حماية المستهلك: خطة الحكومة لا تسمن ولا تغني من جوع
"الحاج توفيق": الحكومة ستوصل المواطن إلى طريق مسدود بسبب سياساتها في رفع أسعار

الحقيقة الدولية- عمان- إبراهيم الشيخ

تخرج علينا الحكومات المتعاقبة سنويا وتحديدا قبل شهر رمضان المبارك بخطة استعدادا للطلب المتزايد على السلع والمواد الغذائية في هذا الشهر الكريم، تحمل في ثناياها ضمانات ووعود وشعارات لحماية المستهلك من أي ارتفاع على الأسعار، يرى في البعض بأنها "حبر على ورق".

الناطق الإعلامي باسم وزارة الصناعة التجارة ينال البرماوي أكد أن الخطة التي اعتمدتها وزارة الصناعة والتجارة، وضعت للتعامل مع السوق خلال شهر رمضان المبارك لما يشهده السوق من ارتفاع في معدلات الاستهلاك المحلي في مختلف السلع وبخاصة السلع الرمضانية.

وأضاف برماوي في تصريحات خاصة بـ"الحقيقة الدولية" أن الخطة تهدف لتعزيز المخزون الاستراتيجي من مختلف السلع، وتوفير السلع الرمضانية بكميات كافية تغطي حاجة السوق وتزيد عن الحاجة، والعمل على ضمان استقرار الاسعار والمحاولة قدر الإمكان من تخفيض الأسعار المطروحة من قبل القطاع التجاري حتى تكون في متناول جميع المواطنين.

وبين برماوي أن الخطة اتبعت العديد من الاستراتيجيات ومن أهمها تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، بحيث يكون دوره أكبر خلال شهر رمضان وما بعد الشهر الفضيل، مضيفا أنه سيتم عقد لقاءات مع القطاع التجاري من منتجي ومستوردي المواد الغذائية، وعقد لقاء آخر مع ممثلي القطاع التجاري "غرفة تجارة الاردن" والطلب من الغرفة توجيه القطاع التجاري لتعزيز المخزون، والطلب من التجار الحفاظ على استقرار الأسعار للحيلولة دون حدوث أي تشوهات في السوق، ومراقبة العروض التي تقدمها المحلات التجارية خلال شهر رمضان لضمان مدى التزام هذه المحلات بما تعلن عنه من تخفيضات للأسعار، وأن تكون السلع التي يتم تخفيض الأسعار عليها "العروض" صالحة للاستهلاك وسليمة، مشيرا إلى أنه سيتم الطلب من الجهات المختصة بتشديد الرقابة خلال شهر رمضان.

وقال برماوي إن هناك دورا رئيسيا لوزارة الصناعة والتجارة في المركز ودور آخر أساسي موازي للمديريات الصناعية والتجارية في المحافظات حتى تكون الرقابة شاملة في جميع مناطق المملكة، بحيث تقوم المديريات بإجراء دراسة ميدانية مستمرة، وفرض رقابة مكثفة على السوق لضمان عدم حدوث أي اختلالات في السوق.

وأضاف برماوي أن الأساس هو أن يتم توفير السلع بكميات كافية في السوق وهذا من شأنه خلق التنافس بين القطاع التجاري، وبالتالي الانعكاس على الأسعار.

وأوضح برماوي أن وزارة وبحكم التشريعات الناظمة للسوق المحلي وتحديدا قانون الصناعة والتجارة وقانون المنافسة الذي اشتمل على العديد من التعديلات كالعقوبات الرادعة التي تعالج حالات المغالاة في الأسعار، من شأنها أن تضبط السوق وتجبر القطاع التجاري على الإعلان عن الأسعار، مبينا أن الوزارة فرغت مؤخرا من إعداد مشروع قانون حماية المستهلك الذي تم تحويله إلى رئاسة الوزراء للسير في باقي المراحل الدستورية، مشيرا إلى أن القانون من شأنه حماية المواطن من الاستغلال من قبل التجار.

وأكد برماوي أن الأسواق الاستهلاكية العسكرية والمدنية وجدت بالفعل للتخفيف عن المواطنين، من خلال توفير السلع بهوامش ربح قليلة جدا، وهذا من شأنه خلق حالة تنافس مما يؤدي إلى قيام التجار بتخفيض أسعارهم لجذب المواطن، مشيدا بالتعاون بين الوزارة والمؤسسة الاستهلاكية العسكرية والمدنية، والتنسيق الدائم والمستمر مع هذه الجهات لتفعيل دور المؤسسة.

وأشار البرماوي إلى أن هناك العديد من أصناف اللحوم الطازجة والمجمدة والبلدية، بالإضافة إلى الأصناف الأخرى التي يتم استيرادها من الخارج وتخضع للفحوصات والمقاييس، وهذا يؤدي إلى خيارات متاحة أمام المواطن للاختيار من غير التعرض للاستغلال.

وبين برماوي أن طريقة عمل الوزارة مع السوق ليست عشوائية ، ولكن تأتي بحكم تزايد معدلات الاستهلاك في شهر رمضان، وقبل عدة أشهر، مشيرا إلى الرقابة الدائمة على الأسواق، مضيفا أن الرقابة تحتاج إلى جهد جماعي من المواطنين، مهيبا بالمواطنين الاتصال بغرفة العمليات الموجودة في الوزارة للابلاغ عن أي تجاوز أو خلل من قبل التجار.

من جانبها اعتبرت جمعية حماية المستهلك الخطط التي تعدها وزارة التجارة والصناعة لا تحمي المستهلك، وأنها "لا تسمن ولا تغني من جوع".

