الحقيقة الدولية – عمان – معاذ البطوش
مع زيادة حال التوتر في المشهد السياسي الأردني وزيادة حالة التأزم بين الحكومة وصناع القرار بالدولة الأردنية من جهة والأحزاب السياسية من طرف آخر تشتد الأزمة السياسية لتجد نفسها أمام سيناريوهات عديدة لا بد وان نتوقف عندها ونتحدث بها.
الملك عبدالله الثاني ومنذ أكثر من عام مضى وهو يؤكد على أن الأردن لا بد من أن يستفيد من تجربة الربيع العربي وان يغتنم الفرصة من خلال إقرار قوانين إصلاحية سياسية تمكنه من تحقيق الإصلاح وتدفعه نحو الوصول إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة قبل نهاية العام الجاري.
الإصرار الملكي على إجراء انتخابات مبكرة لها إبعاد سياسية كبيرة أبرزها نقل الشارع الأردني من مهاجم لمجلس النواب الحالي إلى "متفاهم" مع المجلس النيابي القادم لأنه سيكون مجلس نيبي ممثل للشعب الأردني خال من نواب التزوير والمال السياسي وهو ما يعني أن السيناريو الوحيد لدى الملك هو الوصول إلى إصلاح حقيقي وليس مجرد كلام "جرايد".
الملك لوحده لا يستطيع أن يحقق تلك الأمنيات إذا لم يتكاتف الجميع حكومة وشعبا وأحزاب معارضة وموالاه وغيرها فالإصلاح يحتاج إلى بعد نظر من الجميع.
ليس من شان الملك أن يشرف على تفصيلات مراحل الوصول إلى مجلس نواب يمثل الشعب حقيقة وإنما المطلوب منه أن يوجه الحكومة وهو ما قام به الرجل من خلال التأكيد على إجراء انتخابات نيابية مبكرة وكذلك الالتزام أمام الرأي العام الأردني والعالمي انه يرغب في فتح حواره السياسي مع الجميع والوقوف على مسافة واحده من الجميع.
من هنا تبدأ قصة ما بعد رغبات الملك فالحكومة التي تعيش حالة من التوتر اليوم بسبب ظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد تصل إلى حد الحديث عن أن الدولة لن تستطيع أن تصرف رواتب لموظفيها نهاية شهر تشرين الأول المقبل ، الحكومة التي "تصابح" الشعب بقرار اقتصادي صعب و"تماسيهم" يوميا بقرار آخر أصعب من القرار الأول ،الحكومة التي تمر بأزمة مياه خانقة عطش فيها ما لا يقل عن 60% من الشعب الأردني الأمر الذي دفع الناس إلى إغلاق الشوارع وحرق الإطارات واقتحام مؤسسات حكومية، الحكومة التي تواجه أزمة خانقة بين المواطن ورجل الأمن وصلت إلى حد كل منهما يحرص على إيذاء الآخر دون أن يعرف السبب سوا شد الأعصاب وحالة التوتر التي يعيشونها تلك الحكومة أيضا التي تواجه أعمال قتل لم تشهدها الدولة الأردنية منذ تأسيسها عام 1921 حتى بات الإنسان يخشى على نفسه من اقرب الناس إليه أم زوجته وأما شقيقه وأم ابنه فالجميع أصبح في حالة قلق وتوتر لم نشهدها من قبل.
حكومة يتعرض رئيسها إلى محاولة منعه من الدخول إلى بعض مناطق المملكة بما فيها مسقط رأسه "الكرك".
الحالة الصعبة التي تمر بها الدولة الأردنية ربما تفاجئنا بقرار لم يكن يتوقعه احد وهو قائم على أكثر من سيناريو.
السيناريو الأول
أن تذهب الدولة إلى اتخاذ قرار مماثلا لقرار الانتخابات النيابية بحيث تؤجل الانتخابات النيابية ويعاد قانون الانتخاب لمجلس النواب من جديد ويصاغ بطريقة توافقيه بعيده عن حالة القلق من أي طرف آخر والنظرة إلى الأردن على انه وطن للجميع ومن حق الجميع معارض قانوني أو موالي أن يقول كلمته وان يمنح حقه في صنع القرار.
