أكتب إليك رسالتي هذه وأنا أعلم أدري بأن سعاة البريد سيفتشونها ، ويحللونها وسيعيدون قراءتها مئات المرات ، أكتب إليك وأتوقع أنك قد قرأتها قبل أن تصلك ، بل أتمنى ألا تصلك ، فأنا وبغض النظر عن عمق المأساة وهولها دائماً أتمنى أن تكون ردة فعلك الأولى على ما أكتب ابتسامة......
أنت دائماً مولعةٌ بالخير والمطر ، وتنظرين إلى السحب ....... رحمة الله لأرضه وعباده ، ولكن يا عزيزتي ، لم تعد سحبنا سحباً عادية ، ولا عواصفنا ، ولا أمطارنا ..... كلها أصبحت تحمل بين حناياها الموت أو شبحه ... وخياراتنا أصبحت محتمة نحو نهاية لا نرغبها .
لقد عانيت يا غاليتي من دموع صامتة متحجرة لا تصل إلى المآقي في امتحان صعب ومرير ونادر لانسانيتنا ومدى تماهينا مع حقيقة تهشم انسانيتنا واندثارها ، فقد أهلتنا المحن التي لم تكن تزورنا حتى في أحلامنا لنكون أكثر وحشية من الوحوش ....
لقد أزهرت يا عزيزتي في مدينة الياسمين ورود الياسمين الغريبة ....... حمراء برائحة الدم والظلم ....
ولا أظن أن حلمنا في ياسمينة بيضاء نقية أصبح في إطار هذا التبدل أكثر احتمالاً ......
لقد ارهقتني هذه الصور الصادمة ، وفوجئت بأنني قابلت كل تلك المآسي بتبلدٍ يعذب انسانيتي ، ويطرح الكثير من الأسئلة والمقرونة دائماً باللا إجابة ...
لا أعرف حدود مسؤوليتنا الشخصية لكل واحد فينا عن عالمنا والذي نجحنا مجتمعين في جعله أكثر بشاعة وألماً ، ونرسم دائماً تلك الصور القاتمة ، ونعشق تلك الألوان الداكنة ، ونكره الربيع ...
انني كنت دائماً أعشق الصباح والإشراق والأمل ، ولكنني يا غاليتي أسألك أن تدلينني على الطريق فقد تاهت خطاي في هذا العالم الذي لا أدري هل ظلمناه أم ظلمنا ....
المفضلات