قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم{يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي مَالِي إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلاَثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى أَوْ أَعْطَىٰ فَاقْتَنَى وَمَا سِوَى ذٰلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ}[1]وليس المال وفقط كل حاجة في الدنيا ربنا جعل الدنيا ساعة وكلنا ماشيين منها إلى الله والعاقل الذي يأخذ معه البضاعة التي يرضاها الله والتي حددها لنا سيدنا رسول الله والتي ربنا قال لنا فيها في القرآن {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً}ما دمنا كلنا مسافرين فالدنيا أهون من أننا فيها نخاصم بعضا أو نقاطع بعضا أو يبقى في قلوبنا غيظ أو حقد أو حسد أو كره لبعض لأن الأمر أعجل من ذلك ونحن كلنا نتحقق من ذلك لما أحدنا يسافر مع أحد إن كان سفراً طويلا أو قصيراً كسفر الحج فنقول: اليومين دول يعدوا على خير إذا أحد غلط نسامحه أو أحد أخطأ نعفو عنه لماذا؟لأن الأمر لا يستحق أننا نحاسب بعضنا على القليل والكثير أيضاً العاقل في الدنيا والمؤمنة الناصحة في الدنيا التي تعمل حسابها على ذلك أنها أيام معدودة وآجال محدودة لن يخلد فيها أحد فلا تجعل في صدرها لا كره ولا بغض ولا حقد ولا حسد لأحد من المسلمين أبداً لأن هذه الأشياء لو وجدت في القلب ولو مع القيام بالطاعات والعبادات تجعل الأعمال غير مقبولة عند الله سيدنا رسول الله كان جالساً مع أصحابه يوماً فقال لهم{ َدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّة فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ تَنْطُفُ لِحْيَتِهِ مِنَ الْوُضُوءِ}[2]وكرر هذا الأمر ثاني يوم وكررها ثالث يوم
ويطلع نفس الرجل ولحيته تقطر ماءاً من الوضوء يمسك نعليه بيده اليسري ويسلم ثم يجلس نفس السيناريو لمدة ثلاثة أيام فتأكدوا أن هذا الرجل من أهل الجنة سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما كان مجتهداً في طاعة الله وعبادة الله ووقته كله في القرآن الذكر وعبادة الله فقال في نفسه أريد أن أرى الرجل الذي هو من أهل الجنة ماذا يعمل زيادة عني ليصير من أهل الجنة؟فذهب إليه وقال له: دبَّ خلاف بيني وبين أبي وأنا حلفت ألا أدخل البيت ثلاثة أيام فقلت أنزل ضيفاً عندك حتى تستقر الأمور فهل تقبلني ضيفا ؟فقال له: تفضل صلوا العشاء مع بعض وسيدنا عبد الله أراد أن يقوم ليكمل صلاته والرجل صلى ونام فقال: ربما يكون متعباً اليوم إلى ما قبل الفجر بقليل قام وتوضأ وصلوا مع رسول الله ورجعوا وأحضر الرجل الإفطار أي ليس صائماً وثاني وثالث يوم مثله فعندما وجد الأمر كذلك وكاد أنه يستهين بعمله لأنه لم يراه فعل شيئا زائدا إلا أنه لم يتحدث عن أحد إلا بخير لكن ما لذي أوصله للجنة؟فقال له:لا يوجد خصام ومع أبى ولكن جئت لأن النبي قال عنك كذا وكذا فأردت أن أنظر العمل الذي تعمله زيادة عني فأعمل مثلك قال له:ما هو إلا ما رأيت ولكنى لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله فقال عبد الله: هذه هي التي أوصلتك الجنة{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}فذهب سيدنا عبد الله لرسول الله ولم يخبره بما جرى ولكنه قال له {يَا بُني إنْ قدَرْتَ أن تصبحَ وتمسي وليس في قلبِك غشٌّ لأحدٍ فافعلْ وذلك من سُنَّتي ومنْ أحَبَّ سُنتي فقد أحَبَّني ومن أحَبَّني كان معي في الجنَّة}[3] إذاً أعظم عمل وأفضل عبادة وخاصة للبنات والسيدات أن الإنسان يصير قلبه ليس فيه
ضغينة لأحد أنا أعرف أن هذا صعباً ولكنها عبادة تدخل الجنة والذي يسهلها على المرء أن يعرف أن الدنيا إلى زوال وكلنا مسافرون فلا ينبغي على المرء أن يحمل حقداً في قلبه من هذا ولا يقطع ذاك هذه ناحية الناحية الثانية: أننا كلنا لابد أن نكون معتقدين وواثقين أن الأمور كلها تجري بيد الله {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ} لأن معظم هذه الأشياء تأتى من أن الواحدة تظن أن فلانة ستأخذ رزقها عريس جاء لابنتها وهي نفّرته أو أخذته لابنتها المكتوب على الجبين لازم تراه العين وهذه أقدار قدرها الواحد القهار قبل خلق الأعمار فكل حاجة معروفة فلا يستطيع إنسان أن يقطع رزق ولا يستطيع إنسان أن يزيد رزق وحديث رسول الله لسيدنا عبد الله بن عباس وراكب خلفه ليعلمه {وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ وَإنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ}[4] يعني لو أن الناس كلهم يريدون أن يزوجوا فلانا لفلانة وربنا قد قدر ذلك فلا بد أن يحدث لأن أمر الله نافذ ربنا كتب فلان لفلانة وهم يريدون أن يفصلوهم وأتوا بسحرة الجن وسحرة الإنس وكل الذين يشتغلون في الكتابة والذين يشتغلون في الأعمال فلن يستطيعوا أن يفصلوا بينهم فلن يستطيع أي إنسان ضر أحد إلا إذا كان في علم الله ولن يستطيع إنسان نفع أي أحد إلا إذا وافق ذلك قدر الله إذاً فعلى الإنسان أن يرمى حموله على الله ويفوض الأمور إليه ويعتمد عليه ويحسن الظن به ويتوكل عليه فهذا يجعل الإنسان لا يحمل في قلبه شيئاً ولا يحمل من أحد ولا يخاصم أحداً ولا يهجر أحداً ولا يؤذي بلسانه أحداً بغيبة أو نميمة وإنما يجعل حاله دائماً معتمداً على فضل الله وكرم الله فهذه التي بها فازوا وجازوا وضمنوا الجنة وهم في الدنيا.[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صحيح مسلم والألبانى فى صحيح الجامع وصحيح الموارد[2] عن أنس بن مالك رواه البزار ورواه ابن كثير فى تفسير القرآن والهيتمى المكى فى الزواجر [3] عن أنس بن مالك رواه الترمذي[4] عن ابنِ عَبَّاسٍ سنن الترمذي
المفضلات