السيناريو الثاني
أن تذهب الدولة إلى تعديل قانون الانتخاب مرة ثانية من خلال دورة استثنائية بعد عيد الفطر مبارك يسبقها إبلاغ الناس بهذا القرار وفتح حوار واسع مع جميع أطياف المجتمع كل جهة على حدا تعمل فيه على إزالة غمامة الصوت الواحد وتضع مكانه صوتين علما بان نسبة كبيرة من المواطنين لن يكون لهم الحق بالتصويت سوا صوت واحد لان هناك تقسيم للدوائر الانتخابية اعتمد عليه وهو تقسيم ما قبل الدوائر الوهمية والذي يقسم المملكة إلى"45" دائرة انتخابية بعضها لها صوتين وبعضها ثلاثة وكثير منها لها مقعد واحد وهو ما يعني انه لا يحق لها سوا أن يدلي بصوت واحد مثل لواء الكورة بإربد وعي بالكرك وعين الباشا بالبلقاء والهاشمية بالزرقاء وناعور بالعاصمة وبصيرة بالطفيلة والبتراء بمعان وكفرنجة بعجلون وغيرها من الدوائر الانتخابية المنتشرة بالبلاد.
السيناريو الثالث
أن تعود الدولة إلى ما قبل الربيع العربي وتتعامل بحسم مع كافة الأمور وبعيدا عن لغة الخوف والتهديد بالوعيد وان تبتعد عن سياسة الأمن الناعم والأمن الخشن وتترك الشعب يتناحر فيما بينه يوميا بحيث يعود للقانون سيادته وللدولة هيبتها ولكن بعيدا عن حل المشكلة بمشكلة.
السيناريو الرابع
أن يحل الملك حكومة الدكتور فايز الطراونة ويأتي بشخصية من الحرس القديم صاحب نفوذ مطلق وان تتوحد الحكومة تحت عباءة رئيس وزراء واحد وليس أكثر من واحد ويحل مجلس النواب وتعلن حالة الطوارئ مع حل كافة الحركات والتجمعات غير القانونية وليست الأحزاب والنقابات الحاصلة على تراخيص من الدولة واعتراف بشعبها ، ويعيد الجهاز الأمني دوره الحقيقي بالبلاد ويبسط السيطرة على كافة مناحي الحياة للمواطنين بحيث يعود المواطن للشعور بالأمن والاستقرار الحقيقي وليس المزيف ، وهذا السيناريو يعود بنا إلى عام 1957 عندما اشتدت الأزمة السياسية في البلاد وأعلن الملك عن رحيل الحكومة البرلمانية والأولى والأخيرة بالدولة الأردنية حكومة سليمان النابلسي وإعلان حالة الطوارئ وحل البرلمان والنقابات بما فيها نقابة المعلمين وجميع الأحزاب والحركات السياسية باستثناء جماعة الأخوان المسلمين أبقى عليها النظام الملكي في ذالك الوقت لدورها البارع في دعمه ومساندته حيث أدى هذا القرار إلى كسب النظام الجولة وإعادة بسط نفوذه من جديد بعد أن شعر بأنه أمام كسر عظم مع القوى السياسية آنذاك.
كما ويرافق هذا السيناريو تحديد سقف الحرية لكل تيار أو حزب سياسي بحيث يعود الجميع ليؤمن بان هيبة الدولة ومؤسساتها واجب مقدس لا يمكن المساومة عليه ولا يسمح بالخروج عليه.
سيناريو الإعلان عن حالة الطوارئ والإحكام العرفية ووقف الجميع عند حده المسموح له به من وجهة نظر مراقبين هو خيار محتمل بدرجة تصل إلى 60% لان واقع المسيرات والاحتجاجات الشعبية والاعتصامات المستمرة لا يمكن أن يتوقف إلا إذا ذهبت الدولة إلى هذا الخيار وان تذهب الدولة إلى تلبية رغبات الحراك الشعبي والقوى السياسية بإلغاء الصوت الواحد والعودة إلى نص المشروع بقانون عون الخصاونة مع إيمانها المطلق كحكومة بان هذا الخيار الأخير ربما سيدفع الحراك والقوى الشعبي إلى التمادي لطلب المزيد وهو ما يدفعها إلى العد للمليار قبل القدوم عليه.
المصدر: الحقيقة الدولية – عمان – معاذ البطوش
المفضلات