بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
هذا موضوع نقلته يتحدث عن أمور محرمة يرتكبها بعض الرقاة اما جهلا أو دجلا وكذبا والله تعالى أعلم :
1- المطلوب إعطاء ماء مرقي للمريض ليشربه قبل قراءة القرآن على ناصيته , فإذا كان المريض امرأة وجب تغطية شعرها بخمار - لا يسمح لحرارة الرأس أن تصل إلى يد الراقي- قبل القراءة عليها بحيث لا يمس الراقي ولو شعرة من رأسها . ومن زعم من الرقاة بأنه لا بأس عليه أن يمس أجزاء أخرى من جسدها ( سواء تؤلمها , أو يُظن أن الجن متمركز فيها , أو أن السحر أصابها فيها أو أن العين أثرت فيها ) أو يراها فهو إما جاهل , وإما فاسق فاجر ساقط لا يستحي ولا يخاف من الله.وفي الحالتين هو لا يستحقُّ أن يكون معالجا بالقرآن .
جاء عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية :" لا يجوز للراقي مس جزء من بدن المرأة التي يرقيها لما في ذلك من الفتنة , وإنما يقرأ عليها بدون مس . وهنا فرق بين عمل الراقي وعمل الطبيب لأن الطبيب قد لا يمكنه العلاج إلا بمس الموضع الذي يريد علاجه , بخلاف الراقي فإن عمله ... لا يتعلق على اللمس ".
ومن هنا نقول بأنه يجب أن يحرص الراقي على أن لا يرقي امرأة إلا وهي متحجبة . إذا قبلت بذلك فبها , وإلا طلب منها أن تبحث لها عن راق آخر! وليعلم الراقي :
ا- أن هذا الشرط يمليه عليه دينه الذي يفرض على الرجل- كيفما كان - أن لا ينظر إلى وجه المرأة وكفيها بشهوة . أما النظر إلى غير ذلك من جسدها فإنه حرام بشهوة أو بدون شهوة , والراقي إذا أراد أن يرقي امرأة متبرجة لا ولن يستطيع - وإن استطاع فبصعوبة كبيرة جدا , وقد يقدِر على ذلك مرة ولا يقدِر مرات - مهما حاول أن لا ينظر أثناء الرقية إلى غير الوجه والكفين منها .
ب-كما أن هذا الشرط يزيد من احترام الناس المؤمنين له ومن تقديرهم له , حتى ولو كانوا غير ملتزمين بالدين . وإذا وُجِد من ينتقده بسبب ذلك فالحجة عليه لا على الراقي . والذي ينتقده اليوم لا أظن أنه سيبقى ينتقده إلى ما لانهاية .
جـ- ومن جهة ثالثة , فإن اشتراط هذا الشرط في الرقية هو طاعة لله يجعل أجر الراقي على الرقية أكبر , ويجعل بركة الرقية ومردودها أكبر .
وإذا كانت المرأة المريضة مصابة بجن , وجب عليها أن تلبس قبل الرقية سروالا تحت الفستان أو الجلباب حتى لا تنكشف عورتها أثناء الرقية . ويجب أن يكون لباسُها فضفاضا واسعا , والغرض من ذلك واضحٌ لا يحتاج إلى ذكر .
2- لا يجوز الاستعانة بالجن في معرفة نوع الإصابة بالعين أو السحر أو الجن ( أو بمرض عضوي معين ) وكذا في معرفة طريقة علاجها . وكذلك لا يجوز تصديق الجن المتلبس بالمريض بدعوى السحر والعين والبناء على دعواه . قال تعالى : " وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ". وقال تعالى : "وَيَوْمَ نحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ". ومعنى استمتاع بعضهم ببعض– كما قال العلماء في مجمع البحوث العلمية والإفتاء - " أن الإنس عظموا الجن وخضعوا لهم واستعاذوا بهم , والجن خدموهم بما يريدون وأحضروا لهم ما يطلبون ومن ذلك إخبارهم بنوع المرض وأسبابه مما يطلع عليه الجن دون الإنس , وقد يكذبون فإنهم لا يُؤمنون , ولا يجوز تصديقهم ". قال بن باز – رحمه الله - : " لا يجوز أبدا استعانة الراقي بجن سواء كانوا كفارا أو مسلمين ".
