر حوار أجرته معه صحيفة لوموند الفرنسية شهر يوليو الماضي، إن "التاريخ والشعب الجزائري وحدهما سيحكمان على الجهود التي بذلت لعودة السلم الاجتماعي والنمو الاقتصادي وعودة الجزائر إلى مكانتها الطبيعية بين الأمم".
وأكد أن "عودة السلم الوطني الضروري لأي استقرار سياسي واجتماعي يمكن اعتباره إنجازًا يفتخر به كل جزائري".
وأطلق بوتفليقة مطلع العام 2012 "حزمة إصلاحات" شملت قوانين الانتخابات، الأحزاب، الجمعيات والإعلام لمواجهة موجة الربيع العربي الذي قال في عدة مناسبات أنه "ديمقراطية مستوردة" و"فيه ما يقال" كما اعتبر أن الجزائر استثناء فيه.
المفضلات