وقال رئيس الجمعية الدكتور محمد عبيدات لـ"الحقيقة الدولية" إن قانون وزارة الصناعة والتجارة المتعلق بالمستهلك يعاني من خلل، مؤكدا أن الجمعية تطالب الوزارة بإيجاد قانون جاد لحماية المستهلك الأردني من ارتفاع الأسعار.

وبين الدكتور عبيدات أن الجمعية طالبت الحكومة بإيجاد مرجعية حقيقية لهيئة مستقلة مالية وإداريا تكون مرتبطة بشكل مباشر برئيس الوزارء وتعنى بحماية المستهلك، على غرار العديد من الهيئات المستقلة.

وأشار إلى أن وزارة الصناعة والتجارة خدمت بشكل غير مباشر التجار من خلال عدم إيجاد قانون يحمي المواطن، مبينا أن أحد وزراء الصناعة السابقين رفع قضية على تجار اللحوم الذين يخلطون بين الحوم البلدية والمستوردة، لكن القضاء برأهم لعدم وجود قانون لدى الوزارة يدين مثل هذه الأفعال.

وأضاف أن جمعية حماية المستهلك تلقت آلاف الشكاوى من المواطنين حول كفالات الأجهزة الكهربائية، يشكونفيها من تعطل أجهزة الكهربائية بعد مدة قصيرة من شرائها ولدى مراجعنهم للشركة المختصة بالكفالات يتضح أنها لا تكفل هذه الأجهزة على الرغم من وجود كفالة لمدة عام أو أكثر مع هذه الأجهزة.

وتعليقا على إعداد الوزارة لمشروع قانون حماية المستهلك والذي تم تحويله إلى رئاسة الوزراء للسير في باقي المراحل الدستورية، قال عبيدات أن الجمعية لها تحفظ على هذا المشروع، مستبعدا في ذات الوقت أن يحمي هذا القانون المستهلك.

وتطرق الدكتور عبيدات إلى موضوع الرقابة على أسعار المواد الغذائية، حيث قال إن الرقابة ليست مجدية، مؤكدا أن يجب مراقبة الأسعار بشكل دوري ومستمر وإلا تقتصر على شهر رمضان المبارك وحسب.

وأكد أن الجمعية نرفض رفضا تاما رفع أسعار الكهرباء على القطاعات التجارية التي لا تحقق مردود مالي كبير، لأن ذلك سيؤثر على المواطن بالدرجة الأولى، مبينا أنه تم الاجتماع مع وزارة الطاقة لبحث موضوع رفع أسعار الكهرباء وتم وضع مقترحات لحل المشكلة من ضمنها رفع الأسعار على القطاعات التي تحقيق عائدا ماليا ضخما.

وفيما يخص العروض على المواد الغذائية والتي تلجأ إليها بعض المتاجر، رحب رئيس جمعية حماية المستهلك بهذه العروض التي تخفف على المواطن من ارتفاع الأسعار، محذرا في ذات الوقت من أن يتأكد المواطنون من سلامة هذه المواد من خلال التحقق من تاريخ انتهاء صلاحية هذه المواد، وعدم اللجوء إلى تلك العروض على حساب الجودة.
بدوره قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن وممثل قطاع المواد الغذائية فيها خليل الحاج توفيق إن الحكومة ستوصل المواطن إلى طريق مسدود بسبب سياساتها في رفع أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل "غير مبرر"، بالإضافة إلى وضعها خطط غير منطقية ومحكوم عليها "بالفشل" مسبقا، وذلك في إشارة للخطة التي وضعتها وزارة الصناعة والتجارة لشهر رمضان المبارك.

وأكد الحاج توفيق في حديثه لـ"الحقيقة الدولية" أن ما تقوله الحكومة بأن الزيادات على أسعار الكهرباء وبعض المشتقات النفطية لن تؤثر على أسعار المواد الغذائية "غير صحيح"، معللا ذلك بأن التجار وحتى الصغار منهم سيرفعون أسعار المواد الغذائية بناء على ارتفاع التكاليف عليهم، مبيينا أن التاجر لن يقبل بالخسارة في نهاية المطاف وسيكون المواطن هو "الضحية" بسبب إجراءات الحكومة "الغير منطقية".

وأشار إلى أن بعض النواب يدعون لإعادة وزارة التموين من جديد من باب "لفت الأنظار لهم وإرضاء أبناء محافظاتهم فقط"، مؤكدا أن إعادة تلك الوزارة سيتسبب بمشاكل أكبر بكثير، وستجبر المواطن على استهلاك مواد تفرضها عليه الوزارة حتى وإن كانت غير مناسبة له في ظل وجود تنوع للبضائع بالسوق المحلية وتنافسية بين التجار تتيح للمواطن فرص أكثر لاختيار ما يتناسب ووضعه الاقتصادي .

ونفى "الحاج توفيق" أن يكون هناك تاجر أو مجموعة من تجار يتحكمون بأسعار المواد الغذائية بالكامل، لأن السوق اليوم أكثر انفتاحا من السابق ولم يعد الاحتكار والتحكم بالأسعار "موجودا الآن"، مستثنيا تجارة اللحوم وذلك بسبب شروط وزارة الصناعة والتجارة "التعجيزية" بمنح رخص لمستوردي اللحوم وهو ما يجعل مجموعة من التجار يسيطرون على هذا القطاع تحديدا.

وفي ما يخص قانون المالكين والمستأجرين قال الحاج توفيق "إن هناك نواب متنفذون داخل مجلس النواب هم من عملوا على إقرار قانون متحيز للمالك على حساب المستأجر مع أن المستأجرين هم الشريحة الأكبر في المجتمع الأردني"، مطالبا بأن يكون قانون المالكين والمستأجرين منصف لكلا الطرفين ولا ينحاز لطرف على حساب الآخر.



المصدر: الحقيقة الدولية- عمان- إبراهيم الشيخ