وجاء في كتاب الفتاوى الخزرجية : " وأما عن استحضار جن مؤمن ( للعلاج ) , لا أصل له ولم يثبت ". وقال محمد الصالح العتيمين رحمه الله : "... لذا فالاستعانة بالجن المسلم كما يدَّعي البعضُ في العلاج , لا تجوز " . وكل من ادعى أن الجن يقدمون له خدمات بدون مقابل , فهو واهم . إن الجن إذا أعانوا إنسيا إنما يفعلون ذلك في مقابل :
ا- فعل الإنسي لمحرمات , قد تصل إلى الكبيرة أو إلى الكفر كقول الكفر أو رمي المصحف في المرحاض أو سب الله أو سب رسوله أو تعليق الصليب أو قراءة القرآن مقلوبا أو الزنا أو اللواط أو ...
ب-تسلط الجني على الإنسي- بدنيا ونفسيا - فيُتعِبه تعبا شديدا , بحيث يُصبِح يخاف من ظله ويقلق ويتيه ويصبح مَوسوَسا ويُصاب بالأرق ويفزع في نومه كثيرا ويصبح ثقيلا في بدنه ولا يختلط بالناس ويصاب بالتشاؤم و ... وتؤلمه أجزاء معينة من بدنه ولا ينفع في علاجها طبيب.
وإذا فرضنا جدلا بأن شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله صرح بمشروعية الاستعانة بالجن فهو عالم بشر يصيب ويخطئ والعبرة بقول الله وقول الرسول محمد عليه الصلاة والسلام , ثم إن الجمهور على عدم جواز هذه الاستعانة , وكذلك فإن التجربة تنادي بأعلى صوتها أن " يا راقي ويا مريض تجنب ما استطعت أي استعانة بالجن مهما كانوا صالحين إذا أردت السلامة دنيا وآخرة ". وأنا أجزم بأن بن تيمية رحمه الله لو رأى سيئات الاستعانة بالجن - وهي أكثر بكثير من الحسنات ( إن كانت هناك حسنات ) - لما أفتى بما أفتى به رحمه الله ورضي عنه , وهو من هو علما وتقوى .
3- تعوّد بعض الرقاة على أن يطلبوا من المريض أن يُغمض عينيه أثناء الرقية وأن يبحث بخياله في المكان كذا أو كذا , فإذا بدا له بأنه يرى إنسانا أو حيوانا تحدث معه الراقي ليعرف حقيقة إصابة المريض بالتفصيل سواء كانت سحرا أو عينا أو جنا ثم ليُخلِّصَه منها بسهولة كما يتوهمُ الراقي أو المريض . ونصيحتي لهؤلاء الإخوة - وأنا أقول هذا عن تجربة - أن يتجنبوا هذه الطريقة ولا يلجأوا إليها أبدا للأسباب الآتية :
ا- أنه ليس هناك دليل على مشروعيتها , وإن كان ليس هناك دليل قطعي ( بنص صريح من كتاب أو سنة أو بإجماع ) كذلك على أنها ممنوعة شرعا . ومع ذلك لقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى عدم مشروعيتها. جاء عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية التي يشرف عليها بن باز رحمه الله أن : " تخيلُ المريضِ للعائن ِ ( ومثله مثل الساحر أو الجن ) أثناء القراءة عليه وأمر القارئ له بذلك هو عمل شيطاني لا يجوز , لأته استعانة بالشياطين فهي التي تتخيل له في صورة الإنسي الذي أصابه . وهذا عمل مُحرَّمٌ لأنه استعانة بالشياطين , ولأنه يسبب العداوة بين الناس , ويسبب نشر الخوف والرعب بين الناس , فيدخل في قوله تعالى : ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن,فزادوهم رهقا ) ".
ب- لأن ما يبدو أثناء إغماض العينين قد يكون صحيحا 100 % وقد يكون كذبا ( ولا أقول خطأ ) 100% , فلماذا نربط أنفسنا بأوهام لا يجوز الاعتماد عليها من أجل معرفة حقيقة ؟. مع العلم أن الدليل الشرعي على أن فلانا أصيبَ بسحرٍ أو بعين هو إما اعتراف أو شاهدان .
