البترا - زياد الطويسي - « كل ثلاثة حجار بدينار أو دولار».. هكذا يروج بائعو الحجارة الملونة المقتلعة من مغر البترا وحجارها الأثرية سلعتهم، التي تعتبر إرثا حضريا يمنع المتاجرة به بأي شكل من الأشكال، وسط ضعف اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يمارسك هذا السلوك.
عشرات الأطفال والبائعين من المتجولين وأصحاب البسطات يمارسون هذا العمل، بعد أن يقوموا بكسر الحجارة الملونة على شكل قطع صغيرة، حتى أصبح بيع الحجارة مهنة تتخذ من قبل البعض وخاصة صغار السن.
«الرأي» جالت في أنحاء المدينة، ولاحظت رواج هذه الظاهرة، حيث أكد أحد الأطفال من بائعي الحجارة «أنهم يقومون بتكسيرها واقتلاعها من المغر والحجارة»..
ويؤكد مراقبون في محمية البترا الأثرية -رفضوا الكشف عن أسمائهم- أن بيع الحجارة الملونة وتكسيرها يعد من المحظورات، مشيرين إلى أنهم قاموا بتحرير مئات المخالفات بحق البائعة والأطفال دون أن تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.
وبينت نتائج دراسة علمية صادرة عن كلية الآثار بجامعة الحسين (عام 2010) اقتلاع الحجارة الملونة من داخل الكهوف وأسطح الواجهات لغاية بيعها للسياح من تحديات العامل البشري التي تواجهها المدينة، مطالبة بضرورة تطبيق الإجراءات القانونية اللازمة للحفاظ على المعالم الأثرية في البترا.
وفي موازاة ذلك، دعا عاملون ومهتمون بالشأن السياحي إلى ضرورة الحد من هذه الظاهرة التي باتت تهدد إرث البترا الحضاري، مشيرين إلى أنها جزء من سلسلة اعتداءات بشرية يتعرض لها الإرث الحضاري في المدينة.
ويقول رئيس قسم الآثار في كلية البترا التابعة لجامعة الحسين الدكتور محمد الطراونة، أن هذه الحجارة يتم تكسيرها من الحجارة الموجودة في الموقع الأثري والواجهات، وبعضها من الحجارة التي تم استخراجها بواسطة الحفريات الأثرية.
وأكد أن هذا السلوك يشكل تدميرا للإرث الحضاري في منطقة البترا، إلى جانب أن استمراره قد أسهم بزيادة أعداد القائمين على بيع هذه الحجارة وخاصة من الإطفال، مشيرا إلى أن بيع الحجارة الملونة يعد جزءا من بيع أدوات أخرى ذات قيمة أثرية كالقطع الفخارية.
وطالب بضرورة وضع حد لظاهرة بيع الحجارة الملونة من أجل وقف الاعتداء على إرث البترا من ناحية، ونظرا لما يعكسه بيعها من انطباع سلبي لدى السياح عن سمعة السياحة في المدينة.
وأشار الخبير السياحي نيازي الشبعان، إلى هذه الظاهرة سيترتب عليها نتائج سلبية مستقبلا، خصوصا وأن الحجارة تقتلع من صخور البترا وبعض واجهاتها، مبينا أن هناك انتقادات من قبل السياح لهذا السلوك. ودعا الجهات المسؤولة إلى ضرورة التنبه لهذه الظاهرة واتخاذ الإجراءات التي توقفها، حماية لإرث البترا الحضري وحفاظا على معالم المدينة.
مفوض شؤون المحمية الأثرية والإرث الحضاري في إقليم البترا التنموي السياحي الدكتور عماد حجازين، أشار إلى أن هذه الظاهرة تعد جزءا من عدة تحديات يعيشها الموقع الأثري في البترا بسبب العامل البشري.
وأشار إلى أن اللجنة الحكومية التي تم تشكيلها أواخر العام الماضي لدراسة التحديات التي تواجه البترا ووضع الحلول لها، قد اقترحت إنشاء سوق تراثي في المدينة باعتباره الحل الأمثل للحد من تواجد العمالة في المنطقة الأثرية من جانب، ولفرض الرقابة بشكل أفضل على المنتجات التي يباع بها.
ودعا إلى ضرورة تفعيل نظام الضابطة العدلية لدى مراقبي المحمية الأثرية، من خلال إنشاء محكمة متخصصة بالنظر في المخالفات التي تحدث داخل الموقع الأثري، وذلك بهدف السيطرة عليها وللمساهمة بضمان حماية الإرث الحضري في المدينة.
وبينت مصادر في إقليم البترا أنه سيتم اتخاذ مزيد من الإجراءات بالتعاون مع عدة جهات مسؤولة بهدف الحد من عمالة الأطفال في المنطقة الأثرية، لأن الحد من عمل الأطفال سيسهم بوقف جزء كبير من الاعتداءات على الموقع الأثري، خصوصا وأن الأطفال هم الذين يقومون بتكسير الحجارة وبيعها.
يشار إلى أن الاعتداء على الحجارة والواجهات الصخرية في البترا، يعد جزءا من سلسلة اعتداءات تتعرض لها مختلف المواقع الأثرية في المدينة بسبب العامل البشري.
المفضلات