تابــــــــــــــــع الوعد القرآني في سورة الأعراف
تدافع الأمم وتعاقبها:
وحديث سورة الأعراف عن الأجل المحدد لكل أمة، يقدم وعداً ناجزاً، بإزالة قوة وسلطان أمم قوية، وإيجاد أمم أخرى وارثة لها: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ).
وهذه الآية تقرر حقيقة قرآنية تاريخية، حول (تعاقب) الأمم، وتدافعها فيما بينها، وتداو الأيام والزمان بينها، فللأمم أعمار مثل الأفراد، فالإنسان يولد صغيراً، ثم يكون فتى فشاباً فكهلاً فشيخاً، ثم عجوزاً هرماً، ثم يتوفاه الله.. وهكذا الأمم: تنشأ الأمة وتتحرك بحركة فتية، ويقوى سلطانها، وتعلو كلمتها، وتهابها باقي الأمم، ثم تكبر وتشيخ، ثم تهرم وتعجز، ثم تنتهي من التأثير والسلطة، وتتحول من القيادة إلى التبعية، فتذل لأمة أخرى، وتعجِز أمامها! وسبحان الباقي القوي الواحد القهار.
لقد انتهت أمة اليونان عندما جاء أجلها، وانتهت أمة الرومان عندما جاء أجلها، وانتهت أمة الفرس عندما جاء أجلها، وورثها الإسلام الحي المؤثر..
وانتهت في العصر الحديث أمم كبرى عندما جاء أجلها؛ كالفرنسيين والإنكليز، والروس والألمان واليابان.. وأمريكة الآن دولة قوية، وأمة عظمى، تتحكم في العالم، ولكنها لن تكون مخلّدة، فالله حدد لها أجلاً، لا بد أن يأتيها، فإذا حان أجلها أنهاها الله، وأزالها عن مركز السيطرة والهيمنة، وهذا وعد نافذ عند الله. وسيرثها الإسلام العظيم، الذي جعله الله دين العالمين حتى قيام الساعة!.
موسى بعد أتباعه بالفرج والنصر:
ثانياً: قوله تعالى: (وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ، قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [الأعراف: 127-129].
تتحدث هذه الآيات عن مشهد من مشاهد قصة موسى عليه السلام مع فرعون، ليأخذ المسلمون منها الدلالة والعبرة.
وكان حديث الآيات السابقة عن إيمان السحرة بموسى عليه السلام، ومفاجأة فرعون بذلك، وتهديدهم بالقتل والصلب والهلاك والفناء.
أما هذه الآيات فإنها تتحدث عن تهييج الملأ لفرعون، ضد موسى وأتباعه المؤمنين، وتحريضه على قتلهم، وتوعّد فرعون بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم.
وواجه موسى عليه السلام هذا الوعيد والتهديد، بدعوة أتباعه إلى الإيمان بالله، والاستعانة به، والتوكل عليه، والصبر على كل ما يلاقون من العذاب..
ووعدهم الفرج والخلاص والنجاة، فالأرض لله وليس لفرعون، والله يزيل الطغاة الظالمين، ويورثها عباده المؤمنين الصابرين.
ولكن بني إسرائيل كانوا متوتّرين نزقين، ضيقي الصدور، فلم يستجيبوا لوصية موسى عليه السلام، ولم يأخُذوا ما بشّرهم به، وآذوه قائلين: (أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا).
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــع
وعود القرآن بالتمكين للإسلام
الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي
المفضلات