في منزل متواضع بمخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين شمال غرب عمان، جلست الزوجة والاطفال يستمعون للجدة تروي مسيرة محمود عبد العال الذي قتل في هجوم انتحاري نفذه في درعا في تشرين الاول/اكتوبر، تلبية لفتوى سلفية جهادية.
وقالت هند حسن (50 عاما) والدة محمود ان ابنها الذي درس في معهد صناعة في عمان وكان يعمل ميكانيكيا "كان متدينا جدا. حفظ القرآن وهو في سن العاشرة".
واضافت انه "كان مولعا بالجهاد. عندما كان صغيرا اراد الذهاب للضفة الغربية ليقاتل فمنعته، ولكن عندما كبر قلت له:"الله يسهل عليك والله يرضى عليك يا ابني".
وقتل عبد العال في 12 من الشهر الماضي عن 33 عاما مخلفا وراءه زوجة وخمسة اطفال.
روت والدته انه اعتقل مرتين في 2004 و2005 وفي 2009 اصدرت محكمة امن الدولة حكما غيابيا بحقه بالسجن 25 عاما، لادانته بمهاجمة دائرة مخابرات في البقعة، فظل مختفيا.
وقالت ام محمود وهي تبكي "كان يتردد علينا بين الحين والاخر. وفي آخر مرة في ايلول (سبتمبر) قال لي:"أمي انا معي الله لكن ادعيلي" فأجبته "انا اوكلتك لرب العالمين" ثم ودع زوجته ورحل".
واضافت "بعد اربعة ايام اتصل في منتصف الليل وقال "انا في سوريا"، بدا لي سعيدا جدا، ففرحت".
وتابعت "اتصل بعد نحو اسبوعين في يوم جمعة وتحدث مع اخوته واولاده ثم قال لي "اذا لم اتمكن من التحدث اليك مرة ثانية فادعي لي" (...) وفي 12 من الشهر الماضي ابلغني زوجي بنبأ أستشهاده".
واضافت "لا اعرف اين دفن، كان يرتدي حزاما ناسفا، اساسا لا توجد جثة فكل ما تبقى فتات (...) كنت اود ان يحضروا اي شي من جثته كي يرتاح قلبي وارتاح".
واقامت العائلة مجلس عزاء، وصفته ام محمود بانه "عرس الشهيد" وقالت ان اكثر من الف شخص حضره.
اما والده محمد توفيق عبد العال (52 عاما) وهو عامل نظافة سابق، فقال "لم اكن اعرف ان ابني ذاهب للجهاد في سوريا".
وتستذكر زوجته خديجة (26 عاما) التي تزوجته قبل 11 عاما، "كان كثير الحديث عن الجهاد، وعندما كنت اقول له ان العمليات الاستشهادية صعبة، كان يرد "انها مثل القرصة ما بيحس فيها الواحد طالما عنده ايمان"".
واضافت "لم يبلغني بنيته الذهاب الى سوريا الا انه عندما غادر في 25 ايلول (سبتمبر) كان يوصيني على اولادي والبيت والدين والايمان والصلاة. قبل ان يغادر امضى تقريبا يوما كاملا معنا".
واضافت "فرحت له لانه مات شهيدا وضمن الجنة، لكني مشتاقة له".
وخديجة ابنة عبد الفتاح شحادة الطحاوي منظر التيار السلفي الذي تلقى اتصالات ابلغه بمقتله في "عملية استشهادية مزدوجة نفذها هو وشخص آخر من اربد يدعى ناصر دلقموني ضد معسكر كان فيه قناصة يشيعون الرعب والخوف في المدينة"، كما قال.
واصدر عبد الفتاح شحادة فتوى "بوجوبية ومشروعية الجهاد في مقاتلة نظام بشار الاسد لانه يخوض حربا ضد (...) اهل السنة في سوريا".
واضاف "طالبنا بالنفير الى سوريا نتيجة لما سمعناه وما شاهدناه من الظلم والمجازر الجماعية التي ارتكبها هذا النظام وطالبنا كل مسلم قادر على النفير ان ينفر الى هناك وكثير من شباب الاسلام بشتى بقاع الارض لبوا هذا النداء".
واكد الطحاوي ان "استشهد من ابناء التيار (السلفي) في سوريا 13 شخصا وهناك ثلاثة مصابين يتلقون العلاج في المستشفيات".
وقدر الطحاوي عدد الجهاديين الاردنيين الذين يقاتلون حاليا في سوريا بنحو 250.
وقال صديق لمحمود رفض الكشف عن اسمه، ان "محمود انضم للتيار السلفي في مطلع العشرينيات. كان طويلا قوي القامة يمارس الكيكبوكسنغ ورفع الاثقال، عرفناه بمرحه الشديد وابتسامته الدائمة، لكن بعد انضمامه للتيار السلفي اصبح اكثر تشددا في علاقاته الاجتماعية واكثر عزلة".
واعلنت السلطات الاردنية مرارا عن اعتقال مسلحين اثناء محاولتهم التسلل الى سوريا.
وفي 22 تشرين الاول/اكتوبر، قتل جندي اردني في اشتباك مع مجموعة مسلحة تضم 12 شخصا لدى محاولتهم التسلل الى سوريا.
وتنسب السلطات السورية الاضطرابات الى "مجموعات ارهابية مسلحة" تتهمها بالسعي لزرع الفوضى في البلاد في اطار "مؤامرة" يدعمها الخارج.
المفضلات