الرباط ـ حسن الأشرف
حذَّر أرباب المخابز والعاملون في هذا القطاع بالمغرب من حدوث أزمة خانقة في إمداد المواطنين بالخبز، بسبب الصعوبات التي قد تعترض الحكومة الحالية في تزويد السوق بالحبوب، خاصة القمح، خلال الشهور القليلة المقبلة نتيجة ارتفاع واضح في أسعار الذرة والقمح في العالم.
وطالب مراقبون الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة من أجل عدم تكرار سيناريو الأحداث الأليمة التي عرفها المغرب في بداية الثمانينات عندما اندلعت احتجاجات شعبية قوية بسبب الزيادة في ثمن الخبز، مشددين على ضرورة توجيه استغلال أراضي الدولة الفلاحية نحو زراعة القمح من أجل توفير الاكتفاء الذاتي.
وجدير بالذكر أن البنك الدولي حذر أخيراً من ارتفاع أسعار الغذاء العالمية بنسبة 10% في شهر يوليو/تموز المنصرم، مُطالباً مختلف حكومات العالم بحماية الفئات السكانية الأكثر هشاشة وعرضة للخطر، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط.
الحل السهل والاكتفاء الذاتي
وقال محمد المسكاوي، رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، إن هناك تصريحات رسمية تؤكد أن مخزون القمح على وشك النفاد، كما أن الدول المصدِّرة للمغرب تواجه بعض الصعوبات، مشيراً إلى أن الطامة تكمن في أن استيراد المغرب للقمح الذي يعد مادة رئيسية للشعب سيعمّق عجز الميزان التجاري للدولة.
ويشرح المسكاوي، في تصريحات لـ"العربية.نت"، أن المغرب حينها سيستورد بالعملة الصعبة، وهو ما يعني أن الحكومة قد تضطر إلى الزيادة في ثمن القمح، كما فعلت مع المحروقات لتقليص الضغط المالي، لافتاً إلى كون إجراء مثل هذا من طرف الحكومة يعد هروباً للحل السهل وإثقالاً للقدرة الشرائية للموطنين، ما يهدد بتفجير السلم الاجتماعي الوطني.
وأضاف أن الشبكة المغربية لحماية المال العام طالبت بضرورة توجيه استغلال أراضي الدولة الفلاحية، بمختلف أنواعها، نحو زراعة القمح من أجل توفير الاكتفاء الذاتي، مردفاً أن الدولة عمدت سابقاً إلى توزيع تلك الأراضي على المحظوظين والنافذين.
واستطرد المسكاوي أن هذه الشخصيات النافذة لا همَّ لها سوى جمع المال من خلال الزراعات الموجهة للتصدير خاصة لأوروبا، دون أن يؤدوا أي درهم للدولة، حيث أعفاهم الملك الراحل الحسن الثاني من الضرائب، ونفس القرار اتخذه الملك الحالي، كنوع لدعم الفلاحين الصغار.
وتابع أن المغرب مازال يتميز بتدبير متأخر لمياه السدود حيث لا يستغل قرابة النصف من مياه البحار، ناهيك عن تآكل قنوات الري، مبرزاً أن المغرب بأراضيه الفلاحية وموارده المائية يمكن أن يحقق نوعاً من الاستقرار الفلاحي للحبوب، عبر سياسة شاملة ووطنية ترتكز على قول الحكومة لكبار الفلاحين: كفى.
لا بديل عن الخبز
ومن جهته، قال مصطفى بن سالم، الباحث في اقتصاد التنمية، إن شبح أزمة الخبز قد تضرب البلاد في القريب، ليكون الحل السهل أمام الحكومة حينها هو زيادة سعر هذه المادة الحيوية عند المغاربة، مضيفاً في تصريحات لـ"العربية.نت" أن هذا الاحتمال قد تكون له انعكاسات اجتماعية خطيرة.
واسترسل بنسالم قائلاً إن رفع سعر الخبز لا شك أنه قنبلة موقوتة قد تنسف الاستقرار الاجتماعي القائم في البلاد، مستدلاً بما حصل في بعض مدن المملكة سنة 1981 عندما رفعت الحكومة ثمن الخبز، فاندلعت انتفاضات شعبية كبيرة خاصة في الدار البيضاء سقط على إثرها العديد من القتلى بسبب التدخل القوي لأجهزة الأمن ضدها.
وأردف المتحدث أنه رغم أية زيادة محتملة في سعر الخبز، فإن المغاربة لن يستغنوا عن شراء الخبز لأنه ضروري بالنسبة لهم، وبالتالي سيستغنون تلقائياً عن مواد غذائية أخرى حتى يستطيعوا توفير مادة الخبز فوق موائدهم، وهو الشيء الذي يعني إضراراً إضافياً للقدرة الشرائية للمواطنين.
وزاد الباحث أن أرباب المخابز التزموا أمام الحكومة بعدم الزيادة في الخبز تقديراً لمصلحة البلاد، غير أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي مستقبلاً أمام أية زيادة مرتقبة من لدن الحكومة في أسعار القمح، مطالباً الحكومة بحلّ هذه المعضلة عبر توازن يضمن عدم الوقوع في أزمة خبز، وفي نفس الوقت الحيلولة دون الإضرار بمصالح أرباب المخابز.
المفضلات