عمان - بترا - صدرت الإرادة الملكية السامية بقبول استقالة حكومة الدكتور الطراونة التي رفعها إلى جلالة الملك عبدالله الثاني.
ووجه جلالته إلى الدكتور الطراونة رسالة، فيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزنا دولة الأخ الدكتور فايز الطراونة، حفظه الله ورعاه،
يسرني أن أبعث إليك بأطيب تحياتي وخالص أمنياتي بموفور الصحة والسعادة والتوفيق، وبعد:
فقد تلقيت ببالغ التقدير كتاب استقالتك الذي جسَّد ما عرفته فيك من حب الوطن والانتماء إليه، والحرص على أداء الواجب، بكفاءة واقتدار وإخلاص وأمانة، وبروح المسؤولية والإيثار ونكران الذات.
وقد كنت قد عهدت إليك بتشكيل الحكومة قبل ما يزيد على خمسة أشهر، في هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية من مسيرتنا الوطنية وما يصاحبها من ظروف ومستجدات استثنائية إقليمية وعالمية ومحلية، تركت آثارها الكبيرة على مسيرتنا في الأردن العزيز، وأضافت إلى ما كنا نواجهه من تحديات سابقة، تحديات نوعية جديدة، لم يكن من سبيل إلى مواجهتها إلا بالمزيد من العمل المخلص الجاد، وتحويل هذه التَّحديات إلى فرص للإسراع في مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي، والتحول الديموقراطي الذي يشكل نقله نوعية وحقيقية في مسيرتنا الوطنية وفي مختلف جوانبها وميادينها.
وبالرغم من قصر المدة الزمنية التي نهضت فيها وزملاؤك الوزراء بأمانة المسؤولية، إلا أن ما تحقق فيها من إنجازات جوهرية كانت على قدر الطموح والمتوقع في ظل هذه الظروف الاستثنائية.
وقد كنت عند ثقتي فيك من حيث استيعاب معطيات هذه المرحلة، وما تقتضيه من سرعة في الإنجاز، وشجاعة في اتخاذ القرارات، وعدم ترحيل المشاكل للمستقبل.
وفي هذا الإطار، كانت انجازات هذه الحكومة موضع تقدير واعتزاز، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، ويسجل لها أنها انتقلت بمسيرتنا من حالة الدعوة إلى الإصلاح، إلى البدء بالتنفيذ الفعلي للتشريعات الناظمة للإصلاح السياسي، ضمن الاستحقاقات التي فرضتها التعديلات الدستورية الجذرية كتشكيل الهيئة المستقلة للانتخاب، وقانون الأحزاب، وقانون المحكمة الدستورية وتشكيلها وقانون الانتخاب، وقانون المطبوعات والنشر، بالإضافة إلى الخطط والبرامج والمشاريع الاستثمارية والتنموية التي يقتضيها الإصلاح الاقتصادي.
وقد تعاملت هذه الحكومة بكل أجهزتها ودوائرها مع الظروف الاستثنائية التي يمر بها الأردن العزيز وما رافقها من مظاهر التعبير عن الرأي بكل أشكاله، سواء في المسيرات أو الاعتصامات أو طرق الاحتجاج بأسلوب حضاري راقٍ، يعكس احترام الرأي الآخر، والشعور بالمسؤولية، والقيم النبيلة التي تأسس عليها هذا الوطن، قيم احترام حرية الإنسان وكرامته وحقه في المشاركة في مسيرة وطنه.
وأعرف أنك وزملاءك الوزراء وسائر أجهزة الدولة، قد تحملتم في سبيل ذلك الكثير من المعاناة والصبر الجميل، فجزاكم الله عن هذا الوطن كل الخير.
أما وقد تقدمت إلي بكتاب استقالة حكومتك، فإنني أقبل هذه الاستقالة، وأؤكد على عميق شكري وتقديري لما حققته هذه الحكومة من انجازات، وعلى اعتزازي بك شخصياً جندياً من جنود الوطن المخلصين، ورجل دولة يتحمل المسؤولية بشجاعة وأمانة وتميز في الإنجاز.
وستبقى يا دولة الأخ موضع الثقة والاحترام والتقدير، وسيسجل لك أبناء وبنات الأردن العزيز ما قدمت وأعطيت لوطنك، سائلاً المولى عز وجل أن يحفظك ويمتعك بموفور الصحة والسعادة والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين
عمّان في 24 ذو الـقـعـدة 1433 هـجريـة الموافق 10 تشرين الأول 2012 ميلادية
وكان الدكتور الطراونة رفع إلى مقام جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة استقالة حكومته، تاليا نصها:
مولاي حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم،
أعزكم الله ورعاكم،
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد،
فأرفع إلى مقام مولاي المعظم صادق المحبة وعظيم الولاء مع الدعاء إلى الله، جلت قدرته، أن يديم على جلالتكم نعمة الصحة والعافية والحكمة البالغة لتمضوا على بركة الله سبحانه وتعالى، وبعزيمتكم التي لا تخبو، نحو ما تصبون إليه من إعلاء شأن هذا الوطن الأردني الأغلى والأعز، والارتقاء به إلى أعلى درجات الاستقرار والمجد والسؤدد.