جـ- لأنه قد تحدثُ عداوات بين المريض ( أو أهله ) وبين أحد الأقارب أو الجيران أو الأصهار أو ... بسبب أن المريض رأى بخياله أثناء الرقية أن فلانا سحره أو أصابه بعين . ومن الممكن جدا أن أحد الشياطين كان يلعبُ بالمريض أثناء الرقية ويضحك عليه ويريه أوهاما في صور حقائق , ليُفسدَ ما بينه وبين الناس.
د- لأن الرقية الشرعية ليس من شروط صحتها , ولا من مستحباتها هذا الذي يفعله بعض الرقاة . والرقية الشرعية تؤتي ثمارَها بإذن الله بقدر ما تكون بسيطة وبعيدة عن التعقيد , مع وجوب موافقتها للشرع بطبيعة الحال , ومع إخلاص المريض والراقي لله , واعتبارهما الرقية سببا , وأما الشافي فهو الله وحده .
4- إلصاق الأوراق المكتوبة التي فيها شيء من القرآن أو الأدعية على الجسم أو على موضع منه أو وضعها تحت الفراش أو فوقه أو طيها ووضعها على الضرس أو نحو ذلك " لا يجوز - كما تقول اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية - لأنه من تعليق التمائم المنهي عنها ". وقراءة شيء من القرآن مهما كان قصيرا , هو خير ألف مرة من وضع المصحف على جسد الإنسان المريض أو في فراشه أو في أي مكان آخر .
5- يحرم تعلُّم السحر , سواء تم من أجل العمل به ( أي من أجل أن يسحر الناس ) أو من أجل اتقائه .
6- الشابة المقبلة على الزواج , والتي علمت- قبيل الزواج - أنها مربوطة ( مْصَفحة كما يقول الجزائريون . والتصفاح حرام ولو تمَّ بنية حسنة ) منذ الصغر , هذه المرأة لا يجوز لها أن تسمح لامرأة مهما كانت أن تفُكَّ لها السحر بطريقة سحرية . وإنما الواجب عليها أن ترقيَ نفسها أو تبحث لنفسها عمن يرقيها بطريقة شرعية بعيدا عن الدجل والشعوذة .
7- تبرك المريض بريق النافث في ماء أو زيت , حرام , وهذا نوع من أنواع الشرك لأن ريق الإنسان ليس سببا للشفاء , ولا أحد من البشر بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام يجوز التبرك بآثاره من ريق أو عرق أو ثوب أو ...( أما التبرك بآثار رسول الله ففي حكمه خلاف بين العلماء ) .
8- ليس صحيحا أن البخور يطرد الجن , ولا يوجد أي نوع من أنواع البخور لطرد الجن وإنما البخور من سمات السحرة والمشعوذين والجهلة من الناس لا يجوز استعمالها في الرقية لطرد الجن أو للتخلص من السحر أو العين . والبخور بالحلتيت من أجل طرد الجن من بدن المصاب بجن , سبق أن تكلمت عنه في فصل سابق وفي مسألة سابقة, والحمد لله رب العالمين .
وليس هناك أي دليل شرعي كذلك يدل على أن هناك بخورا معينا لطرد الجن وإنما هي فقط من تخرصات وأكاذيب السحرة ( ومن هم على شاكلتهم ) الذين يصفون البخور أو الجاوي ( كما يسميه بعضهم ) كوسيلة للتخلص من الجن المتلبس بالإنسان , وهذا ليس له أصل في ديننا ولا في الواقع ، بل هو اعتقاد فاسد وخاطئ وباطل . أما أنواع البخور مثل العود والمسك وغيرها فإنها طيبة , ونتطيبُ بها عموما . والقول بأن الشياطين لا تحب الروائح الطيبة يبقى قولا لا دليل قطعي عليه , ومنه فقد يصح وقد لا يصح .
9- من أنواع الشرك الحرام بلا أدنى شك : تعليق الحديد ونحوه على جزء من جسد المرأة النفساء أو على جسد المختون لجلب النفع أو لدفع الضر !.
يتبع : ...
المفضلات