تونس - منذر بالضيافي
أقرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين اليوم، الإضراب العام في مجمل القطاع الإعلامي، في 17 أكتوبر/تشرين المقبل، وذلك على خلفية ما أسمته "فشل جلسات التفاوض مع الحكومة".
وحملت النقابة الطرف الحكومي، مسؤولية عدم التفاعل مع المطالب المهنية للصحفيين، والتي من أهمها تشريك النقابة في التعيينات بالمؤسسات العمومية.
علاقة "متوترة" بين الحكومة والإعلام
يذكر أن العلاقة بين الحكومة وقطاع الإعلام، شهدت حالة من "التوتر"، رغم وجود "جولات" من الحوار، وقد ساءت أكثر خاصة بعد التعيينات الأخيرة، في المؤسسات الإعلامية العمومية، والتي صاحبتها احتجاجات و"موجة" رفض من قبل كافة المشتغلين في الحقل الإعلامي وكذلك السياسي.
ويرى قطاع واسع من الإعلاميين، أن التعيينات الأخيرة، وخاصة في مؤسسة "دار الصباح" التي دخل صحفيوها في اعتصام منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، سعرت الخلاف بين الاعلام والحكومة. ويتحدث الجسم الإعلامي عن وجود توجه حكومي لـ"التأثير" على الخط التحريري للمؤسسات الإعلامية العمومية، تمثلت في "حملة" انتقادات من قبل أكثر من مسؤول في الحكومة، وفي حزب حركة النهضة الذي يرأس الحكومة، وعدم رضا عن "أداء الإعلام" لا سيما العام، حيث ترى الحكومة أنه من "غير المقبول" أن "تتمادى" المؤسسات الإعلامية العامة أو الرسمية في "انتقاد" الحكومة.
سخط الحكومة والتبريرات
وفي تصريح لـ"العربية.نت" قال الإعلامي توفيق العياشي "قد تكون بعض وسائل الإعلام ومنها العمومي، لم تراعِ أحياناً شروط المهنية في نقل هذا الخبر أو ذاك، أو في إعطاء الأولوية في الخبر حسب درجة الأهمية، بسبب "غياب المهنية" أو الجنوح "المبالغ فيه" إلى "التميز"، لكن هذا لا يمثل مبرراً لسخط الحكومة أو الحزب الحاكم، ولشن حملة على الإعلاميين والعمل على إرجاعهم إلى "بيت الطاعة".
ويضيف العياشي "كان على الحكومة التعاطي بـ"عقلانية" و"مرونة" مع السلطة الرابعة، وأن تأخذ في الاعتبار أن الإعلاميين الذين اكتووا لأكثر من عشريتين، من الإسكات والتهميش، قد تحرروا من "الغبن" وقرروا إحداث قطيعة مع الوضع السابق، في المحتوى و"التقاليد" و"الرموز"، فلا يعقل أن يستمر العمل بعد الثورة بنفس التوجهات، وخاصة في الإعلام العمومي الذي هو من مال المجموعة الوطنية، وليس "منة" من الحكومة".
رفض العودة لبيت الطاعة
وبالنسبة للعياشي، فقد حافظت حكومة النهضة، على نفس المعايير التي كان معمولاً بها سابقاً، في اختيار المشرفين على مؤسسات الإعلام العمومي، بل إنها تمادت أكثر من خلال "الإقدام" وفي خطوة غير مسبوقة، إلى "التجرؤ" على تعيين رؤساء ومديري التحرير- قبل أن تتراجع تحت الضغط - بهدف ضمان "تأمين" الولاء.
وأشار إلى أن الأولوية – كما في السابق - دائماً للأجدر والأقدر على تنفيذ "التعليمات" كما هي ومن دون اجتهاد، وهذا ما دفع العاملين في القطاع إلى "الثورة"، والتداعي إلى وقفات احتجاجية والتهديد بالإضراب العام. تحركات وجدت مساندة من قبل كل الديمقراطيين، نظراً لعدالة المطلب وحتى لا يكون ما حصل في الإعلام "بروفة" تطبق وتنقل إلى بقية القطاعات الأخرى.
إلى ذلك، أكد الإعلامي خميس الكريمي، في مقابلة مع "العربية.نت" أن "الإعلام هو القطاع الوحيد القادر على الوقوف ضد هيمنة أي سلطة أياً كان لونها واتجاهها السياسي، فالسلطة بطبعها تنزع نحو الهيمنة واحتكار العنف المادي وكذلك الرمزي، وخاصة في فترات الانتقال الديمقراطي، المتسمة بغياب التقاليد الديمقراطية وضعف تنظيم وهيكلة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، وهو ما يهدد بخطر الانتكاسة في كل وقت".
وأشار الكريمي إلى أن سياسة الحكومة تجاه الإعلام، من شأنها أن تعمق أكثر "أزمة الثقة" بين التيار الإسلامي الحاكم، وقطاعات واسعة من المجتمع والنخب.
المفضلات