كتبت - سمر حدادين - خيبت تجربة استحداث وزارة لشؤون المرأة آمال المنظمات النسائية والناشطات بحقوق المرأة، بقدرتها على الدفع بأولويات النساء إلى الواجهة، بل على العكس أضعفت وجودها واختصرته بمسمى بلا مضمون.
ففي ظل الظروف الدقيقة التي نمر بها لا نحتاج إلى وزارة «للمرأة»، تستهلك من موازنة الدولة المال والمصاريف دون عمل أو إنجاز يذكر، بل تشكل عبئا ماليا ولا تضيف أي قيمة نوعية أو معنوية لقضية المرأة.
من خلال التجارب الماضية في حكومات سابقة، ممكن أن نستخلص العبر وهي أن وجود إمرأة أو إثنتين قويتين في الحكومة تحملان حقيبتين وزاريتين، أهم وافضل لدور المرأة السياسي من استحداث وزارة شكلية بلا مضمون أو دور او مهام واضحة.
الحكومة الانتقالية المحددة المهام، لن يكون لديها متسع من الوقت كي تعمل على تقديم البرامج والمشاريع للمرأة، ودراسة القوانين التي تنطوي على تمييز ضد المرأة، خصوصا أن كتاب التكليف السامي لم يأت على ذكر هذا الأمر، ما يعني أن إدخال نساء من ذوات الخبرة في تشكيلة حكومة الرئيس عبدالله النسور كان يمكن ان يكون الخيار الافضل.
وزارة الدولة لشؤون المرأة انتهت مدتها دون أن نرى أي مبرر أو أثر لهذه الوزارة، فقد استقبلها المهتمون بالقضايا الحقوقية بترحيب حذر مصاحب بهواجس ومخاوف أثبتت صحتها بعد مغادرة حكومة فايز الطراونة.
فبرغم أن وجود وزارة تعنى بقضايا المرأة هي خطوة حضارية، وتظهر مدى الاهتمام الرسمي في وضع المرأة الأردنية، سعيا لتمكينها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، إلا أن إيجادها بهذا الشكل، طرح عدة تساؤلات ومخاوف «مشروعة» لدى الحركة النسائية، في ظل عدم وضوح الرؤية، وعدم معرفة الأدوار والمهام التي أنيطت بهذه الوزارة.
بالبداية قرأتها المنظمات النسائية كرسائل تطمين من صانع القرار السياسي في الدولة، مفادها أن المرأة الأردنية حاضرة في ذهن القرار الأردني، وما حصل لحقوق المرأة العربية من ردة في دول الربيع العربي، لن يكون له أي ارتداد على وضع المرأة الأردنية، وأي انكماش في تمثيلها سواء في اللجان أو في الحكومات ما هو إلا أمر حصل مرحليا وهذا تعويض عنه بتخصيص وزارة للمرأة.
لكن عدم قيام الوزارة بأي دور حتى مجرد عقد مؤتمر وطني يتناول قضايا المرأة الأردنية، أو السعي لفرض تعديل أو تغيير أو إقرار قوانين مجحفة بحق المرأة، حتى أن الوزارة لم تحدث أي أثر على حجم تمثيل النساء في قانون الانتخاب، جاءت وذهبت بلا أثر.
كان هناك رأي يقول أن استحداث الوزارة قد يكون بداية لتأسيس وزارة للمرأة بكادر ومبنى مستقل وبمهام ورؤية واضحة تكون عنوانا لمرحلة من أولوياتها تمكين المرأة والعمل بجدية نحو التغيير المجتمعي لنصرة حقوق المرأة، لكن النتائج المتحصلة من عملها تدل على عكس ذلك.
وتعتقد الحركة النسائية أنه كان ينبغي تعزيز دور المنظمات واللجان التي تعنى بقضايا المرأة ودعمها قبل القفز نحو خطوة استحداث وزارة، ترى هذه الحركة أن وضوح الرؤية ومعرفة خطط وبرامج الوزارة سيزيل اللبس ويهدئ النفوس.
فكلما زاد الحديث عن الإصلاح أهملت ملفات المرأة وتراجعت خطوات إلى الوراء، وكأن تمكين المرأة وتعزيز دورها «ترف» وهو فعليا في ضوء المعطيات لم يعد كذلك بل هو أمر ملح ولم يعد مقبولا تعطيل الطاقات إرضاء لقوى الشد العكسي التي لا ترى بالمرأة شريكا للرجل وإنما متلقي لما يقرر.
وتسربت المخاوف والهواجس إلى المنظمات النسائية التي بدأت تشعر بتباعد الخطوات بينها وبين دورها في العملية الإصلاحية، رغم أنها مارست دورها الإصلاحي بما يخص قضايا المرأة وقوانينها ودورها المجتمعي.
وتطالب المنظمات النسائية بإعادة ثقلها ودورها في الحياة السياسية إلى الواجهة، بتوسيع مشاركتها في السلطة التنفيذية ومواقع صنع القرار، بحيث يكون لها دور مؤثر لخدمة قضايا الوطن عموما وقضية المرأة على وجه الخصوص.
وبرز الغياب النسائي عن السلطة التنفيذية، إذ لم يتجاوز تمثيلها في حكومة فايز الطراونة عن 1 مقابل 30 أي بنسبة تقارب 3و0% وهو مخيب للطموح والآمال بحسب وجهة نظر المنظمات النسائية، خصوصا وأن تمثيل المرأة وصل في بعض الحكومات إلى 20% وأحيانا 15% .
وترى الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة أسمى خضر أنه لا ديمقراطية وإصلاح إذا لم يكن للمرأة تواجد وتبقى طاقاتها معطلة، فالتمثيل العادل هو الذي يعطي صوت للجميع.
فالإصلاح كما قالت لـ»الرأي» ليس كلمة نرددها بالهواء، بل ينبغي أن تنعكس معانيها بالقرارات والإجراءات، مشددة على تكافؤ الفرص للجميع وخصوصا للنساء بالنظر لإنجازاتها في المجتمع ونسبتها لعدد السكان التي تقارب 50%
وبينت أن تمثيل المرأة في السلطة التنفيذية قلص في حين كان في بعض الحكومات ثلاث وأربع وزيرات يحملن حقائب مهمة بنسبة تصل إلى نحو 21% في حين الآن تواجدها «تراجع وأصبحت وزيرة واحدة يعود بنا إلى سنة الانطلاق عام 1979 حينما كان في تشكيلة الحكومة حقيبة واحدة للنساء».
ولفتت إلى أن أحد أهم أسباب ما يعانيه اقتصادنا مرده إلى قلة مشاركة المرأة في سوق العمل الذي لا يتجاوز 7و14% رغم أننا نستثمر في تعليم المرأة ونحقق أعلى الأرقام على مستوى الشرق الأوسط.
وشددت خضر على أن التغيير بكل المواقع يتطلب وجود المرأة وأساسها زيادة مشاركتها بالحياة العامة والسياسية والتنموية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
المفضلات