مولاي المعظم،
لقد طوقتم عنقي بثقتكم الملكية السامية الغالية، حين أوكلتم إلي تشكيل الحكومة قبل أكثر من خمسة أشهر، وفي مرحلة دقيقة وحساسة من تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية، لما تمر به من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية دولية وإقليمية ومحلية، واقتضتها أيضا طبيعة الإصلاحات الشاملة التي كنتم، ولا زلتم، تدعون إليها منذ تسلمكم سلطاتكم الدستورية. ولقد عبرتم، يا سيدي، بكتاب تكليفكم الملكي السامي لهذه الحكومة عن رؤيتكم الثاقبة والعميقة لما يجب أن تكون عليه المرحلة التي نمر بها بمحاورها المتعددة، وهي المرحلة التي أسميتموها بالانتقالية، لأنها ستكون الأساس للانتقال من حالة الدعوة إلى الإصلاح إلى حالة البدء بالتنفيذ الفعلي للتشريعات الناظمة للإصلاح السياسي ضمن الاستحقاقات التي فرضتها التعديلات الدستورية الجذرية كتشكيل الهيئة المستقلة للانتخاب، وقانون الأحزاب، وقانون المحكمة الدستورية وتشكيلها، وقانون الانتخاب لمجلس النواب، وقانون المطبوعات والنشر، هذا إضافة إلى الخطط والبرامج والمشاريع الاستثمارية، ضمن إطار الإصلاح الاقتصادي، الكفيلة بإخراج الأردن من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تراكمت في السنوات الأخيرة بسبب الأزمات الدولية، وكانت أيضا إحدى تداعيات الربيع العربي المحيط بنا.
ولقد كان على رأس التحديات السياسية إنجاز قانون للانتخابات النيابية يحظى بأكبر قدر ممكن من التوافق الوطني. وقد تم إنجاز ذلك القانون بالتعاون المطلق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتحت قبة البرلمان. وقد عبر الأردنيون عن رضاهم عن ذلك القانون بالإقدام الهائل على عملية التسجيل التي لا تزال سارية بكل نزاهة وشفافية ووضوح.
وكان على رأس التحديات الاقتصادية إعادة الثقة بالاقتصاد الوطني في الداخل والخارج، ووقف نزيف احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، والانخفاض الحاد في تدفق الغاز المصري إلى الأردن إلى مستويات متدنية للغاية. وقد تم، وبحمد الله، إطلاق العديد من المشاريع المحركة لعجلة النمو المستدام، سواء على مستوى المملكة أو على مستوى المحافظات، وبخاصة مشاريع الطاقة، وضمان ديمومة التزويد، وبدائل الطاقة، وزيادة استطاعة توليد الكهرباء، وصندوق تنمية المحافظات وبرامج التنمية في المحافظات وغيرها. وقد توصلنا إلى برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي لسنوات قادمة من شأنه أن يعمل على وضع الأردن على مسار الأمن والأمان، ومن ضمنه آلية لتوجيه الدعم إلى مستحقيه من خلال الدعم النقدي المباشر وهي في مراحلها الأخيرة.
واليوم، يا صاحب الجلالة، وقد صدرت إرادتكم الملكية السامية بحل مجلس النواب، وإرادتكم بإجراء الانتخابات النيابية وفق أحكام القانون، فإنني أرفع إلى مقامكم السامي، وكاستحقاق دستوري واجب النفاذ، استقالتي واستقالة زملائي الوزراء في حكومتكم معاهدين الله عز وجل، ومعاهدين سيد البلاد، أن نبقى كعهدكم بنا، الجند الأوفياء لعرشكم المفدى وللشعب الأردني العظيم، والمدافعين بالمهج والأرواح عن كل حبة تراب من تراب الوطن الأردني الطهور.
وفقكم الله يا سيدي ورعاكم وسدد على طريق الخير والفلاح والمجد خطاكم، مولاي المعظم.
المخلص دائما الدكتور فايز الطراونة رئيس الوزراء عمّان في 24 ذو الـقـعـدة 1433 هـجريـة الموافق 10 تشرين الأول 2012 ميلادية.
المفضلات